نيويورك تتعرض إلى أقسى فصول الصيف حرا

أجبرت السكان على تلطيف درجات حرارة أجسادهم عبر سبل مبتكرة

TT

مع تفجر موجة أخيرة شديدة للحرارة، وصلت درجتها إلى 96 درجة، احتفظ صيف 2010 لنفسه بمكانة بارزة في سجلات الهيئة الوطنية لشؤون الطقس باعتباره أكثر فصول الصيف حرا التي تشهدها مدينة نيويورك على الإطلاق.

تجاوز صيف 2010 في حرارته أعلى صيف سبقه من حيث درجات الحرارة، وكان ذلك عام 1966 عندما بلغت درجات الحرارة 77.3 درجة، ووقعت حينها أكثر من 1100 حالة وفاة بسبب ارتفاع درجات الحرارة التي تجاوزت مرارا 100 درجة. وكان صيف هذا العام أكثر ارتفاعا عن صيف 2006، عندما تسببت موجة حارة في انقطاع التيار الكهربي عند شمال منطقة كوينز، مما ترك أكثر من 100000 مقيم في المنطقة من دون إمدادات طاقة لأيام.

إلا أنه في هذا الموسم الذي حطم الأرقام القياسية السابقة، الذي حددته الهيئة الوطنية لشؤون الطقس، لم يكن هناك حدث حفاز، وخلا من حدث فريد يمكنه تمييز فترة الأشهر الثلاثة التي وصل خلالها متوسط درجة الحرارة إلى 77.8 درجة. بدلا من ذلك، يمكن قياس صيف 2010 بمعايير أقل وضوحا.

بالنسبة إلى سال مدينا، بائع الصحف من برونكس، يمكن قياس حرارة الصيف بعدد زجاجات المياه المجمدة التي تعمد حملها داخل ملابسه هذا الأسبوع ليخفف وطأة القيظ (ثلاثة).

بالنسبة إلى جون ناتوزي، يمكن الاعتماد في تقدير الحرارة على عدد مكعبات الثلج التي استغلها خلال اليوم الأول لبطولة التنس المفتوحة بالولايات المتحدة، الاثنين (80000 رطل).

بالنسبة إلى عمال الإنقاذ على الشواطئ، قد يتمثل المقياس في أعداد زائري شواطئ المدينة (17.2 مليون).

بالنسبة إلى المسؤولين التنفيذيين في مؤسسة «كونسوليديتيد إديسون»، يتمثل المقياس قطعا في الأيام التي بلغت درجة الحرارة خلالها 90 درجة التي ناضلت خلالها المؤسسة للمرور منها بسلام من دون حدوث خلل واسع في شبكة إمدادات الطاقة (34).

وعند حساب جميع هذه العوامل معا، نجد أن المحصلة النهائية سلسلة من الأيام الحارة أجبرت سكان نيويورك إلى العمل على تلطيف درجات حرارة أجسادهم عبر سبل تقليدية وأخرى إبداعية.

فيما يخص مدينا (56 عاما) الذي يعيش في بيلهام باي، فإنه نادرا ما تجرأ على الوقوف خارج الكشك المعدني الذي يعمل به عند تقاطع شارعي كلينتون وديلانسي في الجانب الشرقي من مانهاتن. ومن أجل تلطيف درجة الحرارة، ابتكر مدينا نظاما باستخدام زجاجات مثلجة من مياه «بولاند سبرينغ».

وكان يعمد إلى وضع ثلاث زجاجات في خاصرة البنطال الذي يرتديه، بينما كان يضع زجاجة رابعة في كيس بلاستيكي ويمررها أسفل ذقنه وعلى الجزء الخلفي من رقبته.

ورغم هذه التجهيزات، قال مدينا إنه اضطر إلى العودة مبكرا إلى منزله خلال أيام قلائل. وغادر عمله إلى منزله في الثالثة عصرا خلال أشد الأيام حرارة، بدلا من السادسة، وهو موعد رحيله المعتاد. وشرح مدينا أن «الحرارة تؤثر على كامل الجهاز العصبي، وتجعل المرء عصبي المزاج وتجعله عاجزا عن تحمل التعامل مع العملاء».

داخل «شركة ناتوزي برزرز أيس» في كوينز، ترن أجراس الهاتف دونما توقف مع بلوغ درجات الحرارة مستوى الـ90، حسبما أوضح ناتوزي. وأضاف أنه خلال هذا الصيف، عكفت شركته على توفير ثلج مجفف لمتاجر بيع الحلوى المثلجة للحفاظ على منتجاتها مجمدة، وهو طلب نادرا ما تلقته الشركة الصيف السابق.

