الجنرال أوديرنو يتوقع تشكيل الحكومة العراقية خلال شهرين.. ويشعر بالقلق من خيار إعادة الانتخابات

قائد القوات الأميركية قال إن العراقيين يشعرون بـ«الإحباط» وإنه فوجئ بـ«الهجمات المنسقة»

الجنرال راي أوديرنو، قائد القوات الأميركية في العراق قبل مغادرته بغداد غدا (نيويورك تايمز)
TT

قال قائد القوات الأميركية في العراق الجنرال راي أوديرنو، الذي سيغادر البلاد قريبا، إن تشكيل حكومة عراقية جديدة قد لا يتم قبل شهرين، محذرا من أن المأزق الناجم عن هذه الحالة قد يقود إلى مطالبات بإجراء انتخابات جديدة لكسر حالة الجمود القائمة منذ شهر مارس (آذار) الماضي.

وفي حين قال الجنرال أوديرنو إنه يعتقد أن المفاوضات بدأت مجددا وسيثبت نجاحها، فقد تنبأ بأن السياسيين لا يزالون في حاجة إلى «أربعة إلى ستة أو ثمانية أسابيع».

وفي مقابلة من مقر القيادة، الذي لا يزال سقفه المكسو بالجص محفورا عليه الأحرف الأولى من اسم صدام حسين، قال الجنرال: «هذا مجرد تخمين. إذا استمر الأمر حتى الأول من أكتوبر (تشرين الأول)، فماذا يعني ذلك؟ هل من الممكن أن تكون هناك انتخابات أخرى؟ أشعر بالقلق بشأن ذلك إلى حد ما».

وقد تقود احتمالية إجراء انتخابات جديدة الأوضاع السياسية المضطربة بالفعل في البلاد إلى مزيد من الاضطراب في الوقت الذي تبدأ فيه الولايات المتحدة سحب الدفعة الأخيرة من قواتها، المؤلفة من 50 ألف جندي، المقرر أن يتم نهاية عام 2011. وفي حين كان ينظر إلى الانتخابات التي جرت في شهر مارس (آذار) على أنها انتخابات ناجحة، فإن الفترات التي سبقتها والفترات التي أعقبتها كانت مليئة بخلافات حادة بشأن فقدان الأهلية وإعادة فرز الأصوات والتحديات القانونية وتصفية الحسابات، التي قادت إلى تصعيد التوترات الطائفية الساكنة.

وحتى الاقتراح بإجراء انتخابات جديدة يدل على الغموض السائد في عراق قلق وغير مستقر هذه الأيام. ويعتزم الرئيس أوباما إلقاء خطاب من المكتب البيضاوي اليوم لإعلان ما تصفه الإدارة بأنه نهاية العمليات القتالية هناك. بيد أن هذا التاريخ لم يلاحظه العراقيون إلى حد كبير، حيث إن حالة الإحباط لديهم بسبب الجمود السياسي عكست غضبهم العميق من حكومة لا تقوم بواجباتها ورداءة تقديم الضروريات الأساسية للحياة.

وقال الجنرال أوديرنو: «وكلما طالت هذه الفترة، شعر الشعب بمزيد من الإحباط من هذه العملية نفسها. إن الشيء الذي لا أريده هو أن يفقدوا الثقة في النظام، النظام الديمقراطي، وهذه هي المخاطرة طويلة المدى».

وكان المسؤولون الأميركيون يأملون في تشكيل حكومة جديدة قبل فترة طويلة من الموعد النهائي المحدد، الذي وضعته إدارة أوباما لخفض مستوى القوات إلى 50 ألف جندي. بيد أن الجهد الرامي إلى تشكيل ائتلاف بين الكتلتين المنتصرتين (الكتلة التي يقودها رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي، والكتلة التي يقودها إياد علاوي، رئيس الوزراء الأسبق) لم يحرز سوى تقدم بطيئ ومتقطع. ولا تزال الجماعات القوية داخل العراق، وبعض الدول المجاورة، معارضة تماما لقيادة أي من الرجلين للبلاد.

