إيران تفرض حظرا على نشر أخبار زعماء المعارضة

أوقفت المدعي العام المعروف بهندسته للمحاكمات الجماعية عن العمل في خطوة لتهدئة الغضب الشعبي

TT

في حملة جديدة على المعارضة السياسية في إيران، أصدرت السلطات حظرا على نشر أي أخبار تتعلق بقادة حركة الاحتجاج التي اندلعت بعد إعادة الانتخاب المثيرة للجدل للرئيس محمود أحمدي نجاد العام الماضي، وذلك بحسب وثائق نشرتها مواقع تابعة للمعارضة الإيرانية.

وقد أبرزت هذه المواقع خطابا تم تسريبه يتضمن أوامر لرؤساء تحرير جميع الصحف المحلية ووكالات الأنباء، بعدم نشر أسماء وصور وبيانات اثنين من مرشحي الرئاسة المهزومين: مير حسين موسوي، ومهدي كروبي، بالإضافة إلى الرئيس السابق محمد خاتمي، وذلك لما لهذا الأمر من تأثير «سلبي محتمل» على ذهن الجمهور. وقد رفض مسؤولون في وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي التعليق على مدى صحة ما ورد في هذا الخطاب. وإذا كان صحيحا، فإن الخطاب سيكون أول تأكيد علني لهذا الحظر، على الرغم من أن المعارضة كانت غائبة إلى حد بعيد عن وسائل الإعلام الإيرانية منذ أشهر. وقد أغلقت السلطات ما لا يقل عن 10 مطبوعات منذ الانتخابات الرئاسية التي أجريت في يونيو (حزيران) 2009، بما في ذلك صحف ومجلات رئيسية تابعة للتيار الإصلاحي التي كانت تنتقد الحكومة، ووجهت إلى هذه المطبوعات تهم مثل «نشر أخبار مخالفة للواقع»، و«تعكير صفو الرأي العام»، و«التشكيك في الانتخابات».

وتسببت الانتخابات الرئاسية في حدوث أسوأ اضطرابات في إيران منذ قيام الثورة الإسلامية عام 1979، لكن حركة الاحتجاج تلتزم الصمت منذ عدة أشهر، ويرجع ذلك جزئيا إلى عمليات الاعتقال والمحاكمات الجماعية والتخويف الذي تمت ممارسته ضد أفرادها. ومع هدوء خصومهم الإصلاحيين دخلت التيارات المحافظة في مواجهات مع بعضها بعضا على نحو متزايد، وهو ما دعا المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي الأسبوع الماضي إلى حث المؤيدين والمنتقدين لأحمدي نجاد بتجنب الدخول في معارك علنية. وهذه الوثيقة التي تتحدث عن هذا الحظر، والمؤشر عليها بكلمتي «عاجل» و«سري»، تفتتح بالتذكير بأن «المسؤولية الأساسية» لوسائل الإعلام ينبغي أن تكون «خلق جو من الهدوء داخل المجتمع»، وبأن هذا القرار دافعه مخاوف تحدث عنها «مسؤولون أمنيون».

ويقول ايرج جمشيدي، وهو صحافي مخضرم ورئيس تحرير صحيفة «آسيا» التي تم حظرها مؤخرا: «لقد أوضحوا بالفعل وبطريقة غير مباشرة أنه يجب حظر نشر الأخبار المتعلقة بهؤلاء الأشخاص. وفي ظل المناخ الحالي، لا يجرؤ أحد على إجراء مقابلة مع موسوي أو كروبي، لأن السلطات تريد أن ينساهما الناس». وبالإضافة إلى قمع حركة الاحتجاج، فقد اتخذت السلطات الإيرانية بعض الإجراءات التصالحية بهدف تهدئة الغضب الشعبي، حيث تم إيقاف مدع عام رفيع المستوى يعتقد أنه كان مهندس المحاكمات الجماعية التي أعقبت احتجاجات الصيف الماضي. وقال عدد من أقارب ضحايا هذه المحاكمات إن هذا المدعى كان من بين ثلاثة قضاة أوقفوا عن العمل هذا الأسبوع. وقد عرف المدعي العام سعيد مرتضوي، لسنوات طويلة بأنه أداة يستخدمها المحافظون المتشددون لاضطهاد الصحافيين والمعارضين السياسيين. ووفقا لمحامي عائلات الضحايا، فإن مرتضوي واثنين آخرين من القضاة تم إيقافهم بسبب اعتقال العشرات من الطلاب الذين أرسلوا إلى مركز الاعتقال سيئ السمعة، كاهريزاك، في الصيف الماضي. وقد تم اعتقال وتعذيب وقتل ثلاثة شبان، بينهم نجل واحد من الشخصيات المحافظة البارزة، في هذا المعتقل.

وفي عام 2003، اتهم مرتضوي من قبل أعضاء البرلمان بالتستر على وفاة المصورة الكندية، زهرة كاظمي، بينما كانت في أحد السجون الإيرانية. وكان مرتضوي قد أقيل من منصبه كمدع عام لمدينة طهران في أغسطس (آب) 2009، بعد إجراء تحقيق برلماني في قضية معتقل كاهريزاك، إلا أنه تم تعيينه بعد ذلك رئيسا لمنظمة مكافحة التهريب الحكومية. ويقول محمد صالح نيكباخت، الذي يمثل والد الأمير جافيدإيفار، وهو واحد من هؤلاء الشباب الذين لقوا حتفهم في كاهريزاك بعد تعرضه للضرب المبرح: «لقد أساء مرتضوي استخدام السلطة». ويفتح قرار إيقاف القضاة الطريق أمام محاكمتهم أمام محاكم مدنية، حيث من المرجح أن يواجهوا اتهامات من الضحايا وعائلاتهم. وعلى الرغم من تحرك السلطة القضائية في إيران، فإن البعض يعتقد أن احتمال حدوث ملاحقة قضائية كبيرة لهم ما زالت ضئيلة. وفي هذا السياق، يقول محمد حسين أغاسي، وهو محام مخضرم نشيط في مجال حقوق الإنسان: «إذا رجعنا إلى التاريخ فلن نجد أمامنا سوى القليل من الأمل. ربما قامت السلطات بذلك للرد على الاتهامات التي توجه إلى القضاء الإيراني بأنه يفتقر إلى الاستقلال».

وقد عقدت محاكمات لـ12 من حراس السجن وضباط الشرطة المسؤولين عن إدارة سجن كاهريزاك وراء أبواب مغلقة في وقت سابق من هذا العام. وتمت إدانة رجلان بالقتل وحكم عليهما بالإعدام في يوليو (تموز)، كما حكم بالسجن على 9 آخرين وأمروا بدفع «الدية» أو تم إيقافهم مؤقتا عن العمل بعد إدانتهم بارتكاب جرائم أقل.

* خدمة «نيويورك تايمز»