ماكين يسعى للعودة إلى الأضواء السياسية عبر منبر الانتخابات التمهيدية لمجلس الشيوخ

TT

كان العمال منشغلين، الاثنين الماضي، بتزيين مركز فينيكس للمؤتمرات، استعدادا لاحتفال كبير لتكريم عضو مجلس الشيوخ، السيناتور جون ماكين، الذي أنهى بنجاح المعركة الضارية للانتخابات التمهيدية لعضوية مجلس الشيوخ. هذه لن تكون حفلة تقاعده، إذ أصبح من المتوقع أن يتقاعد بعد «ست سنوات».

استطلاعات الرأي أظهرت تقدم السيناتور ماكين (73 عاما) في الانتخابات، بفارق مريح يتراوح ما بين 15 إلى 21 نقطة، وذلك بحسب الجهة التي قامت بالاستطلاع على منافسه الجمهوري جي دي هيورث (51 عاما)، وهو محافظ ومقدم برامج إذاعية سابق وعضو في الكونغرس لست فترات، مما يعتبر تحديا كبيرا لماكين. لكنه على ما يبدو فقد زخمه مع مرور الوقت.

ويعتبر وضع ماكين المريح، واستعداد سكان أريزونا للتصويت (أمس) تحولا كبيرا عن موقفه في مطلع هذا العام، عندما كان ينظر إليه كضحية محتملة للتيار المناهض للسياسات التقليدية التي اجتاحت الولايات المتحدة، حتى إن بعض أنصاره كان يتوقعون أن يترك منصبه، مثل زملائه المخضرمين في مجلس الشيوخ، روبرت أف بينيت، وهو جمهوري من ولاية يوتا، وأرلين سبكتر، وهو ديمقراطي من ولاية بنسلفانيا. وماكين ليس عضو مجلس الشيوخ الجمهوري الوحيد الذي سيخوض الانتخابات التمهيدية الثلاثاء، فالسيناتور ليزا ميركوفسكي، في ولاية ألاسكا، توجه جو ميلر، وهو محام من منطقة فيربانكس تدعمه سارة بالين. وفي ولاية فلوريدا، فإن المعركة الرئيسية على الجانب الديمقراطي، حيث يواجه عضو مجلس النواب، كندريك بي ميك، الملياردير جيف غريني، في الانتخابات التمهيدية لمجلس الشيوخ.

وفي سباق ولاية أريزونا، كان لدى ماكين عدد من نقاط الضعف الواضحة: استمراره لمدة 27 عاما في منصبه في وقت تتصاعد فيه المشاعر المناهضة للاستمرار في المناصب، وجهوده البارزة لإصلاح نظام الهجرة التي لا تتوافق مع النهج المتشدد تجاه هذه القضية في ولاية أريزونا.

ولكن عن طريق الإنفاق بحرية، والتصرف كما لو كان سيخسر، نجح ماكين في تغيير الوضع. واستغل ماكين الأموال التي تبقت من حملته الفاشلة للانتخابات الرئاسية في هذه الانتخابات، فقد أنفق ما يزيد على 20 مليون دولار (مقارنة بنحو 3 ملايين دولار، أنفقها هيورث) مما جعل ظهوره وهجومه القاسي على هيورث، ينتشر في كل مكان على موجات الأثير في ولاية أريزونا. وأوضح محللون سياسيون أن إنفاق ماكين كان من بين أعلى المعدلات على الإطلاق بالنسبة للإنفاق على الانتخابات التمهيدية لمجلس الشيوخ في ولاية أريزونا، وبالنظر إلى عدد الأصوات، فإن المحللين يشيرون إلى أن هذا الإنفاق يصل إلى أكثر من 75 دولارا لكل صوت.

والسؤال الآن هو ما إذا كان تحول ماكين الحاد إلى اليمين خلال الحملة الانتخابية - حيث إنه أعلن عند نقطة معينة أنه لا يهتم بالألقاب - سيعاود مطاردته، وربما يشوه إرثه، بوصفه نفعيا على استعداد للتعاون مع الأحزاب الأخرى من أجل تحقيق الفوز.

وكان أحد العوامل الرئيسية التي ساعدت على نجاح ماكين قدرته على تحييد القضية الرئيسية لهيورث ولولاية أريزونا، وهي قضية الهجرة. وقد أعلن عضو مجلس الشيوخ دعمه لحملة ولاية أريزونا ضد الهجرة، والمعروفة باسم 1070. وغير رأيه بشأن السياج الحدودي، مصرا على أنه كان فعالا، وأعلن بشكل فظ: «أكملوا السياج اللعين»، كما تراجع أيضا فيما يتعلق بموقفه حول منح الجنسية لمن دخلوا البلاد بشكل غير شرعي، وهو ما أيده في وقت سابق.

