المخاوف الأمنية تهدد الانتخابات الأفغانية وتشكل خطورة على السياسيين والناخبين

المرشحون هدف رئيسي لمتمردي طالبان وأمراء الحرب وتجار المخدرات

مواطنون افغان يمرون امام ملصقات دعائية للانتخابات البرلمانية المقبلة في العاصمة كابل امس وسط تصاعد حدة تهديدات طالبان (أ. ب)
TT

خلال جولة انتخابية قام بها مؤخرا في مدينة قندهار، جلب مرشح البرلمان خالد باشتون معه ضروريات الجولة: الملصقات والمنشورات الانتخابية وخمسة عشر من الحراس المدججين بالمسدسات والبنادق.

وباشتون، الذي يسعى لإعادة انتخابه، يرى أنه شخص مميز وهدف رئيسي لمتمردي طالبان وأمراء الحرب وتجار المخدرات الذين يهدفون إلى خلق حالة من الفوضى خلال الانتخابات المقرر إجراؤها في الـ18 من سبتمبر (أيلول). وقد تم اغتيال ثلاثة مرشحين للبرلمان بالفعل، ويوم السبت نصب المتمردون كمينا مسلحا لقافلة مرشح رابع في مدينة هيرات، وعلى الرغم من أنه نجا فإن شقيقه قتل في الكمين.

وهذه الأحداث لا تقلق باشتون فقط ولكن تقلق جميع الناخبين في دائرته أيضا، وهو ما اضطره إلى قصر الولائم التي كان ينظمها منذ خمسة أعوام ويدعو إليها 500 شخص، على لقاءات صغيرة مع بضع عشرات من شيوخ القبائل الذين لديهم شجاعة كافية للقائه.

وفي مقابلة معه في منزله في العاصمة كابل، الآمنة نسبيا، قال باشتون: «أنا لست خائفا من تبادل إطلاق النار مع المتمردين، فنحن لدينا القدرة على أن ندافع عن أنفسنا، لكن ما أخشاه هو الهجمات الانتحارية».

وقد أدى تزايد الهجمات التي تشنها الجماعات المناهضة للحكومة في جميع أنحاء أفغانستان، ولا سيما في الجنوب والشرق، إلى ترويع الكثير من المرشحين لمقاعد مجلس النواب البالغة 249 مقعدا، فضلا عن الناخبين. وأعلن مسؤولو الانتخابات الأفغانية الأسبوع الماضي أن 938 مركزا من مراكز الاقتراع بالبلاد، البالغة 6835، ستظل مغلقة يوم الانتخابات بسبب المخاوف الأمنية، مما سيؤدي إلى عدم تمكن 1.5 مليون من الناخبين، من إجمالي 13 مليون ناخب مسجل من المشاركة في الانتخابات.

وقال مسؤولون إن إغلاق مراكز الاقتراع هذه هو أحد الآثار الجانبية للاستراتيجية التي تتبنها لجنة الانتخابات بهدف تجنب تكرار عمليات الاحتيال والتزوير التي وقعت في انتخابات الرئاسة التي أجريت العام الماضي، عندما تمكن الرئيس حميد كرزاي من الاحتفاظ بمنصبه وسط اتهامات واسعة النطاق بالتزوير والرشوة.

وفي هذا السياق يقول زكريا باراكزاي، نائب رئيس لجنة الانتخابات المستقلة: «الدرس الذي تعلمناه من الانتخابات الماضية هو أن عدم وجود الأمن يخلق فرصة لأولئك الذين يريدون القيام بعمليات احتيال».

وتعهد باراكزاي بإجراء الانتخابات التي تم تأجيلها من الربيع الماضي، في الشهر المقبل على الرغم من دعوات بعض المرشحين بتأجيلها مرة أخرى. وقال باراكزاي إن لجنة الانتخابات قد قامت بتحسين الأمن المتعلق بعملية الانتخابات، وزادت مراجعة خلفيات موظفيها وأعدت قائمة سوداء تضم 6000 اسم لأشخاص تورطوا في عمليات الاحتيال التي شابت انتخابات العام الماضي، ولن تسمح لهم بالمشاركة في الانتخابات القادمة. وقال باراكزاي إنه يستهدف مشاركة 40% من الناخبين، وتقليص التزوير إلى 10%.