واستطرد ناتوزي موضحا أن نقص العرض خلال الشهور الأولى من الصيف الماضي التي شهدت درجات حرارة لطيفة تسبب في خسائر كبيرة، لكن هذا الصيف حمل وجها آخر مختلفا تماما، حيث باعت الشركة، التي تحتفظ في مخازنها بـ40 طنا من الثلج، كل مخزونها خلال موجة الحر الشديدة التي بدأت في 4 يوليو (تموز). ومنذ ذلك الحين، عملت الشركة على تشغيل شاحنات النقل لمدة 15 ساعة يوميا. وقال ناتوزي: «لقد كان صيفا شديد القيظ».

ورغم كل الإنهاك الذي أصابه، لم تمر المحنة بعد. تتولى شركة ناتوزي توفير الثلج لنشاطات الخدمات الغذائية في إطار بطولة الولايات المتحدة المفتوحة للتنس التي تستمر لمدة أسبوعين. في اليوم الأول للبطولة، استهلكت البطولة قرابة 20000 رطل إضافي من الثلج عن الكمية المعتادة. وأكد ناتوزي: «مهما طال بي العمر سأظل أتذكر هذا الصيف».

داخل «كونسوليديتيد إديسون»، سيبقى صيف 2010 محفورا في الذاكرة لما حدث وما لم يحدث به. خلال الأشهر الثلاثة الماضية، فاق طلب العملاء على الطاقة من الشبكة الخاصة بالشركة أي فترة ثلاثة أشهر ماضية، طبقا للبيانات التي تولت الشركة جمعها. إلا أنه عبر موجات حر متعاقبة، تمكن نظام توزيع الكهرباء من الصمود، مع وقوع أحداق عطل محلية من حين إلى آخر فحسب.

في هذا السياق، اشتكى ثيو تريليفاس (65 عاما)، سمكري سابق، من انقطاع تيار الطاقة عن منزله في أستوريا بكوينز في يوليو، قائلا: «عانينا على مدار يومين. لم تكن هناك إمدادات طاقة ولا طهي ولا جهاز تبريد للهواء ولا أنوار. لا شيء مطلقا».

وكان الطلب المتزايد على الطاقة من جانب الأفراد العملاء واحدا من أكبر المفاجآت لمسؤولي «كونسوليديتيد إديسون» هذا الصيف. من بين 36 محطة توزيع مملوكة للشركة، 14 - وهي كل المناطق السكنية - فاقت التوقعات للطلب خلال الذروة، حسبما أفاد جون إف. مكساد، نائب رئيس الشركة الذي تولى الإشراف على النشاطات الكهربية للشركة. وفي انعكاس للحالة الواهنة للاقتصاد، تراجع استهلاك الطاقة على يد العملاء التجاريين هذا الصيف، حسبما أضاف.

شكل الاستخدام المتزايد لأجهزة تبريد الهواء أحد العناصر الثابتة في الحياة داخل المراكز الحضرية. طبقا لتقديرات «كونسوليديتيد إديسون»، فإن المنطقة التي تغطيها خدماتها تضم 6.6 مليون جهاز تبريد للهواء، ويرتفع هذا الرقم بمعدل 170000 جهاز سنويا على الأقل.

من ناحيتهما، حاول سام شارما وزوجته وضع عبوات ثلجية أمام النوافذ والمراوح في شقتهما الواقعة في الطابق الثاني من منزل في وودسايد بكوينز، لكنهما انهارا في نهاية الأمر وفعلا ما فعله الكثير من أبناء نيويورك، حيث اشتريا جهازا لتبريد الهواء.

وعن ذلك، قال شارما، وهو مهاجر من نيبال يعمل في إحدى باحات انتظار السيارات: «وضعنا الجهاز في غرفة المعيشة ولا نلجأ إلى تشغيله إلا في أيام القيظ الشديد ولبضع ساعات فقط. ربما استخدمناه لعشرة أيام فقط طوال هذا الصيف. إنه باهظ التكلفة».

هربا من الحر، فر البعض من المدينة، ونفدت جميع حيل شارون فريدمان، المستشارة في مجال شبكة الإنترنت وتنتمي إلى تينفلاي في نيو جيرسي، للترفيه عن ابنتها مراغوت (8 أعوام)، وتلطيف درجة حرارة جسدها في الوقت ذاته. وعليه، توجهت بسيارتها إلى تومبكينز سكوير بارك كي تلعب طفلتها حول النافورة هناك. وعلقت فريدمان بقولها: «عندما تصل درجة الحرارة إلى 90 درجة، تصبح جميع المناطق على المستوى ذاته من القيظ».

عندما سعى أبناء نيويورك للفرار من الحر، تدفقوا على الشواطئ، خاصة كوني آيلاند. طبقا لقسم شؤون المتنزهات في المدينة، فإن إجمالي من توافدوا على شواطئ كوني آيلاند تجاوز 12.8 مليون نسمة بقليل، مما يزيد على ثلاثة أضعاف الزوار عام 2009.

* خدمة «نيويورك تايمز»