ارتياح سياسي عام في لبنان لحديث بلمار.. وحزب الله يتخذ موقفا منه خلال ساعات

شطح لـ «الشرق الأوسط»: كلامه مدخل لإنهاء التوتر حيال المحكمة

TT

عكس حديث المدعي العام لدى المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، القاضي دانيال بلمار، عن مسار التحقيق في جريمة اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري، وتأكيده إبعاد عمله عن التسييس وأن القرار الظني لن يصدر خلال الشهر الحالي، ارتياحا في الأوساط السياسية اللبنانية، لا سيما لدى فريق «14 آذار» عموما وتيار «المستقبل» خصوصا.

وفي وقت لم يعلق فيه أي من سياسيي «حزب الله» على مضمون هذا الحديث، أكدت مصادر الحزب لـ«الشرق الأوسط»، أن «قيادة حزب الله تقيم كلام المدعي العام الدولي، وسيكون لها موقف رسمي منه خلال الساعات المقبلة»، في حين اعتبر مستشار رئيس الحكومة سعد الحريري للشؤون الخارجية، الوزير السابق محمد شطح، أن «كلام بلمار أكد المؤكد بخصوص ابتعاد التحقيق ونتائجه عن التسييس»، وأمل أن «يخفف كلامه أو ينهي التوتر القائم عند البعض من المحكمة».

وكان القاضي بلمار قد نفى في مقابلة أجراها معه موقع «لبنان الآن» الإلكتروني صحة «كل ما تردد عن أن القرار الظني بجريمة اغتيال الحريري سيصدر في سبتمبر (أيلول) الحالي»، مؤكدا أنه لم يتحدث عن ذلك، ولم يحدد سبتمبر موعدا لإصدار قراره الظني. وقال بلمار «دعوني أعلن بوضوح أنه حتى مسودة القرار لم توضع بعد، لكن القرار الظني سيصدر عندما أطمئن لوجود الأدلة الكافية».

فيما أوضح أنه يعمل «في الوقت الحالي على ما يمكن تسميته عملية التحقق من فعالية الدليل»، قائلا «علي التحقق من أن الدليل الذي سأصدره سيكون مقبولا في المحكمة. هذا هو بالضبط مفتاح الحل. فإن أصدرت قرارا ظنيا من دون أن أدعمه بالدليل، فسوف تنهار البنية بكاملها»، مشددا في هذا السياق على أنه يريد أن يتأكد من امتلاكه «أكبر قدر ممكن من الأدلة المقنعة ذات المصداقية».

وإذ آثر عدم تحديد موعد لصدور القرار الظني، اكتفى بلمار بالإشارة إلى أنه لا يزال «متفائلا جدا»، وقال «نحن نتحرك بأسرع ما نستطيع. فلنقل إن القرار الظني سيصدر في أقرب وقت ممكن، ولكن ليس في وقت أقرب من الممكن». وعن التقارير الإعلامية التي تتحدث عن تسويات سياسية حول المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، أجاب «متى سأواجه تدخلا سياسيا لا أستطيع التعامل معه، سوف أستقيل. ولأولئك الذين يقولون إني أتأثر بهذا أو ذاك من الناس، أقول لهم، آسف ولكني لا أتأثر بأحد». مشيرا إلى أنه طلب «كل المعلومات التي بحوزة أمين عام حزب الله، السيد حسن نصر الله، بما فيها المواد الصوتية والمرئية، لأن ما حصلنا عليه هو ما تم بثه على التلفاز، في حين أنه قال في مكان ما من خطابه إن ثمة المزيد من الأدلة بحوزته. وهذا «المزيد» هو ما لم نحصل عليه. ولذلك طلبت الحصول عليه».

