الحريري يستغرب حصر الاشتباكات في إطار «العمل الفردي» والنائب المشنوق يؤكد التمسك بـ«بيروت منزوعة السلاح»

تشكيل لجنة وزارية لمعالجة «ظاهرة تفشي السلاح» في كل المناطق

مؤيدون لحزب الله وأقارب محمد فواز المسؤول في الحزب، الذي قتل في اشتباك مع عناصر من جماعة الأحباش، يمشون في جنازته ببيروت أمس (إ.ب.أ)
TT

لا تزال تداعيات المواجهات الأخيرة التي شهدتها محلة برج أبو حيدر بين أفراد من حزب الله وجمعية المشاريع الخيرية الإسلامية (الأحباش)، تلقي بثقلها على المشهد السياسي في لبنان، غداة إعلان مجلس الوزراء تشكيله لجنة وزارية برئاسة رئيسه سعد الحريري وعضوية وزيري الدفاع إلياس المر والداخلية زياد بارود، لمعالجة «ظاهرة تفشي السلاح بين المواطنين في كل المناطق اللبنانية».

وفي حين اكتفى مجلس الوزراء بإعلان قرار تشكيل هذه اللجنة من دون الدخول في تفاصيل آلية عملها، أوضح الرئيس الحريري في وقت لاحق أن اللجنة «ستتخذ القرارات الجريئة، ولنرى من سيقف في وجهها». واستغرب الحريري، الذي تفقد أمس محلة برج أبو حيدر مطلعا على أحوال المواطنين، «حصر الإشكالات والاشتباكات المسلحة التي تحصل في البلد وتودي بحياة المواطنين وتحرق ممتلكاتهم في إطار العمل الفردي».

ومع انصراف قيادة حزب الله أمس إلى تشييع مسؤول منطقة برج أبو حيدر في الحزب، القيادي محمد فواز، في بلدته الجنوبية تبنين، تفاعل مطلب «إعلان بيروت مدينة منزوعة السلاح» على أكثر من مستوى. وفي حين عقدت كتلة «المستقبل» أمس اجتماعا طارئا، فإنها تعقد اجتماعا مع الرئيس الحريري في منزله اليوم، ويعقد مؤتمر «إنماء بيروت»، الذي يضم كل الهيئات الاقتصادية والاجتماعية المنتخبة في بيروت إضافة إلى المجلس البلدي، اجتماعا طارئا. وتهدف سلسلة الاجتماعات التي ستشهدها المدينة اليوم إلى تفعيل المطالبة بإعلان بيروت «مدينة منزوعة السلاح».

وأكد نائب بيروت في كتلة «المستقبل»، نهاد المشنوق، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، «إننا لن نتراجع عن المقاومة السلمية والمدنية لإعلان بيروت مدينة منزوعة السلاح»، معتبرا أن «هذا حقنا وواجبنا وهو ليس مطلبا طائفيا أو مذهبيا». وشدد على أنه «ليس بإمكان أحد أن يدعي أنه يقاوم في بيروت أو يصلي أكثر من غيره»، مجددا الإشارة إلى أن «هذا المطلب حق طبيعي لكل سكان بيروت الإدارية، بمختلف طوائفهم ومذاهبهم».

واعتبر المشنوق أن «الاشتباكات أفقدت كل منطق وشرعية لوجود السلاح، ونزعت عنه ما يسمى بـ(قدسية السلاح)»، مؤكدا الاستمرار في المطالبة بحق إعلان بيروت مدينة منزوعة السلاح بشكل مدني وحضاري للدفاع عن حق الناس، بعيدا عن فلكلور الاجتماعات الحزبية مع الجيش الذي يذكر بمرحلة الحرب.

وفي موازاة لملمة محلة برج أبو حيدر جراحها نتيجة الدمار الكبير الذي لحق بمؤسساتها ومحالها التجارية وممتلكاتها، والذي لم تسلم منه المساجد أيضا، لم يتم الإعلان أمس عن توقيف أي من المشاركين في الاشتباكات. وفي المعلومات الواردة، أحيل الملف أمس إلى الشرطة العسكرية لإجراء التحقيقات الأولية بإشراف القاضي سليم صادر. وكان رئيس الجمهورية ميشال سليمان اطلع أمس من وزير الداخلية والبلديات، زياد بارود، على مسار التحقيقات الجارية في شأن الإشكال الأمني والخطوات التي اتخذتها وزارة الداخلية لمنع تكرار مثل هذه الحوادث.

