اليمين الإسرائيلي يستغل عملية حماس لإضعاف الموقف الفلسطيني في المفاوضات

المستوطنون يردون على العملية باستئناف البناء ويهددون بالانتقام الدموي

TT

استغلت قوى اليمين المتطرف في إسرائيل وقيادات الاستيطان في الضفة الغربية حتى النهاية عملية قتل أربعة مستوطنين في منطقة بني نعيم في الخليل، وراحت تحاول استثمارها لإضعاف الموقف الفلسطيني في المفاوضات وتحقيق مكاسب إسرائيلية جديدة خصوصا في مجال الأمن والاستيطان.

فقد أعلن المستوطنون عن نهاية قرار تجميد البناء في المستوطنات. وبادر وزير الداخلية، إيلي يشاي، إلى إلغاء الإجراءات البيرقراطية في استصدار رخص السلاح للمستوطنين. بينما راح رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، يستخدم العملية لتبرير المواقف الإسرائيلية التي تعيق التقدم في المفاوضات.

وكانت الشرطة الإسرائيلية قد أعلنت بعض نتائج تحقيقاتها في العملية، فقالت إن سيارة فلسطينية انطلقت من بني نعيم أو قرية فلسطينية أخرى من قضاء الخليل انتظرت قدوم سيارة إسرائيلية لتنفذ عملية ذبح شاملة لكل ركابها. فما إن أطلت سيارة المستوطنين، حتى راحت تسير وراءها. ثم تجاوزتها وراح أحد ركابها يطلق الرصاص على المستوطنين بشكل مكثف، حتى تيقن من مقتلهم جميعا، وهم امرأتان إحداهما حامل ورجلان بعمر 24 وحتى 47 عاما.

وقالت الشرطة إن الفاعلين ينتمون إلى حركة حماس، وجاءت عمليتهم نتاجا للضغوط التي تمارسها قيادة حماس الخارج في دمشق على حماس الضفة الغربية لكي تخرب مفاوضات واشنطن. ومع ذلك، فإن الناطقين باسم قوى اليمين الإسرائيلي راحوا يهاجمون السلطة الفلسطينية ورئيسها، محمود عباس (أبو مازن)، ورئيس وزرائه، سلام فياض، ويصرون على تحميلهم مسؤوليتها. فقال بنحاس فالرشتاين، أحد رؤساء مجلس المستوطنات، إن هذه العملية هي نتيجة طبيعية لسياسة عباس وفياض، اللذين يحرضان على المستوطنين ويدعوان لمقاطعة البضائع التي يجري إنتاجها في مصانع المستوطنات ويطلقان أسماء إرهابيين فلسطينيين على الساحات والمؤسسات تمجيدا لأعمالهم الإرهابية.

وأضاف فالرشتاين أن البيان الذي استنكر فيه فياض هذا الاعتداء على المستوطنين يفضح حقيقة أهدافه «فهو يقول إن هذه العملية تمس بالمصالح الوطنية الفلسطينية، وهذا يعني أنه لا يرى في العملية جريمة كونها نفذت ضد المدنيين وبينهم امرأة حامل، بل إن توقيت العملية غير مناسب للمصالح الفلسطينية. فلو كانت في وقت آخر وظروف أخرى، كان فياض سيؤيدها».

ودعا داني ديان، رئيس مجلس المستوطنات، إلى الرد على هذه العملية بالطريقة التقليدية التي رد ويرد فيها اليهود على العنف العربي ضدهم عبر التاريخ، وذلك بالمزيد والمزيد من البناء الاستيطاني. وقال إن قرار تجميد البناء الذي اتخذته الحكومة قبل عشرة شهور وتنتهي مدته في 26 سبتمبر (أيلول) الجاري، أصبح لاغيا بالنسبة للمستوطنين. واليوم (أمس)، وفي تمام الساعة السادسة مساء، نستأنف البناء في جميع المستوطنات. ولقي هذا الموقف من استئناف البناء الاستيطاني تأييدا في الأوساط الحكومية الإسرائيلية أيضا، فقال وزير الإعلام، يولي إدلشتاين، إن الرد بالاستيطان هو عمل طليعي من الطراز الأول. وبارك هذه الخطوة رئيس الكنيست، روبي رفلين، الذي تكلم خلال جنازة القتلى الأربعة، فقال: «هؤلاء الشريرون يريدون تدميرنا. يغتاظون عندما يرون كيف نبني ونعمر في المستوطنات. وعلينا أن نغيظهم أكثر، بالمزيد والمزيد من البيوت».

وفي واشنطن، تلقف الناطقون باسم الوفد الإسرائيلي في المفاوضات، خبر عملية بني نعيم وكأنها كنز لإضعاف موقف السلطة الفلسطينية. فقال أحدهم لمراسل الإذاعة الإسرائيلية، إن «هذه العملية تدل على أن الفلسطينيين، في أحسن الأحوال، ليسوا ناضجين لإقامة دولة. فلو كانت هناك سلطة قانون، لما كان في مقدور الإرهابيين من حماس الخروج مسلحين بسيارة وتنفيذ عملية قتل أربعة أشخاص والتمكن من الهرب». وقال آخر: «إذا كان نتنياهو قد أبدى استعدادا للتنازل في موضوع استئناف البناء الاستيطاني، فإنه بعد عملية كهذه لن يستطيع. لأن هذا يعني أن يستفز المستوطنين ويدوس على جراحهم» ونقل على لسان نتنياهو أنه سيطرح في محادثاته في واشنطن بكل قوة أهمية الأمن لإسرائيل وضرورة بدء المفاوضات بالترتيبات الأمنية التي تحمي المواطنين الإسرائيلين من الإرهاب، وليس بموضوع تجميد الاستيطان. وأنه سيطالب السلطة الفلسطينية ببذل جهد حقيقي لضرب تنظيمات الإرهاب. وكان عدد من النواب اليمينيين المتطرفين في الليكود طالبوا نتنياهو بالعودة إلى البلاد والامتناع عن التفاوض مع «الإرهابيين الفلسطينيين على تسليمهم المزيد من الأراضي». وقالوا إن كل بادرة إسرائيلية لتقديم تنازلات، يقابلها الفلسطينيون بعمليات إرهاب لابتزاز المزيد. ورد عليهم الرئيس شيمعون بيريس محذرا: «منفذو هذه العملية الإرهابية أرادوا إجهاض مسيرة السلام المنطلقة من جديد، وينبغي أن لا نرضخ لهم وأن ننجح مسيرة السلام».

وقال وزير التجارة والصناعة، بنيامين بن إليعازر، أن الرد على هذه العملية يجب أن يكون في إجهاض أهدافها والتقدم في مسيرة السلام. وأشاد بن إليعازر بنشاط قوات الأمن الفلسطينية التي اعتقلت نحو 300 شخص من نشطاء حماس وقال: في السلطة الفلسطينية يدركون أن الإرهاب يضر بمصالح الفلسطينيين وليس فقط بمصالح الإسرائيليين. وعلينا أن ننظر إليهم كشركاء لنا في المصير وفي المصلحة».