أوباما: طي صفحة الحرب على العراق لحظة تاريخية في وقت يشوبه الكثير من الشك

قال في خطاب: دفعنا ثمنا باهظا.. لكن لا أحد يرتاب في محبة بوش لقواتنا * دعا إلى تشكيل حكومة «عادلة» وممثلة لكل الطوائف وخاضعة لمحاسبة العراقيين

TT

أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما «طي صفحة» الماضي على حرب عام 2003 على العراق، وطي صفحة الخلافات الداخلية الأميركية التي ولدتها الحرب، بمناسبة إعلان انتهاء العمليات القتالية الأميركية في العراق. وفي خطاب طوله أقل من 18 دقيقة، صرح أوباما بأن العمليات القتالية قد انتهت، لكن «الشراكة» مع العراق لن تنتهي، مضيفا أن القوات الأميركية ساعدت العراق على السعي إلى «ضوء السلام»، ووضعت «مستقبله بيده». وقال «انتهت عملية حرية العراق، والآن تقع على عاتق الشعب العراقي المسؤولية الأساسية عن أمن بلاده». وبينما كان الجزء الأول من خطاب أوباما حول العراق، خصص الرئيس الأميركي جزءا من خطابه للحديث عن الأوضاع الداخلية الأميركية وإعادة بناء الولايات المتحدة لتواصل قيادتها في العالم.

ولم يخف أوباما معارضته للحرب على العراق خلال خطابه، واعتبر أن الولايات المتحدة دفعت «ثمنا باهظا» من أجلها، قدره بتريليون دولار. وقال «الحرب التي شنت لنزع سلاح دولة أصبحت معركة ضد التمرد. وبات الإرهاب والصراع الطائفي يهددان بتمزيق أوصال العراق. وقد بذل الآلاف من الأميركيين حياتهم، وجرح منهم عشرات الآلاف. وتوترت علاقاتنا في الخارج. وخضعت وحدتنا في الداخل للاختبار». لكنه أشاد بمجرى الحرب وطريقة تعامل القوات الأميركية معها، قائلا «أنجز الأميركيون الذين خدموا في العراق كل المهام التي أوكلت إليهم. فقد قهروا نظاما روع أبناء شعبه. وقد حاربت قواتنا جنبا إلى جنب مع القوات العراقية وشركائنا في التحالف الذين قدموا تضحيات جسيمة خاصة بهم من شارع إلى شارع لمساعدة العراق على انتهاز الفرصة في سبيل تحقيق مستقبل أفضل. وغيروا تكتيكاتهم من أجل حماية الشعب العراقي، ودربوا قوات الأمن العراقية، وتخلصوا من قادة الإرهابيين. وبفضل أفراد قواتنا وموظفينا المدنيين – وبفضل صمود الشعب العراقي – باتت الفرصة سانحة أمام العراق لتبني قدر جديد، رغم أنه لا يزال هناك الكثير من التحديات الماثلة».

وحول الهجمات التي يتعرض لها العراق، قال المسؤول في البيت الأبيض لـ«الشرق الأوسط» إن واشنطن واثقة من قدرات القوات العراقية. واعتبر أن «هناك دلائل كافية على أن العراقيين قادرون، ويصبحون أكثر قدرة على تولي أمنهم». لكنه أوضح «سنواصل إبقاء مستشارين مع كل وحدة (عسكرية عراقية) رئيسية، وسنساعدهم في مناطق يحتاجون المزيد من التطور فيها، لكنهم يتولون القيادة في هذه العمليات».

وشرح مسؤول في البيت الأبيض أن «الاستراتيجية الأوسع تسير على مسارها وستبقى متواصلة»، في إشارة إلى خطط سحب جميع القوات الأميركية بحلول 2011. وقال «استراتيجيتنا كانت لإنهاء الحرب بمسؤولية من خلال نقل السلطة الأمنية إلى العراقيين، وبناء علاقة تدوم مع العراق، ودعم إعادة اندماج العراق في المنطقة».

ولفت أوباما إلى الأزمة السياسية في العراق، قائلا «أحث قادة العراق على المضي قدما بإحساس من الإلحاح لتشكيل حكومة تضم كل أطياف المجتمع تكون عادلة، وممثلة لكل طوائف الشعب، وخاضعة لمحاسبة الشعب العراقي». لكنه شدد على أن العراقيين يتولون مسؤولية تشكيل الحكومة وحماية بلادهم. وقال «الشعب العراقي شعب ذو كبرياء، رفض الحرب الطائفية، ولا مصلحة له في دمار لا نهاية له. وهو يعني أن العراقيين وحدهم يمكنهم أن يسووا خلافاتهم، وأن يحرسوا شوارعهم في نهاية المطاف. والعراقيون وحدهم يمكنهم بناء الديمقراطية ضمن حدودهم». لكنه أردف قائلا «ما تستطيع أميركا أن تفعله، وستفعله، هو توفير الدعم للشعب العراق بصفتها صديقة وشريكة». وقال مسؤول من البيت الأبيض لـ«الشرق الأوسط» إن نائب الرئيس جو بايدن يواصل مشاوراته في بغداد لدعم تشكيل الحكومة. وشرح أن بايدن «أبلغهم رغبتنا في أن يكون للائتلافات الأربعة الفائزة دور له معنى في تشكيل الحكومة الجديدة».

وكان أوباما حريصا في خطابه، الموجه بشكل أساسي إلى الرأي العام الأميركي، على الحديث بنهج تصالحي. وقال «إنني على علم بأن حرب العراق قضية مثيرة للجدل داخليا، وحان الوقت لطي الصفحة. وقد تحدثت عصر اليوم إلى الرئيس السابق جورج دبليو بوش. ومن المعلوم جيدا أنه وأنا اختلفنا على الحرب منذ بدايتها. ومع ذلك لا يمكن لأي أحد أن يرتاب في دعم الرئيس بوش لقواتنا، أو يشك في محبته لبلدنا، وفي التزامه بأمننا». وأشار إلى مقولة كررها مرات عدة في السابق «هناك وطنيون أيدوا هذه الحرب، ووطنيون عارضوها».

وكان أوباما واضحا في خطابه حول التحديات التي تواجه بلاده، قائلا «إنني أعلم أن هذه اللحظة التاريخية تأتي في وقت يشوبه الكثير من الشك وعدم اليقين بالنسبة للكثير من الأميركيين. لقد مررنا حتى الآن بعقد تقريبا من الحرب. وتحملنا ركودا طويلا ومؤلما. وأحيانا، في خضم هذه العواصف، فإن المستقبل الذي نسعى من أجل بنائه لأمتنا (المستقبل الذي يسوده السلام الدائم والازدهار والرخاء على المدى الطويل) قد يبدو أمرا بعيد المنال».

كما شدد أوباما على أهمية مكافحة «القاعدة» والحرب في أفغانستان، وتعهد بمواجهة «القاعدة».