وتعليقا على هذا الحديث أوضح مستشار رئيس الحكومة الوزير السابق محمد شطح لـ«الشرق الأوسط»، أن «كلام بلمار واضح ويتحدث عن نفسه ولا يحتاج إلى التعليق، وبالتالي ليس مفاجئا»، وقال «من الواضح أن السيد بلمار يرفض التدخل السياسي في عمله ويبتعد عن التسييس، وبالتالي هو يؤكد المؤكد، وهذا الكلام الصريح يجب التعاطي معه بإيجابية، وأن يؤخذ على محمل الجد»، مشيرا إلى أن «عمل بلمار سري حتى الآن، وأي تحقيق غير شفاف، كما قال، وكل الأسئلة المتعلقة بالتحقيق والتوقيت طبيعية». وأضاف «الأمور بالنسبة لنا واضحة، إذ لا يمكن انتقاد ما هو غير معروف، فمن الممكن انتقاد قرار اتهامي غير موثق، لكن الانتقاد يكون من خلال المحكمة وعبر المرافعة». وأمل شطح أن «ينهي كلام بلمار التوتر القائم عند البعض وأن يحتكم الجميع إلى المحكمة التي ستكون كل الأمور أمامها واضحة وشفافة».

من جهته استبعد عضو كتلة «المستقبل» النائب محمد فتفت أن «يكون تأجيل القرار الظني لدحض الفتنة اللبنانية»، مشيرا إلى أن «المدعي العام دانيال بلمار يتمتع بمصداقية عالية ويهتم بعمله من ناحية مهنية»، مؤكدا أنه «لا أحد يعلم بمضمون القرار الظني». وسأل «لماذا لم يقدم حزب الله كل القرائن إلى المحكمة الدولية؟ وهل هذا الإجراء لحماية إسرائيل إلا لم تكن هذه القرائن غير موجودة؟»، آملا من الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله أن «يقدم المزيد من القرائن إذا كان يمتلكها ».

وأكد عضو تكتل «لبنان أولا» النائب محمد الحجار أن «ما كان يحكى عنه من قبل بعض المسؤولين في حزب الله حول القرار الظني للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان، كان يستند إلى معلومات إعلامية، إذ لم يكن هناك من تصريح أو موقف واضح من القيمين على المحكمة حول موعد القرار أو مضمونه». وشدد على أنه «لا أحد يعلم مضمون القرار الظني، فهو ملك المحكمة والمدعي العام»، مشيرا إلى أن تصريح بلمار «جاء ليؤكد ذلك وليؤكد ما كنا نقوله ونردده دائما».

وأشار عضو تكتل «لبنان أولا» النائب عماد الحوت إلى أن «هناك هجمة مركزة على المحكمة الدولية من خلال بعض الفرقاء. وأن حديث القاضي دانيال بلمار يأتي للتخفيف من مبررات هذه الهجمة ولتخفيف الضغط عن هذا الموضوع»، وإذ اعتبر أن «الاستغلال السياسي أمر وارد»، أكد أن «بلمار لا يريد أن يكون طرفا في السجال السياسي».

من جهتها أبدت الأمانة العامة لقوى «14 آذار»، ارتياحها لـ«المهنية الصلبة التي يتعاطى بها المدعي العام الدولي دانيال بلمار، مع ملف التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه». ورأت أن «ما أعلنه بلمار دليل على فشل كل حملات التهويل والترهيب التي تحاول النيل من عمل المحكمة الدولية ومصداقيتها».

إلى ذلك التقت نقيبة المحامين في بيروت أمل حداد، رئيس مكتب الدفاع في المحكمة الخاصة بلبنان، المحامي الفرنسي فرنسوا رو، يرافقه منسق المكتب، يوري ماس. وتم البحث، بحسب بيان للنقابة، في «عمل مكتب الدفاع وطريقة اعتماد المحامين في المحكمة الخاصة للبنان». وأكد رو «أن المعايير المعتمدة هي الكفاءة العالية والمعرفة في القانون الجنائي عموما، والقانون الجنائي الدولي خصوصا»، لافتا إلى أن «اعتماد معايير صارمة ودقيقة في اختيار المحامين يهدف لتأمين أفضل مستوى دفاع عن المتهمين تأمينا لحسن سير العدالة».