خبير أمني: تنظيم القاعدة حريص على نجدة حلفائه إذا كانوا في مأزق

مدير مركز الاستشارة الأمنية «ساحل إنتلجنس» بباريس يرى أن فرنسا مستهدفة بسبب إرثها الاستعماري

صامويل بن شمعون
TT

قال خبير في شؤون الأمن بالساحل الأفريقي إن الإفراج عن رهينتين إسبانيين كانا محتجزين في مالي، تم على الأرجح بعد مفاوضات مع الخاطفين أفضت إلى إطلاق سراح أحد أشهر المهربين بالمنطقة (عمر الصحراوي)، بناء على شرط فرضه تنظيم «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي»، لأنه واحد من حلفائه في الساحل.

وقال صامويل بن شمعون، مدير مركز الاستشارة «ساحل إنتلجنس»، المتخصص في قضايا الإرهاب والتهريب وتجارة السلاح والهجرة السرية في الساحل، الذي يوجد مقره في باريس، بشأن تطورات الوضع بالمنطقة على خلفية إطلاق سراح رهينتين إسبانيين في مالي أول من أمس: «إن أكثر ما يهم في هذه القضية هو الثمن الذي تم دفعه نظير استعادة الرهينتين حريتهما، إذ تحوم ضبابية كبيرة حول هذا الجانب، فيما كتبت الصحافة الإسبانية أن حكومة مدريد دفعت ما بين 5 و20 مليون يورو للخاطفين».

ويرجح بن شمعون، الفرنسي الجنسية، الذي اشتغل مدة 20 عاما كمحلل في الجيش الإسرائيلي (غادره في 1999)، أن الإفراج عن عمر الصحراوي كان الشرط الذي خضعت له إسبانيا ومالي وموريتانيا مقابل إطلاق سراح روكوي باسكوال وألبرت فيلالتا بعد احتجاز دام منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني)الماضي. وأدان القضاء الموريتاني «الصحراوي» الذي يملك جنسية مالية بالسجن مدة 12 سنة، بتهمة بيع ثلاثة رعايا إسبان (تم الإفراج عن رعية واحدة في مايو/أيار الماضي) لتنظيم القاعدة. وتم ترحيله إلى مالي قبل 10 أيام.

وفسر بن شمعون «صفقة تبادل» حليف «القاعدة» بالمختطفين الإسبانيين سابقا، وقال: «لقد أضحى الأمر تقليديا على مستوى استراتيجية الجماعات الإرهابية في الساحل. فالمسلحون بحاجة إلى المهربين كقاعدة لوجستية ولكنهم أيضا بحاجة إلى إظهار حرصهم على بذل جهد كلما كان أحد حلفائهم في مأزق».

وأضاف: «إن اهتمام القاعدة بمصير من يدعمها يمثل أفضل رسالة يمكن توجيهها إلى داعمين مفترضين وآخرين هم في طور التجنيد في التنظيم. وكانت الجماعة السلفية للدعوة والقتال تفعل نفس الشيء، بمعنى أنها تبذل مجهودات كبيرة لاستعادة المساجين».

يشار إلى أن مالي أفرجت عن أربعة جهاديين في فبراير (شباط) الماضي بضغط من فرنسا. وأثمر هذا الضغط عن إطلاق سراح رهينة فرنسي.

وهدد التنظيم الإرهابي فرنسا بالانتقام لمقتل 6 من عناصره في غارة جوية نفذها الجيش الموريتاني في 22 يوليو (تموز) الماضي، بدعم من وحدات عسكرية فرنسية. وحرض تنظيم القاعدة في بيان، قبائل الصحراء على استهداف مصالح فرنسا بمالي والنيجر وبوركينا فاسو.

وحول حضور فرنسا شبه الدائم في خطاب «القاعدة»، قال الخبير الفرنسي: «فرنسا مستهدفة من طرف الإرهابيين بسبب الإرث الاستعماري الثقيل الذي تركته بالمنطقة. والقاعدة تريد أن تحارب مخلفات هذا الإرث. ثم إن هناك أمرا ثانيا، فالفرنسيون موجودون في لاشعور عناصر الجماعة السلفية للدعوة والقتال (تحولت مطلع 2007 إلى قاعدة المغرب الإسلامي)، وفي التركيبة النفسية للتنظيم، بسبب وجود فرنسا بالجزائر (اقتصاديا) وبسبب التعاون بين أجهزة الأمن في البلدين ضد الإرهاب منذ عقد التسعينيات من القرن الماضي».

ويعتقد الخبير أن منع النقاب في فرنسا «زاد في تردي صورة فرنسا لدى المتطرفين»، معتبرا إياه من الأسباب التي جعلتها هدفا للسلفيين الجهاديين. لكنه استبعد احتمال تنظيم هجمات فوق التراب الفرنسي من طرف «القاعدة»، «ومع ذلك لا ينبغي تجاهل ذلك»، يضيف بن شمعون، لأن قوة الجماعات المتطرفة تكمن في قدرتها على استحداث وسائل جديدة في زرع الرعب.

وختم بن شمعون بالقول «إن الأمر يتعلق في اعتقادي بمدى قدرة القاعدة على إقامة قاعدة لوجستية في أوروبا تكون منطلقا لشن اعتداءات».