عراقيون كسبوا الملايين من العمل مع الأميركيين.. وآخرون دفعوا حياتهم ثمنا له

آلاف منهم فقدوا مصدر رزقهم بعد انسحاب القوات القتالية

TT

مع انتهاء مهام القوات الأميركية في العراق وانسحاب الجزء الأكبر منها وتحديدا القوات القتالية وبقاء 49 ألف جندي كمستشارين ولإنجاز مهام تدريبية، فقد آلاف العراقيين أعمالهم ومصدر رزقهم.

في بداية الغزو في مارس (آذار) 2003 كانت القوات الأميركية قليلة الاختلاط بالمدنيين العراقيين واستعانت حينها بمترجمين عرب من جنسيات مختلفة، بمن فيهم عراقيون مقيمون في أميركا. وبعد أن استقر حال الوحدات بدأت بالإعداد لمعسكرات ومقرات، وهنا تمت الاستعانة بعمال بناء عراقيين ولكن بعد إخضاعهم لإجراءات مشددة، وبعد ذلك وسعت القوات الأميركية من اعتمادها على العراقيين في أعمال متعددة مثل إدارة المطاعم ومحال تجارية وترجمة، وفتحت مراكز لتلقي طلبات التعيين منهم. وبعد عام 2004 أصبح مصدر الرزق هذا مصدر موت أيضا فقد بات العاملون مع القوات الأميركية مستهدفين من قبل كثير من الجهات التي وضعتهم تحت بند العميل والجاسوس والخائن فيما سمي المترجم بـ«الببغاء».

أحمد جاسم عاد أخيرا لحياته العادية بعدما كان يعمل مترجما لدى القوات الأميركية. ويعتبر أن الانسحاب الأميركي انعكس سلبا على الأعمال وزاد من معدلات البطالة. ويقول جاسم إن ما نسبته 70% تقريبا من الذين عملوا مع الأميركيين ولفترات طويلة تمكنوا من الحصول على الهجرة إلى أميركا، وهذا قبل خروج القوات بموجب برنامج خاص للعاملين مع القوات الأميركية. وبشأن طبيعة العلاقة بين الموظف أو العامل العراقي والجندي الأميركي قال: «كثير من العلاقات تطورت بين العاملين العراقيين والجنود أو الموظفين من الأميركيين، لوجودهم في خندق واحد»، مشيرا إلى أن طبيعة هذه العلاقات «تتبع طبيعة كل شخصية؛ فبينهم المتعصب ومنهم المنفتح ومنهم المتعاطف ومنهم من ينظر للعراقي أو العربي بشكل عام على أنهم إرهابيون أو محبون للحروب وآخرون على العكس من ذلك ينظرون لكرم العربي وعاطفته التي تتحكم بعلاقاته وصداقاته الحقيقية».

مترجم آخر، ويسمى علي عقرب وهي كنية اكتسبها بعد أن تعرف على جندي أميركي يعمل في بلاده في مجال الوشم وطلب منه أن يمارس هوايته على جسده الذي تحول إلى معرض متنقل المميز فيه صورة عقرب كبير وسط ظهره، قال: «هناك عاملات عراقيات تزوجن أميركيين وسافرن معهم بعد انتهاء المهمة، وربما سمع كثيرا بحادثة قتل فيها جندي أميركي مجندة لأنها أحبت مترجما عراقيا».

ويوضح عراقي آخر طلب الاكتفاء بالإشارة إليه بـ«مهندي» عمل في الوحدات الفنية الأميركية، أن الذين عملوا مع الأميركيين يصنفون إلى ثلاثة صنوف: «الأول: هم الذين حققوا مكاسب مادية لا يمكن تخيلها فأعرف شابا لم يتجاوز من العمر 25 عاما اتفق مع الأميركان على شراء مولداتهم الضخمة المستهلكة وبيعها ويشتريها بمبالغ مثل 3 آلاف دولار لكن سعرها في الخارج يصل لعشرة أو عشرين ضعف هذا السعر، وهناك من اتفق معهم على مقاولات لبناء مدارس ومعسكرات وغيرها وهم أيضا تحولوا إلى أصحاب الملايين من الدولارات. أما الفئة الثانية فهم ممن اعتاشوا على الرواتب فقط، وهي إن كانت عالية فهي لا تتجاوز الـ6 آلاف دولار شهريا في أفضل الظروف، وأخيرا هناك الفئة التي تضررت من الأميركيين وأعني الذين تم كشفهم وتعرضوا للقتل وفقدوا حياتهم، أو كشفوا ومورست بحقهم ضغوطات وابتزاز وتهجير».