العراق: انتشار مكثف للقوات العراقية في الشوارع.. ومسؤولون يقللون من أهمية الانسحاب

قادة أمنيون لـ«الشرق الأوسط»: اعتمادنا على أنفسنا بدأ منذ أكثر من عام.. وخوفنا من الفراغ النفسي أكبر

TT

تشهد المدن العراقية اليوم، للمرة الأولى منذ سبع سنوات، اعتمادها الكلي على عناصر الجيش والشرطة المحليين لتوفير الأمن بعد أن كان بعضها يعتمد بالدرجة الأساسية على القوات الأميركية لتوفير تلك الحماية.

وتعلن الولايات المتحدة اليوم انتهاء خطتها المتعلقة بالانسحاب من العراق، بعد أن استكملت الوحدة القتالية السادسة أمس عملية انسحابها بشكل كامل من الأراضي العراقية، وبهذا تكون أميركا قد سحبت آخر جندي قتالي من هذا البلد، وستبقى في مدن العراق قوات قوامها 50 ألف جندي لوحدات استشارية غير قتالية، مهمتها تدريب القوات العراقية وزيادة الخبرات والدعم اللوجيستي وغيرها.

وشهدت شوارع بغداد انتشارا واسعا لقوات الجيش والشرطة العراقية والأجهزة الأمنية، ويشاهد الانتشار في تعزيز نقاط التفتيش وفي نقاط تفتيش متحركة ودوريات راجلة لقوات الجيش والشرطة في جميع الشوارع الرئيسية وفي الأسواق والمراكز التجارية، فيما تجوب الشوارع سيارات عسكرية تحمل عسكريين ورجال شرطة.

وقال ضابط رفيع المستوى ضمن تشكيلات عمليات بغداد لـ«الشرق الأوسط» إنه على الرغم من إعلان القوات الأميركية أنها سحبت قواتها القتالية من العراق فإن الحقيقة أن العراق استغنى، وبشكل كامل عن الجنود الأميركيين، منذ ما يقرب من العام ونصف العام، أي لدى انسحاب القوات الأميركية من داخل المدن إلى قواعدها في يونيو (حزيران) الماضي، تطبيقا للاتفاقية الأمنية التي أبرمها العراق مع الولايات المتحدة.

وأضاف الضابط الرفيع أن «القوات المتبقية ستكون استشارية، تدريبية، ونطمئن الشعب العراقي بأن هذا التخوف لا داع له، فهناك تهويل في عملية سحب القوات، فالقوات الأميركية ليست بالأهمية التي ترونها، فلم نطلب دعمهم طوال سنة ونصف السنة واعتمدنا على أنفسنا بالدرجة الأساسية، وكلفنا ووضعنا أمام اختبارات صعبة وكبيرة جدا مثل عملية الانتخابات والزيارات المليونية (المناسبات الشيعية التي يحييها كل عام مئات الآلاف) لكننا اجتزنا هذه الاختبارات، وسنجتاز أي امتحان آخر». وكان الكثير من العراقيين قد أعربوا عن مخاوفهم من انسحاب القوات الأميركية، معربين عن قلقهم من أن القوات العراقية لم تكمل جهوزيتها للمهمة الشاقة التي تنتظرها.

وشهدت أغلب مدن العراق، ومنذ ما يقرب من الأسبوع، حركة تنقلات واسعة بين المدن، في صفوف الأمن، لتعزيز بعض المناطق وإعادة تنظيم تشكيلات الوحدات وزيادة الوجود في الشارع العراقي وفرض حماية أكبر على مراكز الشرطة ومديريات الأجهزة الأمنية.

المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية، علاء الطائي، قال لـ«الشرق الأوسط» إن عملية انتشار القوات الأمنية تعتبر «استباقية»، وهي جزء من تقديرات القيادة الأمنية، وأشار إلى أن «انسحاب القوات الأميركية يؤثر فقط في العامل النفسي للمواطن العراقي، ناهيك عن التهويل الإعلامي لهذا الانسحاب». ويحاول القادة الأمنيون التقليل من شأن الانسحاب الأميركي، مؤكدين استعداد قواتهم لإدارة الملف الأمني الشائك.

وكشف الطائي عن أن معلومات، وردت مؤخرا عبر أجهزة الاستخبارات، تبين وجود خلايا خططت لاستهداف مناطق مدنية وأمنية خلال انسحاب القوات الأميركية «وبالتالي فكل هذه الأسباب يجب أن تجابه بإجراءات استباقية تبدأ بعملية انتشار لملء الفراغ النفسي وأيضا القول للعراقيين بأن الأجهزة الأمنية حاضرة وتؤدي دورها»، وأضاف أن «الفراغ في العراق نفسي، وليس فراغا على أرض الواقع، أو فراغا عسكريا ولوجيستيا»، موضحا «يجب أن نذكر أن انسحاب القوات الأميركية جاء منذ أكثر من عام وشهرين تقريبا، وجميع النجاحات الأمنية بجهد عراقي، ولا علاقة للأميركيين بها، فهي قوات ساندة وداعمة إذا ما استدعيت بطلب عراقي ولا يعني الانسحاب لنا شيئا، بل على العكس، نفرح بذلك حتى يأخذ رجل الأمن العراقي دوره داخل بلده».

وامتنع مسؤولون في وزارتي الدفاع والداخلية من التحدث عن إمكانية إقامة احتفالية في البلاد بمناسبة انسحاب القوات الأميركية، لكن الشوارع الرئيسية، وبالقرب من الأبنية الحكومية والوزارات خالية من أي مظاهر للاحتفال، واليافطات والأعلام العراقية ومظاهر الزينة.

وقال اللواء قاسم عطاء، المتحدث باسم قيادة فرض القانون، في تصريحات صحافية نقلتها وكالة الأنباء الألمانية إن «القوات الأمنية قادرة على حماية البلاد بعد انسحاب القوات الأميركية، إذ إن أعدادها وتجهيزاتها أضحت أفضل مما كانت عليه في السابق بشكل كبير». وأضاف: «على الرغم من التشكيك والتخوف بشأن الأوضاع الأمنية بعد الانسحاب الأميركي فإن قيادة عمليات بغداد تؤكد أن الأمور لن تعود إلى المربع الأول، على الرغم من التوقعات بتصعيد العمليات الإرهابية والمحاولات اليائسة للنيل من عزيمة القوات الأمنية».

وذكر عطا أن «الأوامر صدرت من قيادة العمليات العسكرية بإعادة فتح جميع الشوارع الرئيسية والفرعية في بغداد مع إجراء التحصينات للمواقع الحساسة ومؤسسات الدولة والوزارات، على أن المنطقة الخضراء ستبقى مغلقة خلال المدة المقبلة، مع رفع الحواجز الكونكريتية من داخلها لإجراء عمليات إعادة تأهيلها من جديد، استعدادا لعقد القمة العربية».