صنعاء: قادرون على مواجهة تنظيم القاعدة دون تدخل خارجي

اتفاق في الدوحة مع الحوثيين على تنفيذ الجدول الزمني لتعهدات الطرفين

جنديان يمنيان يقومان بحراسة إحدى المؤسسات الحكومية («الشرق الأوسط»)
TT

قال مسؤول يمني، أمس، إن القوات اليمنية لا تحتاج إلى أطراف خارجية لتتولى قيادة الحملة على تنظيم القاعدة، وذلك ردا على تقارير مفادها أن الولايات المتحدة قد تكثف الهجمات على تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذي يتخذ من اليمن مقرا له.

وفند المسؤول الأمني تصريحات لمسؤولين أميركيين، وردت أول من أمس، قالوا فيها إنهم قد يصعدون الهجمات. ونقلت وكالة الأنباء اليمنية «سبأ» عن المسؤول قوله إن اليمن قادر على مكافحة تنظيم القاعدة دون تدخل خارجي، وانتقد المبالغة في توصيف الخطر.

وقال، حسب وكالة الصحافة الفرنسية، إن اليمن بمعاونة الأصدقاء والأشقاء قادر على تحمل مسؤوليته كاملة في القضاء على عناصر «القاعدة» ومن يساندهم من عناصر التخريب.

وشن اليمن حملة على تنظيم القاعدة في جزيرة العرب بعد أن أعلن التنظيم مسؤوليته عن محاولة فاشلة لتفجير طائرة ركاب متجهة إلى الولايات المتحدة في ديسمبر (كانون الأول).

وتشارك الولايات المتحدة منذ سنوات في محاربة الحكومة اليمنية للتشدد، لكن محاولة التفجير الفاشلة أقلقت واشنطن بشدة بحيث كثفت مساعداتها لليمن في مجالات التدريب ومعلومات المخابرات والمعونة العسكرية، وأرسلت قوات خاصة إلى هناك. وجرى التشكيك في دور الولايات المتحدة، في وقت سابق هذا الأسبوع، حين نشرت منظمة العفو الدولية تقريرا جاء فيه أن القوات الأميركية قد تكون تعاونت مع اليمن في هجمات على متشددين تمثل انتهاكا للقانون الدولي.

وقالت المنظمة المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان أن القصف الجوي للمشتبه في انتمائهم لتنظيم القاعدة يعتبر إعداما من دون محاكمة، وحثت الولايات المتحدة على توضيح طبيعة مشاركة قواتها أو الطائرات من دون طيار الخاصة بها في هذه الهجمات.

وفي مايو (أيار) ذكرت وسائل إعلام يمنية مؤيدة للمعارضة أن طائرة من دون طيار نفذت غارة جوية استهدفت تنظيم القاعدة أسفرت عن مقتل وسيط حكومي بطريق الخطأ، مما أدى إلى اشتباكات بين القوات الحكومية وأقاربه.

وصعد متشددو تنظيم القاعدة من هجماتهم على رجال الأمن اليمنيين منذ يونيو (حزيران)، وأعلنوا المسؤولية عن هجمات راح ضحيتها عشرات القتلى ووصفوها بأنها عمليات انتقامية ردا على تواطؤ الحكومة المتزايد مع الولايات المتحدة.

وقال مسؤولون أميركيون لـ«واشنطن بوست»، أول من أمس، إنهم قد يبحثون زيادة الضغط على جناح «القاعدة» في اليمن باستخدام طرق مماثلة لهجمات طائرات من دون طيار على تنظيم القاعدة في باكستان.

ونقلت صحيفتا «وول ستريت جورنال» و«واشنطن بوست»، أول من أمس، أن هذا الإدراك لخطر «القاعدة» في اليمن قد يؤدي إلى تكثيف عمليات الـ«سي آي إيه» في البلاد، بما في ذلك هجمات طائرات من دون طيار.

وفي هذا السياق اعتبر المصدر اليمني المسؤول «حملة التسريبات الأخيرة قد تكون مرتبطة بأجواء الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة الأميركية، ولن تؤثر على سياسة الحكومة في مكافحة الإرهاب أو على التعاون مع المجتمع الدولي في مواجهته ودون المساس بسيادة اليمن ودستورها وقوانينها».

وردا على سؤال حول إعادة تقييم خطر «القاعدة» في اليمن واحتمال تنفيذ عمليات جديدة في البلاد، قال المتحدث باسم الـ«سي آي إيه»، جون ليتل، إن «الوكالة والحكومة بالإجمال تكافح (القاعدة) وشركاءها في العنف أينما كانوا». وجاء القسم الأكبر من الجهد الأميركي لمكافحة المتطرفين في اليمن حتى الآن من الجيش الأميركي، لكن أصواتا في الإدارة الأميركية طلبت منح دور أكبر لـ«سي آي إيه» يعتمد نموذج هجمات الطائرات من دون طيار في باكستان، على ما نقلت «وول ستريت جورنال»، نقلا عن مسؤولين لم تكشف هويتهم. وبحسب الصحيفة نفسها، نشرت الـ«سي آي إيه» والقوات الخاصة في الجيش الأميركي معدات مراقبة، وطائرات يتم تسييرها عن بعد، وموظفين في اليمن وجيبوتي وكينيا وإثيوبيا لمكافحة تنظيم القاعدة وحركة الشباب الإسلاميين في الصومال، موضحة أن الولايات المتحدة تشتبه في أن المجموعتين توثقان العلاقات فيما بينهما.

