«تاجر الموت» فيكتور بوت.. كنز معلومات عن شبكات الإجرام

الروس والأميركيون في حرب مزايدة بشأن طلب ترحيله من سجن في تايلاند

TT

بعد اتهامه بالعمل على مدار 15 عاما كأحد أكبر مهربي السلاح في العالم، يعتقد أن فيكتور بوت رجل صفقات من الطراز الأول. وفي الوقت الحالي، ربما يعتمد مستقبله على تمكنه من عقد صفقة أخيرة: تقديم ما يعتقد مسؤولون أميركيون أنها معلومات كثيرة لديه عن شبكات إجرامية عالمية مقابل عدم قضاء الباقي من عمره داخل سجن فيدرالي.

وقد شعر مسؤولون من وزارة العدل الأميركية بالراحة في 20 أغسطس (آب) عندما وافقت محكمة استئناف داخل تايلاند على ترحيل بوت، وهو روسي، من بانكوك حيث يقبع في سجن منذ 2008. ولكنهم يخشون من الإعلان عن الفوز في نزاع مع روسيا حتى يصل بوت فعلا إلى الولايات المتحدة ليواجه تهما داخل مانهاتن، وهو ما قد يستغرق أياما أو أسابيع.

وقد كرس بوت نفسه منذ مطلع التسعينات للجانب المظلم من عملية العولمة، وبرز في التجارة التي تعزز من كارتلات المخدرات وشبكات الإرهاب وحركات التمرد من كولومبيا إلى أفغانستان، بحسب ما يقوله مسؤولون سابقون تتبعوه. ويعتقد أنه على دراية بالعلاقة بين الجيش الروسي والاستخبارات والجريمة المنظمة.

ويقول مايكل براون، رئيس العمليات في إدارة مكافحة المخدرات من 2005 حتى 2008 عندما كانت الهيئة تعد العملية التي أدت إلى إلقاء القبض على بوت في بانكوك قبل عامين: «أعتقد أن فيكتور بوت لديه معلومات كثيرة تود هذه الدولة ودول أخرى الحصول عليها».

ويقول براون، الذي يعمل حاليا مع شركة الأمن الخاصة «سبكترا غروب إنترناشونال»: «إنها قضية ما إذا كان سيرى زوجته وابنته مرة أخرى في يوم من الأيام، بعد 10 أو 15 أو 20 عاما. وعليه أعتقد أن هناك احتمالية لعقد صفقة». ولم يبد بوت، الذي فقد نحو 70 رطلا داخل السجن في تايلاند، ميلا إلى التعاون مع المحققين. وخلال مقابلات، صور نفسه كشخص أمين يقوم بنقل أي شيء يحصل على مقابل لنقله سواء كانت هذه مساعدات إغاثة أو مروحيات هجوم. وعلى موقعه الإلكتروني يصف نفسه بأنه «بائع يحب الطيران ولديه رغبة داخلية في النجاح».

ووصف تهما أميركية بأنه وافق على بيع صواريخ تطلق من على الكتف إلى عملاء لإدارة مكافحة المخدرات تظاهروا بأنهم أعضاء في تنظيم يساري كولومبي يسمى بـ«القوات المسلحة الثورية الكولومبية» بأنها اتهامات «مثيرة للسخرية». وقال في بيان نشر مؤخرا: «لم أقم يوما بالتجارة في السلاح». وقالت زوجته، علا، التي زارته في بانكوك مع ابنته المراهقة إليزابيث للصحافيين إنه سافر إلى جنوب أفريقيا من أجل «دروس تانغو».

ولكن إذا تغير الوضع عندما يواجه بوت مدعين في نيويورك، فإن لديه الكثير ليدلي به، بحسب ما يقول دوغلاس فرح، المؤلف المشارك لكتاب عنه نشر عام 2008 ويحمل عنوان «تاجر الموت».

ويقول فرح: «يعلم الكثير عن الطريقة التي تصل من خلالها الأسلحة إلى حركة طالبان، وكيف تصل إلى المسلحين في الصومال واليمن. ويعرف الكثير عن الاستخبارات الروسية وإعادة هيكلتها تحت قيادة بوتين»، مشيرا إلى رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين.

وتشير الشائعات داخل بانكوك إلى أن الروس والأميركيين في حرب مزايدة بشأن طلب الترحيل الأميركي، حيث تعرض روسيا على تايلاند نفطا بسعر مخفض فيما تعرض الولايات المتحدة معدات عسكرية.