وأشادت منظمات المراقبة الدولية بقيام اللجنة بالإعلان عن قائمة مراكز الاقتراع التي سيتم إغلاقها قبل الانتخابات بفترة كافية، لكنهم أشاروا إلى أن اللجنة لم تتخذ ضمانات هامة أخرى، مثل إنشاء مجلس للرقابة الدولية للتحقيق في تقارير حدوث مخالفات.

وقال أحمد نادر نادري، رئيس مؤسسة «انتخابات أفغانية حرة ونزيهة»، إن منظمته سجلت زيادة كبيرة في الأنشطة التي تقوم بها حركة طالبان لإرهاب الناخبين والمرشحين، وبخاصة النساء، فضلا عن تهديدات من أمراء الحرب الذين دعموا مرشحين، تم اختيارهم بشكل شخصي، ضد منافسين أضعف.

وبالمقارنة مع الانتخابات الرئاسية التي جرت في الصيف الماضي، يقول نادري: «إن الانتخابات القادمة ستمثل تحديا أكبر من الناحية الأمنية، من حيث الظروف على المستوى المحلي، وإن محاولات شراء وإقناع موظفي لجنة الانتخابات بمحاباة مرشح بعينه سوف تكون أكثر بكثير، ولكن لا يوجد كثير من آليات الحماية».

ويتحدث المرشحون عن أن طالبان تطلق تحذيرات في المساجد إلى الرجال بالابتعاد عن صناديق الاقتراع، وعن بيع مسؤولين محليين فاسدين بطاقات انتخابية بأعداد كبيرة للمرشحين الذين يدفعون أكثر، وكذلك التهديدات العنيفة من جانب المسلحين.

والمرشح داود سلطانذو، الذي يسعى لإعادة انتخابه عن منطقة أجريستان من إقليم غزني المضطرب، قال إن ابن عمه الذي لديه ستة أطفال «تم اقتياده من منزله وتم إطلاق النار على رأسه ثلاث مرات بسبب علاقته بي».

ولم يقضِ سلطانذو سوى يومين فقط في منزله في المنطقة في السنوات الثلاث الماضية، وهو يخشى القيام بحملة انتخابية هناك.

وأضاف سلطانذو، الذي يعيش في منزل مستأجر في كابل: «هذا أمر مستحيل، وأنا جالس هنا، لم أقم حتى بطباعة الملصقات. كيف يمكنني الذهاب إلى هناك ولصقها؟».

وقال مسؤولو الانتخابات إن 107 من إجمالي 349 من مراكز الاقتراع في غزني سيتم إغلاقها خلال يوم الانتخابات. وقال سيد إسماعيل جاهانغير، المتحدث باسم حاكم المقاطعة موسى خان أكبر زاده، إن المرشحين يمكنهم طلب الحماية من الشرطة والجيش الأفغانيين. وأضاف أن القوات البولندية والأميركية قد وعدوا بالمساعدة في تأمين المحافظة في يوم الانتخابات.

وعندما علم بالمخاوف التي تسيطر على سلطانذو اقترح جاهانغير عليه أن يتجنب أجريستان، التي يقطنها 85000 نسمة، ويقوم بحملته الانتخابية في مناطق أكثر أمنا.

واستطرد قائلا: «لدينا 82 رجلا و13 سيدة للترشيح للمنصب، ويقومون بحملاتهم كل يوم في إقليم غزني». وعلى الرغم من المخاوف الأمنية فإن عدد المرشحين كبير، ووفقا للجنة الانتخابات يوجد 2556 مرشحا يتنافسون على 249 مقعدا، بما في ذلك 406 مرشحات يتنافسن على 68 مقعدا مخصصة للنساء. وبحسب أحد مسؤولي الانتخابات فإن ورقة الاقتراع في كابل مؤلفة من ثماني صفحات، وقد اشتكى بعض المراقبين من أن الكثير من المرشحين هم أمراء حرب وتجار مخدرات ومجرمون.

*خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط» - ساهم في هذا التقرير قدرة الله أندار المراسل الخاص لـ«واشنطن بوست»