رئيس ألمانيا يزيد الضغط لإقالة مصرفي بارز هاجم المسلمين

استطلاعات للرأي تظهر انقساما بين الألمان حول بقاء ساراتسن بالبنك

TT

زاد الرئيس الألماني كريستيان وولف من الضغوط على البنك المركزي الألماني (البوندسبنك) لإقالة عضو مجلس إدارته المثير للانشقاق تيلو ساراتسن، قائلا إن البنك بحاجة لتقليص الضرر الذي لحق بسمعة ألمانيا.

وكان ساراتسن قد أثار انقسامات في ألمانيا بانتقاده الجالية المسلمة الكبيرة في البلاد وبتعليقات قال فيها إن اليهود لهم تركيبة جينية خاصة، مما أثار مطالبات من ساسة بضرورة أن يقوم البنك المركزي بإقالته.

وبينما قالت صحيفة إن مجلس إدارة البنك قرر عزل ساراتسن فإن القرار الرسمي لم يتخذ بعد، وأشار وولف في مقابلة مع قناة «إن 24» التلفزيونية في وقت متأخر أول من أمس إلى أن ذلك ربما يكون الإجراء الأمثل. وقال وولف الذي سيكون عليه أن يعتمد إقالة ساراتسن في حالة تصويت مجلس الإدارة بالموافقة على ذلك «أعتقد أنه بإمكان مجلس إدارة البوندسبنك عمل الكثير حتى لا يضر هذا الجدل بألمانيا، لا سيما على المستوى الدولي».

وذكرت صحيفة «برلينر تسايتونج» اليومية أن مجلس إدارة البنك لم يعد يدرس ما إذا كان سيقيل ساراتسن أم لا، ولكن يدرس الكيفية التي سيتم بها ذلك. ورفض البوندسبنك التعليق على النبأ. ويمكن للبنك أن يقيل ساراتسن فقط لأسباب تتعلق بسلوك مشين.

وقال المصرفي البالغ من العمر 65 عاما، وكذا البنك المركزي، مرارا إن تعليقات ساراتسن عن العرق والدين ليس لها أي صلة بدوره في البنك المركزي.

وانتقدت الجالية اليهودية في ألمانيا ساراتسن بشدة، وقالت جماعة في الولايات المتحدة للناجين من المحارق النازية أمس إنها ستكثف حملتها من أجل إقالة ساراتسن من البنك المركزي الألماني.

وقال إيلان ستاينبورغ، نائب رئيس التجمع الأميركي للناجين من المحارق، وأبنائهم «سيتقدم ناجون من المحارق من إسرائيل وأوروبا وأستراليا ومن الأميركتين، للسفارات الألمانية، فيما يزيد على عشرين بلدا للمطالبة بالإقالة الفورية لساراتسن». وأضاف «تعليقات ساراتسن العنصرية لم توجه الإهانة لنا كضحايا للأعمال الوحشية لألمانيا النازية فحسب، لكنها تلقي بظل أسود على الموقف المشرق أخلاقيا لألمانيا المعاصرة».

وقال البنك إنه أرجا البت في قرار بشأن مصير ساراتسن إلى وقت لاحق. وأظهرت استطلاعات رأي نشرت نتائجها أمس انقساما بين الألمان حول بقاء ساراتسن بالبنك.

وأشارت نتائج استطلاعين للرأي نشرت أول من أمس الأربعاء إلى أن الألمان منقسمون بشدة بشأن مصير عضو في مجلس إدارة البنك المركزي (البوندسبنك) أثارت تصريحاته عن مهاجرين مسلمين جدلا ساخنا يتعلق بالأجناس والاندماج في المجتمع.

وحفلت عناوين الصحف على مدى الأيام العشرة الماضية بانتقادات تيلو ساراتسن، عضو مجلس إدارة البنك المركزي الألماني، للمسلمين في ألمانيا وتصريحات زعم فيها أن اليهود لهم تكوين جيني مميز. ووبخت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ومجموعة من كبار الساسة ساراتسن، البالغ من العمر 65 عاما، الذي قال إن المهاجرين ذوي الأصول التركية والعربية يرفضون الاندماج ويستنزفون الدولة ويخفضون معدل الذكاء في البلد.

وحث المجلس المركزي لليهود في ألمانيا البنك المركزي على إقالة ساراتسن، لكن البنك قال إنه أجل اتخاذ قرار بخصوص مصيره مؤقتا. وكانت نتائج استطلاع أجرته مؤسسة «أنميد» لحساب قناة «إن 24» التلفزيونية قد أشارت إلى أن 51 في المائة ممن شملهم الاستطلاع لا يرون حاجة في إقالة ساراتسن، بينما عبر 32 في المائة عن رأي مضاد. لكن استطلاعا آخر أجرته مؤسسة «يوجوف» لحساب صحيفة «بيلد» أظهر أن 42 في المائة يعتبرون أنه لم يعد مقبولا أن يبقى ساراتسن في وظيفته، بينما قال 34 في المائة إنهم يرون أنه ما زال مقبولا، ولم يحدد 25 في المائة موقفهم. وشمل كل من الاستطلاعين نحو 1000 ألماني. وزاد وزير المالية الألماني فولفجانج شويبله الضغط على البنك المركزي، قائلا إن ساراتسن قصر في القيام بواجباته.

وقال شويبله لـ«رويترز» واضح تماما أنه أخفق في الوفاء بالتزاماته ضبط النفس. هذا النوع من كسر المحرمات لا يحقق تقدما لبلدنا بل لا يحقق إلا عكس ذلك». وأشار استطلاع «أنميد» إلى أن عدد من يختلفون مع المصرفي في الرأي أكبر من عدد من يتفقون معه. وضمن ساراتسن تأملاته عن المهاجرين في كتاب جديد بعنوان «ألمانيا تمحو نفسها».

وقال نحو 35 في المائة ممن شملهم الاستطلاع إنهم «يرفضون» نظرياته التي رحبت بها أحزاب تنتمي إلى أقصى اليمين في ألمانيا وخارجها، بينما لم يتفق معه في الرأي سوى 30 في المائة.

لكن 56 في المائة ممن استطلعت آراؤهم قالوا إن المهاجرين هم المسؤولون عن المشكلات التي يواجهونها في الاندماج، بينما يرى 11 في المائة أن الألمان هم المسؤولون عن الصعوبات. ويقول ساراتسن في كتابه «لا أريد لأحفادي وأبناء أحفادي أن يعيشوا في بلد معظم سكانه مسلمون، ويشيع فيه الحديث بالتركية والعربية على نطاق واسع، وترتدي فيه النساء الحجاب وتحدد فيه دعوة المؤذن إلى الصلاة إيقاع اليوم».

واضطر ساراتسن لإلغاء القراءة الأولى للكتاب الذي يتوقع أن يكون من بين الكتب الأكثر مبيعا، وذلك لدواع أمنية بعد أن ذكرت جماعات مناهضة للفاشية أنها تعتزم تنظيم احتجاج. ويرفض ساراتسن اتهامات بإثارة انقسامات في ألمانيا التي يعيش فيها ما لا يقل عن أربعة ملايين مسلم، معظمهم من أصول تركية، ويقدر عدد ذوي الأصول العربية فيها بنحو 280 ألفا.