المغرب: الإفراج عن 4 معتقلات لهن علاقة بـ«السلفية الجهادية»

سبق الحكم بالسجن عليهن لارتباطهن بخلية «أنصار المهدي»

TT

غادرت أمس ثلاث نساء كن معتقلات في سجن «عكاشة» بالدار البيضاء بعد أن قضين عقوبة بالسجن مدتها أربع سنوات على خلفية علاقتهن بخلية «أنصار المهدي» الإرهابية، التي تم تفكيكها عام 2006، بينما سيتم الإفراج عن معتقلة رابعة ضمن المجموعة نفسها يوم الأحد المقبل.

وتعتبر النساء الثلاث وهن: فاطمة الزهراء رحيوي، وأمينة لمسفر، وإيمان بن سعيد، إلى جانب المعتقلة الرابعة التي لم يكشف عن اسمها، أول حالة اعتقال لنساء ضمن خلايا إرهابية، تمت إدانتهن في المغرب حيث وجهت لهن تهمة «تمويل الإرهاب»، فقد كشفت التحقيقات عن أن إحدى المعتقلات، وهي سيدة معروفة في مدينة الدار البيضاء بمساعدتها للمحتاجين، توسطت لحسن الخطاب، زعيم خلية «أنصار المهدي»، المحكوم عليه بالسجن مدة 30 عاما، بجمع أموال لإجراء عملية جراحية على القلب.

وتوجد حاليا رهن الاعتقال الاحتياطي بالسجن المحلي بسلا طبيبة تدعى ضحى أبو ثابت، اعتقلت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي ضمن شبكة إرهابية تتكون من ستة أشخاص، وهي طبيبة سابقة بأحد المستشفيات العمومية في الرباط متحدرة من مدينة الحسيمة، ومقيمة في الرباط، ومتزوجة من خالد الطفية، وهو مغربي يحمل الجنسية الفرنسية، ويعمل باحثا في علم الأحياء في إحدى الجامعات بباريس حيث اعتقل بدوره بعد عودته إلى المغرب، ووجهت إليهما معا تهمة «تمويل الإرهاب»، وذلك بعد أن ثبت أن الطبيبة بعثت مبلغا من المال من حسابهما المشترك إلى شقيق لها يدرس في فرنسا، بناء على طلبه، ليتبين أن شقيقها قتل فيما بعد في عملية انتحارية بالعراق عام 2008، حسب ما كشفت عنه التحريات الأمنية، بينما تنفي الطبيبة وعائلتها علمهما بالغرض الذي استخدم فيه شقيقها المال الذي تم تحويله إليه. وستحول القضية التي باتت تعرف بخلية «الطبيبة وزوجها» إلى المحكمة في سبتمبر (أيلول) المقبل.

ولم يثبت حتى الآن تورط أي امرأة بشكل مباشر في قضايا الإرهاب في المغرب، باستثناء حالة التوأمتين القاصرتين، إيمان وسناء لغريس اللتين لم يكن عمرهما آنذاك يتجاوز 14 عاما، واللاتي حكم عليهما نهاية سبتمبر 2003 بالسجن مدة خمس سنوات، وتم إيداعهما في سجن الأحداث القاصرين بتهمة «تكوين عصابة إجرامية لإعداد وارتكاب أعمال إرهابية وجمع أموال بنية استخدامها في عمل إرهابي»، وفق قانون مكافحة الإرهاب، حيث اعترفت التوأمتان آنذاك بأنهما كانتا تخططان لتفجير البرلمان قبل أن تستفيدا من عفو ملكي عام 2005.

وفي هذا السياق، قال محمد حقيقي، المدير التنفيدي لمنتدى «الكرامة لحقوق الإنسان»، لـ«الشرق الأوسط» إن عدد النساء اللواتي يكشفن عن علاقتهن بخلايا إرهابية في المغرب قليل جدا، كما لم يثبت حتى الآن تورط امرأة في تنفيذ عمليات إرهابية، باستثناء التوأمتين القاصرتين اللتين اعترفتا بأنهما كانتا تخططان لتنفيذ عمليات انتحارية.وأضاف حقيقي أن النساء اللواتي حوكمن ضمن خلية «أنصار المهدي» كن يقمن بأعمال خيرية ويقدمن مساعدات للمحتاجين، وقال إن سبب اعتقالهن، هو أن حسن الخطاب، زعيم خلية «أنصار المهدي»، كان يعاني قبل اعتقاله من مرض في القلب، وتوسطت له إحدى المعتقلات لدى والدها الطبيب الجراح الذي يجري عمليات جراحية بالمجان، حيث جمع مبلغ مالي لهذا الغرض، وفيما بعد اتهمت المعتقلة إلى جانب الأخريات بأنهن يمولن الإرهاب بعد تفكيك الخلية.