وقد أنكر كلا الجانبين هذه المساومات. ويقول مسؤولون تايلانديون إنه يجب أن يدرسوا طلبا ثانيا من الولايات المتحدة لترحيله في تهم منفصلة تتعلق بغسيل أموال قبل أن يوضع بوت على متن الطائرة الأميركية التي وصلت الأسبوع الماضي لنقله.

وربما تجاوزت أسطورة بوت، 43 عاما، وهو ضابط سابق في القوات الجوية ويتحدث الإنجليزية والفرنسية والعربية والبرتغالية الحقائق المرتبطة بحياته المهنية، التي كانت الأساس لفيلم «أمير الحرب» الذي عرض عام 2005. ومن خلال إدارة شبكة من الشركات، تمكن من الارتقاء في العالم السفلي للسلاح عالميا عقب انهيار الاتحاد السوفياتي.

ويقول لويس شيلي، مدير مركز الإرهاب والفساد والجرائم عبر الحدود في جامعة جورج ماسون: «يعد فيكتور بوت شخصية بارزة في عالم الجريمة. كما أنه يجسد الصورة الجديدة للجريمة المنظمة، التي يكون فيها الشخص متعلما ولديه علاقات دولية ويعمل بدعم من الدولة».

وبحلول منتصف التسعينات، جذبت القوة الجوية الخاصة المتنامية لبوت انتباه هيئات استخباراتية غربية. وبحلول 2000، عندما أصبح لي ولوسكي مديرا للتهديدات عبر الحدود داخل مجلس الأمن القومي إبان ولاية الرئيس بيل كلينتون، كانت شبكة شركات بوت تظهر في دولة بعد أخرى، بحسب ما يقوله ولوسكي.

وأضاف ولوسكي، الذي يعمل حاليا محاميا داخل نيويورك: «لاحظ زملائي الذين يعملون في أفريقيا أنه يظهر في كل نزاع: سيراليون والكونغو الديمقراطية وأنغولا. وكانت لديه مقتدرات لوجيستية تماثل تلك التي لدى عدد قليل جدا من الدول».

وكان لبوت علاقات مع شخصيات سيئة السمعة مثل تشارلس تايلور من ليبريا، وفي بعض الأحيان كان يأخذ المدفوعات بالألماس ويحضر متخصصا في المجوهرات لتقييم الأحجار. وقد زادت أسلحته من الخسائر خلال المعارك. ويقول فرح: «تحولت الحروب من السكاكين والبنادق العتيقة إلى بنادق (إيه كيه) ومعها مؤن لا نهائية».

ويقول مسؤولون أميركيون سابقون إنهم عملوا على خطة من أجل الإمساك بتاجر السلاح ونقله إلى بلغاريا أو جنوب أفريقيا لمواجهة تهم جنائية، وهو الإجراء الذي يعرف باسم «التسليم للعدالة». وقبل أن يتمكنوا من القيام بشيء، وقعت هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) لتجعل من بوت في أولوية أقل.

ويقول ولوسكي إنه دهش مع زملائه عندما علم بعد ذلك من تقارير إخبارية أن شركات بوت استخدمها الجيش الأميركي كمتعهدين بالباطن من أجل نقل إمدادات إلى العراق في 2003 و2004، لتكسب نحو 60 مليون دولار، بحسب تقديرات فرح. ويقول ولوسكي: «صدمت عندما قرأت هذه التقارير. وبصورة شخصية، أرجع ذلك إلى فوضى الحرب داخل العراق».

وداخل أفغانستان قبل 11 سبتمبر، كان بوت يوفر الإمدادات لأحمد شاه مسعود، أمير الحرب الطاجيكي الذي قضى أعواما يقاتل ضد حركة طالبان. وبعد ذلك كان يمد حركة طالبان، بحسب ما يقوله مسؤولون أميركيون يعتقدون أن ولاءه الوحيد للمال.

وفي عام 2007، قال براون، رئيس إدارة مكافحة المخدرات حينها، إن مسؤولين في إدارة بوش طلبوا منه مقاضاة بوت. وقامت الإدارة بجذبه إلى مصيدة، وتقول الإدارة إنه وافق على بيع صواريخ أرض - جو وغيرها من المعدات العسكرية إلى عملاء تابعين للإدارة تظاهروا بأنهم عناصر تابعة للقوات المسلحة الثورية الكولومبية.

وخلال اجتماع في فندق داخل بانكوك في مارس (آذار) 2008، بحسب ما تفيد به سجلات محكمة، قال لزبائنه إن «الولايات المتحدة عدوه أيضا». وتقول السجلات إنه قال على شريط: «إنها ليست تجارة، ولكنها معركتي».

* خدمة «نيويورك تايمز»