وحتى بعض المسؤولين العراقيين يقرون بأنه ليس هناك حاجة ملحة للمباحثات، لا سيما أثناء شهر رمضان المبارك. وعلى الرغم من أن احتمالية إجراء انتخابات جديدة تعد بعيدة، فإنها تأتي وسط قلق من أن المتمردين قد يشنون هجمات كبرى بهدف إثارة الفوضى، ومن أن إيران عززت دعمها للجماعات المسلحة، وأن قادة الجيش العراقي قد يتم إغراؤهم لتولي زمام الأمور بأنفسهم.

وقال الجنرال أوديرنو: «إذا تم تشكيل الحكومة، أعتقد أننا سنكون على ما يرام. لكن إذا أخفقنا في ذلك، فلا أعرف ماذا سيحدث».

ومن المقرر أن يغادر الجنرال أوديرنو البلاد الأربعاء، بعد تسليم القيادة رسميا إلى اللفتنانت جنرال لويد أوستين الثالث. وبالنسبة للجنرال أوديرنو، فإن هذا الاحتفال سيمثل نهاية أكثر من أربع سنوات من العمل في العراق، التي تحول فيها من قائد عسكري واجه الانتقاد لعمليات البطش في مناطق أصبحت معاقل للمتمردين، إلى شخصية تحظى بالإشادة، في الدوائر العسكرية وغيرها للإشراف على زيادة عدد القوات العسكرية الأميركية في البلاد عام 2007.

بيد أن جزءا من إرث هذا القائد قد يرجع إلى أداء القوات الأمنية العراقية في تولي زمام الأمور بالبلاد. وأقر مسؤولون أميركيون بأنهم تلقوا ضربة الأسبوع الماضي بفعل موجة من انفجارات السيارات المفخخة، والألغام والهجمات السريعة التي قام بها المتمردون في ما لا يقل عن 13 مدينة بجميع أنحاء البلاد.

وقال الجنرال أوديرنو إن هذه الهجمات «لم تكن متوقعة. وأقول لك إن ما فاجأني إلى حد ما هو أنهم كانوا قادرين على القيام بهذه العمليات في جميع أنحاء البلاد في ظل بعض التنسيق».

وخلال السنوات الأربع التي قضاها في العراق، كان الجنرال أوديرنو في كثير من الأحيان مركز تحول الاستراتيجية العسكرية الأميركية في البلاد. وقال إن الجيش واجه تجربة سيئة ولن يكرر الأمر ثانية. وقال: «لقد أتينا جميعا ولم يكن لديها أي خبرة بشأن العراق».

وقال: «لقد أتينا ولم يكن لدينا أي خبرة بشأن المشكلات التي كانت موجود في العراق؛ لا أعتقد أننا فهمنا ما أسميه الدمار الذي حدث في المجتمع»، مشيرا إلى الحرب بين العراق وإيران، وحرب الخليج والعقوبات الدولية منذ عام 1990 حتى عام 2003 التي قضت على الطبقة الوسطى. وأضاف: «ومن ثم، هاجمنا بهدف الإطاحة بالحكومة».

وفي ما يتعلق بالانقسامات الطائفية والعرقية في البلاد، قال: «لم نفهم ذلك».

وبالنسبة إلى دعاة استراتيجية مكافحة التمرد التي جاء الجنرال أوديرنو ليمثلها، فإن منحنى التعلم قد يلقي الضوء على قدرة الجيش على التكيف. وقد ينظر الذين يتوجهون بالنقد إلى صراع أسفر عن مصرع ما يقدر بنحو 100 ألف عراقي، أو أكثر بكثير، وأكثر من 4400 جندي أميركي إلى هذا الاعتراف على أنه دليل على حماقة الحرب.

وبسؤاله عن ما إذا كانت الولايات المتحدة قد جعلت الانقسامات في البلاد أكثر سواء، قال الجنرال أوديرنو: «لا أعرف». وقال: «توجد جميع هذه القضايا التي لم نفهمها، التي كان علينا التعامل معها. وهل تسبب ذلك في جعل الأمور أكثر سواء؟ ربما».

* خدمة «نيويورك تايمز»