وأشار حقيقي إلى أن الطبيبة ضحى أبو ثابت وجهت لها التهمة نفسها لأنها أرسلت مبلغا من المال إلى شقيقها في فرنسا الذي تبين أنه قتل في عملية انتحارية في العراق، وأضاف أن أسرته لم تتأكد بعد من موته، واستغربت كيف أن ابنها الذي تخرج مهندسا وكانت له طموحات مهنية كبيرة يغير مسار حياته ويذهب لتنفيذ عملية انتحارية في العراق.

وأوضح حقيقي أن قانون مكافحة الإرهاب يجيز التجاوزات بدعوى الوقاية من الإرهاب، فأي شبهة تدخل تحت طائلة العقاب، مشيرا إلى أن محامي الطبيبة يؤكد أنه لا توجد قرائن تثبت أنها متورطة.

وفي السياق ذاته، قال محمد ضريف، الباحث المغربي المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية، لـ«الشرق الأوسط» إن جميع عناصر الخلايا التي يتم تفكيكها في المغـــــــــرب تتكون من الذكــــــــور، ولم تتورط النساء بشكل مباشر في قضايا الإرهاب في المغرب. وأضاف أن هناك حالة أثارت للمرة الأولى الانتباه، هي حالة خلية «أنصار المهدي» التي اعتقلت ضمنها ثلاث نساء صيــــــف 2006، ورغم أن القضاء أدان النساء فإن المعطيات التي كانت متـــــوافرة تشير إلى أنه كان هناك إقحام لأولئك النساء في تلك القضية، من بينهن سيدة عرفت في مدينة الدار البيضاء بمساعدتها لمن يلجأ إليها.

وزاد ضريف قائلا إن الخطاب نفسه لجأ إليها وساعدته بمبالغ مالية من أجل إجراء عملية جراحية، ولكن «للأسف، اعتبرت الأجهزة الأمنية تلك المساعدات بمثابة دعم للتنظيم، وإن كان الكثيرون يتساءلون حول حقيقة وجود هذا التنظيم من الأصل»، على حد تعبيره. وأوضح أن التهم التي وجهت لهؤلاء النساء فيها نظر، كما أن العقوبة التي صدرت في حقهن تبين أنها لا تتناسب مع حجم التهمة، وهي تمويل الإرهاب.

وأشار ضريف إلى أنه كانت هناك حالة سيدة أخرى اعتقلت ضمن خلية إرهابية في حي الفرح بالدار البيضاء يوم 10 أبريل (نيسان) 2007، وكانت زوجة لأحد المتهمين، إلا أنه أطلق سراحها فيما بعد. والآن، هناك حالة الطبيبة المتهمة بتمويل الإرهاب.

وزاد ضريف قائلا: «بشكل عام، العنصر النسوي غائب في الخلايا المتهمة بالإرهاب في المغرب، لأن هذه الخلايا لا تراهن على العنصر النسوي»، عكس ما هو موجود في دول عربية أخرى، حيث النساء، من وجهة نظره، يلعبن دورا لافتا في الخلايا التابعة لتنظيم القاعدة على مستوى التمويل، أما على مستوى تنفيذ العمليات الإرهابية، فالنساء شبه غائبات عن هذا المجال أيضا في الدول العربية، باستثناء النساء العراقيات اللواتي يستقطبن ويقمن بعمليات انتحارية، على حد قوله.

واستدل ضريف بحالة مليكة العرود، البلجيكية من أصل مغربي التي كانت تدعم «القاعدة» عن طريق الإنترنت، وهي أرملة عنصر من «القاعدة» كان قد ساعد على اغتيال القيادي في «تحالف الشمال» المعارض لطالبان، أحمد شاه مسعود، قبل هجمات 11 سبتمبر.

وكانت العرود الملقبة بـ«أميرة الجهاد» من أشهر الناشطين في مجال الجهاد على الإنترنت. وحكم عليها بالسجن مدة 8 سنوات، في مايو (أيار) الماضي، في قضية «الخلية الأفغانية».

أما حالة التوأمتين المغربيتين القاصرتين فاعتبرها ضريف «حالة فردية خضعت لتهويل إعلامي ومبالغة، ولم يتعامل معها الكثيرون بجدية، لأنه لا يمكن لتنظـــــــيم إرهابي أن يراهن على فتاتين قاصــــــرتين، لأنه عندما نتحدث عن الإرهاب فإننا نتحدث عن تنظيم وخلايا ومجموعات، وليس حالات فردية»، على حد تعبيره.

يذكر أن زوجات وأخوات المعتقلين الإسلاميين المنتمين إلى «السلفية الجهادية» ينشطن بكثرة في إطار الجمعيات الحقوقية، أكثر من الرجال، وينظمن وقفات احتجاجية مستمرة للمطالبة بتحسين أوضاع أقاربهن في السجن.