مسؤول أميركي لـ«الشرق الأوسط»: العقوبات الدولية على إيران غير محكمة ولكن أثرها كبير

دبلوماسي غربي: فكرة أن النظام الإيراني يقاوم الضغوط مهما كان الثمن.. خرافة

رجل أمن إيراني يتحدث إلى الحصافيين أمام مفاعل بوشهر النووي بالقرب من طهران (رويترز)
TT

أكد مسؤول أميركي لـ«الشرق الأوسط» أن العقوبات الدولية التي فرضت مؤخرا على إيران تؤثر على قدرات إيران التجارية والاستثمارية، على الرغم من اعترافه بأن «العقوبات ليست محكمة».

وأشار متحدث باسم الخارجية الأميركية في لندن الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» شرط عدم الكشف عن اسمه أنه لا يوجد نظام عقوبات كامل في العالم، وقال: «العقوبات على إيران ليست محكمة، لن تكون كذلك أبدا، ولكن لها تأثير كبير.. ما تفعله أنها ترفع الكلفة على إيران للقيام بأعمالها التجارية». وكشف أن واشنطن ستسعى للضغط باتجاه إقرار عقوبات إضافية على إيران في مجلس الأمن الدولي خلال العام المقبل.

وأقرت الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مجموعة عقوبات جديدة على إيران خلال الأسابيع الماضية، تهدف إلى الحد من مبادلات إيران التجارية، واستهدفت قطاعات النفط والشحن البحري والقطاع المصرفي. وتتحضر بلدان أخرى، مثل كندا وأستراليا، لفرض عقوبات أحادية جديدة على إيران.

وكان رئيس وكالة الطاقة النووية الإيرانية علي أكبر صالحي قد اعترف للمرة الأولى في بداية الشهر الحالي بأن العقوبات الجديدة المفروضة على طهران قد تعوق تقدم برنامج إيران النووي، ولكن لن توقفه. وتقدر واشنطن أن لدى إيران عاما على الأقل قبل التوصل إلى إنتاج أسلحة نووية. وقال المتحدث الأميركي ردا على سؤال حول ما يمكن أن تحقق العقوبات خلال عام من الآن: «سيكون لها بعض التأثير وسيكون هناك جهود مستمرة للنظر في عقوبات إضافية ربما في المستقبل». وأضاف: «البلدان التي يتألف منها مجلس الأمن مستعدة لمتابعة سياسة إشراك إيران في برنامجها النووي».

إلا أن دبلوماسيا غربيا تحدث أيضا لـ«الشرق الأوسط» شرط عدم الكشف عن اسمه كان أكثر تفاؤلا بقدرة العقوبات على تليين النظام في إيران، على الرغم من أنه أشار إلى أنه سيكون من الصعب معرفة مدى نجاح العقوبات. وقال: «لقد رأينا في مناسبات مختلفة أنه عندما يزداد الضغط على إيران، فإن النظام يبدي استعداده للتفكير مرتين». وأعطى مثلا على ذلك ما حصل في الأشهر الأخيرة، عندما أعلنت إيران فجأة تقديم تنازلات للبرازيل وتركيا قبل ساعات من إرسال مسودة قرار العقوبات إلى الأمم المتحدة حول الوقود النووي. وأضاف الدبلوماسي: «فكرة أن هذا نظام يقاوم الضغوط وسيبقى متمسكا بالتقدم مهما كان الثمن، هي خرافة».

ولكنه تحدث عن أسباب عدة تجعل من الصعب معرفة مدى تأثير العقوبات على النظام الإيراني، وقال: «لن يكون هناك تحذير مسبق لمدى تأثيرها، وأي نوع من التغيير سيأتي من لا مكان». وقال إن أحد الأسباب «مقاربة السلطات الإيرانية للمسألة واعتمادها أسلوب الاستخفاف بالعقوبات، وثانيا بسبب عدم شفافية الاقتصاد الإيراني نفسه والذي يجعل من المتعذر الاعتماد على الأرقام والإحصاءات التي نراها». وتحدث أيضا عن أن «العقوبات لا تطبق في نظام يعمل بشكل جيد، حيث الوضع الاقتصادي مترد والأوضاع السياسية معقدة». وقال: «إذا أخذنا في عين الحسبان البطالة والتضخم ونقص الاستثمار الدائم في قطاعي الغاز والنفط، وقضية عدم إدارة الحكومة للاقتصاد بشكل جيد.. فإن العقوبات عنصر إضافي سيؤدي إلى قضم ظهر البعير».

وعلى الرغم من أن البعض يشكك بأن العقوبات الدولية قادرة على لجم إيران، ويستندون بذلك إلى تجارب سابقة مثلا في العراق، فإن إدارة أوباما والاتحاد الأوروبي يصران على اعتماد سياسة الإشراك والضغط مع إيران لمنعها من الحصول على أسلحة نووية. وقد اتفق المسؤولان اللذان تحدثا لـ«الشرق الأوسط» على أن المجموعة الجديدة من العقوبات هي أقوى من السابقة، وتصعب على إيران أن تقوم بأعمالها التجارية.

وشدد المسؤول الأميركي على أن «الولايات المتحدة مصممة على منع إيران من الحصول على أسلحة نووية، ونعتقد أن سياسة الإشراك والضغط على إيران هي الطريقة الأكثر فعالية لوقف برنامج إيران النووي». وأضاف: «نريد أن نثبت لإيران وللشعب الإيراني فوائد التجاوب مع التزاماتها الدولية، ونريد أن نكثف تكلفة التحدي المستمر ونظهر لإيران أن إصرارها على الحصول على أسلحة نووية سيجعلها أقل أمنا وليس العكس». وتعتبر واشنطن مفاعل بوشهر الذي بدأ العمل به لإنتاج الطاقة النووية المدنية الأسبوع الماضي، بعد أن بدأت روسيا تزويد المفاعل بالوقود النووي، نموذجا لما يمكن أن يكون عليه تطوير الطاقة النووية الإيرانية. وقال المسؤول الأميركي عن ذلك: «مفاعل بوشهر لا يعمل ضد المعايير الدولية وهو جزء من اتفاق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.. ونريد أن يكون هذا نموذجا لتطوير إيران طاقتها النووية».

وتعتقد واشنطن أن العقوبات تصعب على إيران القيام بأعمالها التجارية وتعيق جذب الاستثمارات خصوصا في قطاعي النفط والغاز. وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية عن ذلك: «الأمر يصبح أصعب وأصعب على إيران لكي تقوم بتداولاتها التجارية بالطريقة التقليدية، خصوصا في مجال النفط حيث بدأنا نرى أن إنتاجها من النفط بدأ يتراجع، كما أننا نرى الآن أنه نتيجة للعقوبات الجديدة توقفت شركات نفطية عن تأمين منتجات بترولية لإيران غير القادرة على تكرير كميات كافية من النفط...». وأضاف: «رأينا خلال الأعوام القليلة الماضية أن هناك مشاريع استثمار في قطاع النفط والغاز بقيمة 50 إلى 60 مليار دولار تم إيقافها أو تعليقها، وجزءا منها بسبب محادثاتنا مع الحكومات والشركات».