«إف بي آي».. تقسم المسلمين في مساجد أميركا

تريد التقرب إلى المسلمين وفي الوقت نفسه تجمع معلومات عنهم

TT

مع استمرار النقاش حول مسجد نيويورك بالقرب من المكان الذي كان فيه مركز التجارة العالمي الذي دمره هجوم 11 سبتمبر (أيلول) سنة 2001، ومع أخبار بأن شرطة مكتب التحقيق الفيدرالي (إف بي آي) تراقب المصلين في المكان، ظهر انقسام وسط مسلمي أميركا حول السماح لشرطة «إف بي آي» بدخول المساجد.

وقالت صحيفة «واشنطن بوست»، أمس: «بينما يناقش مسلمون وجود شرطة (إف بي آي) في المساجد، يبدو أن ذلك يعكس توتر العلاقات بين (إف بي آي) وبعض المسلمين»، وأضافت: «تريد (إف بي آي) التقرب إلى المسلمين، لكنها، في الوقت نفسه، تريد جمع معلومات عنهم. تريد مراقبة علامات مؤامرات إرهابية».

وأشار مراقبون في واشنطن إلى أن قادة منظمات إسلامية أميركية هددوا، في السنة الماضية، بوقف أي تعاون مع «إف بي آي» بسبب ما سموه «تسلسلات داخل المساجد والمراكز الإسلامية بهدف مراقبة المسلمين».

لكن، في الوقت نفسه، رحب قادة مسلمون بالشرطة. وقالوا إن ذلك يساعد على انفتاح المسلمين على الشرطة الأميركية، وعلى التعاون معها لضمان سلامة كل الأميركيين، بمن فيهم المسلمون. ودعا مسجد في ضاحية من ضواحي ناشفيل (ولاية تنيسي) يوم الجمعة، اثنين من شرطة «إف بي آي» لزيارة المسجد، والمشاركة في الإفطار، ومشاهدة الطقوس الإسلامية. وخلال الصلاة، جلس الشرطيان في مؤخرة المسجد ولم يشتركا في الصلاة. وقال أمير عريان، متحدث باسم المجلس الإسلامي في ناشفيل الذي دعا رجلي الشرطة، إن مجلة «تايم» الأميركية نشرت استفتاء قبل أيام بأن 43 في المائة من الأميركيين ينظرون إلى المسلمين نظرة سلبية. ولهذا، لا بد أن يتفتح المسلمون على غيرهم في المجتمع الأميركي. وأضاف: «يقتنع الناس هنا أن (إف بي آي) تساعدهم، وتريد أن تطمئن عليهم، وتتأكد من أن مسجدهم آمن». وقال إن الشرطيين كانا قد هرعا إلى المسجد للتحقيق في حادث الهجوم عليه في الأسبوع الماضي. وأضاف: «كان ما حدث جريمة كراهية. وكان لا بد من إشراك (إف بي آي)»، وقال سكوت اغونبوم، متحدث باسم «إف بي آي» في المدينة، إن الشرطة ذهبت إلى المسجد «لأنهم دعونا. ولنؤكد لهم أن جرائم الكراهية وخروقات حقوق الإنسان أشياء مهمة بالنسبة إلينا. وعلاقتنا بالجالية الإسلامية هنا قوية وطويلة». لكن، قال إبراهيم هوبر، المتحدث باسم مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير)، أكبر منظمة إسلامية نشطة في واشنطن: «لا أعتقد أن من الصواب وضع شرطة داخل مسجد. يؤثر هذا على جو مكان الصلاة والعبادة. وأيضا، يفتح الباب أمام تجسس الشرطة على المصلين».

لكن، رحب اغا سعيد، رئيس تحالف المسلمين الأميركيين للحقوق المدنية، بالتعاون بين المساجد وشرطة «إف بي آي»، وقال إن وجودهم في مسجد ناشفيل يطمئن المصلين والمسلمين. وأضاف: «يجب على الشرطة أن تحمي المواطنين». لكن، قال صالح شناتي، متحدث باسم مسجد ضاحية ناشفيل، إن الشرطة المحلية، لا شرطة «إف بي آي» الفيدرالية، هي التي يجب أن تحمي المسجد. واعترف بأن المسلمين في المنطقة «خائفون حقيقة. لكنهم مصممون على بناء المسجد. هذا حق من حقوقنا الدستورية».

غير أنه أضاف: «توجد حساسيات بين المسلمين وشرطة (إف بي آي). يعتقد الناس أن (إف بي آي) تركز على تهديدات إرهابية من جانب المسلمين أكثر من تركيزها على عمل إرهابي نحو المسلمين»، مثلما حدث في مسجد ناشفيل.

في الأسبوع الماضي نشرت أخبار عن إشعال حريق وإطلاق رصاص حيث يبنى المسجد. ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» تصريحات على لسان شرطة في ناشفيل بأن مجهولا أشعل نارا في المكان الذي يبنى فيه المسجد. ودمر الحريق معدات بناء وماكينات بناء كانت في المكان.

وفي اليوم التالي، بينما كان فريق من تلفزيون «سي إن إن» يصور فيديو إخباريا في المكان نفسه، سمع أعضاء الفريق طلقات رصاص، واستدعوا الشرطة. لكن، مثل الحالة الأولى، لم تعتقل الشرطة شخصا، وقالت إن تحقيقاتها مستمرة. وقال مراقبون في واشنطن إن النقاش عن دخول شرطة «إف بي آي» المساجد شمل مسجد نيويورك الذي أثار ضجة لأنه قريب من المكان الذي كان فيه مبنى التجارة العالمي الذي دمره هجوم 11 سبتمبر سنة 2001. وقالت مواقع إسلامية أميركية على الإنترنت إن شرطة «إف بي آي» شوهدت داخل المسجد بملابس مدنية. ولم يبن بعد المركز الإسلامي الذي سيضم المسجد، ولا يزال المبنى خاليا. لكن، يصلي فيه مسلمون كمسجد مؤقت. في الوقت نفسه، تستمر معارضة نسبة كبيرة من الأميركيين لبناء مسجد نيويورك في مكانه الحالي. وفي استفتاء جديد قال نصف الأميركيين إن مخاوف عائلات ضحايا هجوم 11 سبتمبر في نيويورك يجب أن تعطى الأولوية على حق المسلمين في بناء المسجد.