مولدات الكهرباء تحصد أرواح 30 فلسطينيا في قطاع غزة

يستعملها الناس لتعويض الانقطاع المتواصل

TT

لم يكد يجلس حول طاولة الإفطار قبيل رفع أذان المغرب في معية أبنائه حتى رن الهاتف الجوال، وكان على الخط الثاني مسؤوله في العمل يطلب منه الإسراع فورا للمشاركة في محاولة إنقاذ أفراد عائلة أخرى انفجر في منزلها مولد كهرباء. ورغم مظاهر عدم الرضا التي بدت على وجوه أبنائه وزوجته لم يكن بد أمام الدكتور حسن سوى التوجه إلى قسم الاستقبال في مستشفى دار الشفاء للإسهام في إسعاف الحالة.

وتتكرر مثل هذه الحوادث كثيرا في قطاع غزة، فحسب معطيات رسمية صادرة عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة بالأراضي الفلسطينية (أوتشا) فقد قتل 30 مواطنا غزيا بسبب انفجار مولدات الكهرباء منذ بدء العام الحالي. وربط المكتب بين هذه الحوادث والحصار المفروض على قطاع غزة الذي يجعل الناس تقبل على اقتناء المولدات لتقليص الأضرار الناجمة عن انقطاع التيار الكهربائي.

وتعدد أسباب حالات الموت المرتبطة بتشغيل مولدات الكهرباء حسب ظروف البيت، ففي كثير من الأحيان تنتج الوفاة عن حالات الاختناق جراء استنشاق الغازات السامة المنبعثة من عوادم المولدات، وفي أحيان أخرى يتم جراء انفجار المولدات ذاتها.

كان لرحاب سبب وجيه للشعور بالسعادة الغامرة مطلع شهر رمضان، بعد تكشف حقيقة انفجار ضخم في الطابق الأرضي في منزلها الذي يقع في مخيم المغازي للاجئين، فقد أدركت رحاب أن الحديث يدور عن انفجار مولد الكهرباء الذي كان يعمل في ذلك الوقت بسبب انقطاع التيار الكهرباء، فتملكها الفزع بداية بعد أن خشيت من أن يكون نجلها أحمد قد أصيب في الانفجار، فلم تقوَ إلا على الصراخ لهول الموقف ولم تُفِق إلا بعد أن عانقها أحمد.

في المنطقة الجنوبية الشرقية من قطاع غزة توفيت أم وثلاثة من أطفالها جراء استنشاق غازات عوادم المولد الذي كانت تضعه العائلة في شرفة منزل قريبة من غرفة النوم، فواصل الضحايا استنشاق الغازات حتى اختنقوا.

وأخطر العوادم المتصاعدة هو غاز أول أكسيد الكربون، وهو غاز سام، ويؤدي إلى انسداد الشعب الهوائية والتسبب في حوادث الاختناق القاتلة. ويصف الدكتور محمد العطار مدير الإسعاف والطوارئ في جهاز الدفاع المدني عوادم المولدات بالقاتل الصامت لأنه ينتج ثاني أكسيد الكربون الذي ليس له رائحة ولا لون ويقوم بالالتصاق في خلايا الدم ويحل محل الأكسجين مما يسبب حالات الاختناق أثناء النوم. ويؤكد يوسف الزهار مدير الدفاع المدني في قطاع غزة أن البعض لا يقوم بتجفيف المولدات في حال سال عليها البنزين أثناء عملية تغذية المولد بالوقود، لذلك فإنه عند التشغيل تنطلق شرارة تؤدي إلى اشتعال البنزين وبالتالي المولد، مما يؤدي إلى كوارث كبيرة.

وعلى الرغم من الضائقة الاقتصادية التي يمر بها أهالي غزة فإنه سرعان ما تنفذ أي كمية من المولدات تهرب عبر الأنفاق بسبب الإقبال الهائل عليها لعدم قدرة الغزيين على التطبيع مع الانقطاع المتواصل في التيار الكهربائي الذي يصل في المتوسط إلى أكثر من 14 ساعة في اليوم. وتقول «أوتيشا» إن مجمع الوقود الذي تسمح إسرائيل بوصوله لتشغيل محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع يصل إلى 36% فقط من حاجة المحطة رغم الحديث المتواصل عن تخفيف مظاهر الحصار.