واعتبر رئيس «اللقاء الديمقراطي»، النائب وليد جنبلاط، أنه «بمعزل عن الأسباب الحقيقية التي تقف وراء أحداث برج أبو حيدر وما إذا كانت فردية أو غير فردية، فإن الدولة تبقى الملاذ الأخير لحماية الوحدة الوطنية والمقاومة، وفق الصيغة المثلثة التي برهنتها أحداث بلدة العديسة، المرتكزة على الشعب والجيش والمقاومة». ودعا إلى «الالتزام بهذه الصيغة كمبدأ عام ولا تستثنى منه بيروت أو سواها، وهذا يعني التحقيق الجدي على قاعدة تثبيت السلم الأهلي وعدم السماح بالانفلات الأمني تحت أي عنوان، إضافة إلى تقديم كل الدعم العملاني وليس الكلامي للقوى الأمنية والجيش اللبناني».

واستغرب رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية»، سمير جعجع، «عدم توقيف أي شخص حتى بعد مرور أكثر من 24 ساعة، على الرغم من نزول مئات المسلحين المعروفين إلى الشوارع وظهورهم على وسائل الإعلام كافة، وعلى الرغم من سقوط 4 ضحايا وترويع العاصمة واهتزاز السلم الأهلي». وطالب «السلطات القضائية والأمنية المعنية بضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتوقيف المسلحين الذين شاركوا في هذه الأحداث إلى أي جهة انتموا، وإلا فإن هذه السلطات تتخلى عن دورها وتتركه للمجموعات المسلحة التي ظهرت في شوارع العاصمة».

وأكد النائب السابق عن «الأحباش»، عدنان طرابلسي، أن «حادث برج أبو حيدر فردي وغير مخطط له». وأوضح أن زيارة وفد من «الأحباش» إلى دمشق أول من أمس هدفت إلى «تأكيدنا للسوريين حرصنا على المقاومة ودعمنا لها». وقال: «لدينا سلاح فردي وبندقيات للدفاع عن نفسنا»، لافتا إلى أنه «من الطبيعي أن نزور العاصمة السورية ونقابل كبار المسؤولين، لأن لبنان من سورية ولم نقاطع يوما دمشق».

ودعا الوزير السابق عن حزب الله، طراد حمادة، إلى «عدم تحميل الاشتباك أكثر مما يحتمل»، معتبرا أن «الحادث الفردي من الممكن أن يقع في الكثير من الأحياء». ودعا إلى «تسليم المسؤولين عن الحادث ورفع الغطاء عنهم لمعرفة إن كان هناك خلفيات وراء الحادث أو هدف له».

إلى ذلك، اعتبر عضو كتلة «المستقبل»، النائب عمار حوري، «إننا أصبحنا في حاجة إلى استراتيجية دفاعية لحماية المواطن اللبناني من السلاح غير الشرعي»، مشيرا إلى أن «كل سلاح غير شرعي هو سلاح ضد المواطن اللبناني والبلد». وشدد على أن «الجميع مع المقاومة ضد إسرائيل» لكنه ذكر الجميع «أن حزب الله كرر مرارا أن هذا السلاح لن يستعمل في الداخل إلا أننا رأينا أنه استعمل مرتين».

ورأى عضو تكتل «التغيير والإصلاح»، النائب آلان عون، أنه «إذا كانت النية صادقة يمكن أن تنجح اللجنة التي ألفها مجلس الوزراء لمعالجة ظاهرة تفشي السلاح»، مشيرا إلى أن «كمية السلاح التي ظهرت إلى العلن على خلفية إشكال بدأ فرديا ومحدودا، تدفعنا إلى القلق وتضرب الثقة في البلد، كما أنها مسيئة على كل المستويات».

وفي إطار المواقف الصادرة أمس، رد الأمين العام لتيار «المستقبل»، أحمد الحريري، على ما أوردته إحدى الصحف اللبنانية لناحية ملاحظة حزب الله «انتشار عناصر من تيار (المستقبل) بكثافة في الطريق الجديد وعائشة بكار ومناطق أخرى في العاصمة، خلال الاشتباكات مع (الأحباش)، مما أوحى بأن لديها جهوزية منظمة»، وأكد الحريري أن «هذه المعلومات تقع في خانة الدس الرخيص، وهي حلقة في سلسلة أخبار مفبركة، لا وظيفة لها سوى التحريض المذهبي والمس بالاستقرار العام»، موضحا أن «مصطلحي (عناصر) و(جهوزية مسلحة) الواردين في الخبر، هما من قاموس ميليشيوي لا ينطبق على تيار (المستقبل)، الذي هو تيار سياسي، يضم أعضاء وليس عناصر».