في خضم الصراع حتى النهاية، استضافت محطة «راديو توكسون» كلا المرشحين، حيث حث هيورث الناخبين على أن «يصدموا العالم» من خلال التصويت لصالحه، في حين سعى ماكين لتلميع أوراق اعتماده المحافظة، من خلال تشبيه نفسه بالرئيس الراحل رونالد ريغان.

وكان الكثير من الأضرار التي أصابت هيورث ذاتية، حين وصف نفسه بأنه مَن لم يكن عضوا سابقا بمجلس الشيوخ، وأضر هيورث نفسه من خلال تلقي تبرعات لحملاته الانتخابية من جاك إبراموف، أحد أعضاء جماعات الضغط، الذي حكم عليه بالسجن بتهمة الاحتيال. وكشفت حملة ماكين مشورة قديمة من هيورث لدافعي الضرائب عن كيفية خفض المزيد من الأموال من الحكومة الفيدرالية.

ونشرت حملة ماكين قصاصات صحافية، وتساءلت في أحد إعلاناتها عن شخصية هيورث قائلة: «هل هو محب للظهور؟».

وتقول جنيفر دافي، المحررة البارزة لتقرير «كوك» السياسي: «إن أفضل يوم في الحملة هو اليوم الذي أعلن فيه هيورث خوضه للانتخابات، ولكن كان كل شيء بعد ذلك أخذ في الانحدار». أو كما لخصه تشيب سكاتري، مستشار حملة الحزب الجمهوري: «إن معركة ماكين - هيورث لم تتجاوز جرس البدء».

وعلى الرغم من أن هيورث قد فاز بدعم بعض من أعضاء حركة «حفلات الشاي»، بقي الكثير من الناشطين المحافظين محايدين أو دعموا ماكين، الذي اعتمد في حملته الانتخابية بقوة على الطرق التقليدية ووسائل الإعلام الاجتماعية.

ويكتب ماكين على صفحته على «تويتر» تحركاته في جميع أرجاء البلاد. وقد كتب على هذه الصفحة خلال عطلة نهاية الأسبوع قائلا: «لقد قضيت اليوم في وادي بريسكوت ومدينة بريسكوت. والآن أنا في طريقي لشراء فطيرة من مقهى (روك أسبرنغس)». وبسبب اتصاله المستمر بالشبكة العنكبوتية، اختير ماكين مؤخرا من قبل الباحثين في الجامعات على أنه صاحب أعلى «ذكاء رقمي» من بين أعضاء مجلس الشيوخ، ولديه حاليا أكثر من 1.7 مليون من الأتباع على صفحته على «تويتر»، وأكثر من 650 ألف صديق على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك».

وقد حاول هيورث بكل ما لديه من قوة تصوير السيناتور ماكين بأنه غير متواصل مع الجماهير ومتهاون سياسيا، وهي نقاط ربما تعيد الديمقراطيين للقيادة في الخريف.

وبما أن الجمهوريين والمستقلين يشكلون الجزء الأكبر من الناخبين في هذه الولاية، فإن الديمقراطيين بحاجة إلى معجزة لكي يتمكنوا من الفوز، على غرار ما حدث في عام 1976. ففي تلك الانتخابات، هاجم المرشحون الجمهوريون لمجلس الشيوخ بعضهم بعضا بحدة خلال الانتخابات التمهيدية، مما أدى إلى انقسام الحزب الجمهوري ليتمكن المرشح الديمقراطي غير المعروف دنيس ديكونشيني من الفوز.

وبالوصول إلى ديكونشيني، الذي كان عضوا في مجلس الشيوخ لفترة 21 سنة، في عطلته في ولاية كاليفورنيا، أوضح أنه لم يكن منذ البداية من محبي ماكين، وأضاف: «إننا لسنا أصدقاء على الإطلاق».

ثم مضي في تحليل المرشح قائلا: «الأمر لا يعني أنني لا أغير مواقفي، ولكن ماكين جعل الأمر شكلا من أشكال الفن. فقد كان شخصا مختلفا، ولكني أعتقد أنه لم يعد كذلك الآن. لقد أصبح شيئا واحدا، وهو أنه عرضة للخطر، وهو لا يستطيع تغيير ذلك».

*خدمة «نيويورك تايمز»