من جانبه عبر الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، أول من أمس، الأربعاء، أمام سفراء فرنسا المجتمعين في الإليزيه عن «قلق حقيقي» يبرز حاليا إزاء خطر قيام «هلال الإرهاب» بدءا من باكستان وصولا إلى منطقة الساحل الأفريقي ومرورا باليمن.

وأضاف: «لكن إذا تدهور الوضع فإن الخطر سيكون كبيرا لظهور سلسلة متواصلة تربط القواعد الإرهابية في كويتا (باكستان)، والجنوب الأفغاني، بتلك (القواعد) في اليمن والصومال والساحل».

وأكد الرئيس الفرنسي أن «هناك قلقا حقيقيا» لجهة بناء «هلال الإرهاب».

أما اليمن، الذي يناضل لكبح جماح حركة انفصالية في جنوبه بتعزيز هدنة مع المتمردين الحوثيين في شماله، فيواجه ضغوطا متزايدة لحل صراعاته الداخلية حتى يركز على «القاعدة».

وعلى الرغم من تصاعد وتيرة العنف في محافظة أبين المضطربة في الجنوب على مدى الأسبوع المنصرم، حيث ألقت الحكومة باللائمة على تنظيم القاعدة، فإن المسؤول الأمني اليمني قال إن قوات الأمن تحقق نجاحات في مواجهة المتشددين.

وأضاف: «شهد تنظيم القاعدة حاليا انهيارات كبيرة في صفوفه جراء الضربات الاستباقية التي تنفذها الأجهزة الأمنية أو استسلام عدد من قيادات وعناصر التنظيم أو إلقاء القبض على عدد منها خلال الملاحقات الأمنية المستمرة التي تنفذها الأجهزة الأمنية ضد العناصر الإرهابية وتضييق الخناق عليها».

في غضون ذلك اعتقلت الشرطة اليمنية عنصرا من تنظيم القاعدة كان يخطط لتنفيذ هجوم انتحاري في جنوب البلاد، حسب ما أعلن، أمس، الموقع الإلكتروني لوزارة الدفاع.

ونقل موقع الوزارة عن مصادر محلية أن المعتقل، ويدعى جهاد عبد الله الفقير (25 عاما)، كان يرتدي حزاما ناسفا وأقر بأنه كان مكلفا تنفيذ عملية انتحارية في لودر. ولم يتم كشف تاريخ ومكان الاعتقال.

وشهدت مدينة لودر في محافظة أبين مؤخرا مواجهات دامية بين قوات الأمن وعناصر مفترضين من «القاعدة».

وأكدت السلطات اليمنية، ليل الثلاثاء الأربعاء، أنها استعادت السيطرة بالكامل على المدينة بعدما طردت جميع عناصر «القاعدة».

وأدت هذه المعارك التي تسببت في فرار 80 ألفا من السكان إلى عشرات القتلى بين العسكريين وعناصر «القاعدة».

وتعتبر مواجهات لودر الأكثر ضراوة بين قوات الأمن اليمنية والمسلحين في جنوب اليمن، حيث ينشط تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب.

وعلى صعيد الحوثيين اتفقت الحكومة اليمنية والمتمردين على جدول زمني لتنفيذ التعهدات التي التزمها الطرفان لوضع حد لنزاع دام في شمال اليمن، على ما أعلن المتحدث باسم المتمردين، أمس، الخميس.

وتم توقيع الاتفاق في الدوحة، أمس، الخميس، بحسب ما أكد محمد عبد السلام لوكالة الصحافة الفرنسية من دون الإدلاء بمزيد من التفاصيل.

وأفادت وكالة الأنباء القطرية الرسمية أن الاتفاق أبرمه علي بن علي القيسي الذي يمثل الحكومة اليمنية، ويوسف عبد الله الفيشي ممثلا المتمردين. ووصل وفدا الطرفين إلى الدوحة الأحد الماضي، وقال الناطق باسم الحوثيين، محمد عبد السلام، في اتصال هاتفي: «الأولوية بالنسبة لنا هي الجانب الإنساني، أي الإفراج عن المعتقلين، ولدينا ما يقارب ألف معتقل».

وأضاف: «نطالب بالنظر إلى معاناة أبناء المحافظات الشمالية، والتنمية، والحقوق الفكرية والسياسية، وعدم استهداف الناس على أسس طائفية»، مشيرا إلى أن «هذه المحافظات مهمشة ولا خدمات فيها».

وأعرب أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، في أثناء زيارة إلى صنعاء، في 13 يوليو (تموز) عن استعداده للسعي إلى حل يحفظ وحدة اليمن.

ونفى المسؤول «صحة التسريبات في بعض وسائل الإعلام الأميركية والغربية التي تضخم من حجم عناصر (القاعدة) والخطر الذي تمثله على استقرار اليمن وأمنه وعلى مصالح الدول الشقيقة والصديقة»، مشددا على أن القوات اليمنية قادرة، «وبدعم الأصدقاء والأشقاء، على تحمل مسؤوليتها كاملة في القضاء على عناصر (القاعدة) ومن يساندهم من عناصر التخريب».