نزاع زوجي يحدث انقساما وسط الساحة الإعلامية والحقوقية في المغرب

وزارة العدل تقول إنها قضية غامضة.. وحديث عن تورط طائفة «المانداروم» في الأمر

المؤتمر الصحافي الذي عقدته الجمعية المغربية لحماية الطفولة، وتبدو الأم في الوسط (تصوير: محمد كركش)
TT

أحدث نزاع بين زوج وزوجته انقساما بشأن أطفالهما، وسط جمعيات حقوقية في المغرب، واعتبرت وزارة العدل المغربية هذه القضية غامضة، خاصة مع وجود أطراف أخرى لها علاقة بتطوراتها، من بينها طائفة «المانداروم» التي توجد في فرنسا.

وقالت الجمعية المغربية لحماية الطفولة التي تساند الأم، وهي مغربية كانت تعمل في فرنسا، إنها تعتزم تنظيم وقفات احتجاجية في الأيام المقبلة للمطالبة باسترجاع الأم لحضانة ابنتها ذات العشر سنوات.

وكان الطلاق قد تم بينها وبين زوجها لأسباب غير عادية، تعود إلى عام 2007، حين اتهم الزوج زوجته بالانتماء إلى طائفة «المانداروم» التي تعبد الشجر والحجر، وتقوم بطقوس غريبة، من بينها الاستغلال الجنسي للأطفال، وهي قضية أدت إلى انقسامات بين وسائل الإعلام المحلية، وتضارب في الآراء بين طرفي القضية.

وفي هذا السياق، قالت نجاة أنور، رئيسة جمعية «متقيش ولدي» (لا تمس ولدي)، التي تعنى بمناهضة الاستغلال الجنسي للأطفال في المغرب، إنها استقبلت أمس من طرف مستشار وزير العدل المغربي للمطالبة بتنفيذ حكم استعجالي صادر عن المحكمة الابتدائية بالرباط، يقضي بإعادة الابنة شيرين بلحاج إلى حضانة أمها إلى حين تنفيذ الأحكام النهائية المتعلقة بالقضية، بيد أنها لم تتلق أي وعد بشأن تنفيذ الحكم على اعتبار أن «الملف شائك وغامض»، طبقا لما نقل عن مسؤولين في وزارة العدل.

وأوضحت أنور في لقاء صحافي عقد أمس بالرباط، أن كل ما قيل في حق الأم هدى الخيام، المتهمة بالانتماء إلى طائفة وثنية، عبارة عن أكاذيب ومغالطات روجها الأب عبر عدد من الصحف المحلية. وأضافت أنور أن تلك التهمة من شأنها أن تعرض حياة الأم للخطر لأن «التكفير معناه العزلة والتحريض», وعاتبت أنور بعض الصحف لأنها «صوبت أقلامها الفتاكة ضد سيدة بريئة دون أن تكلف نفسها عناء الاتصال بها لمعرفة الحقيقة».

وانتقدت أنور الأحكام القضائية التي «فرقت بعنف طفلة عن أمها»، متسائلة عن سبب تمديد المحاكمة في هذه القضية التي عرفت حتى الآن تسع جلسات من دون أن يتم البت فيها بشكل نهائي، مشيرة إلى أن جميع من التقت بهم متعاطفون مع الأم، ويقرون بأنها مظلومة، وأضافت أنه قبل تبني جمعيتها لهذه القضية تحرت بشكل دقيق عن ملابساتها، حتى لا تعرض جمعيتها للتشويش، وتحافظ على مصداقيتها.

من جانبه، قال مصطفى الراشدي، محامي الأم، إن القضاء الفرنسي أصدر أحكاما تقضي بإرجاع الطفلة شيرين إلى حضانة أمها إلى حين إصدار الأحكام القضائية النهائية، كما قضت بأداء تعويضات لفائدتها، إلا أن الأم محرومة حتى الآن من حق يكفله لها القانون، ووصفت ادعاءات الأب بأنها «زيف وبهتان»، وانتقد الراشدي بدوره الصحافة، وقال إنها أثرت على القضاء.

أما الأم التي لم تستطع مغالبة دموعها وهي تسرد تفاصيل قصتها المثيرة، فطالبت بحماية ابنيها كريم (17 عاما) وشيرين (10 سنوات)، لأنهما تعرضا لغسيل دماغ من طرف والدهما، مشيرة إلى أن الأب كان يسجن ابنته شيرين لعدة أيام داخل غرفة في البيت ويحرمها من الذهاب إلى المدرسة. وأوضحت أن ما فعله بها الأب هو مجرد انتقام، لأنها فضحت خيانته الزوجية لها.

يشار إلى أن الابن كريم، الذي يقف بجانب والده في هذه القضية، حضر اللقاء قبل انطلاقه، وأحدث ضجة، ملحا على الحديث أمام وسائل الإعلام لتوضيح وجهة نظر مغايرة لهذه القضية، وقال إن أخته الصغيرة شيرين سعيدة في البيت، ودعا أمه إلى العودة إلى البيت إن أرادت ذلك، متهما الجمعية بأنها لم تلتق بوالده قط، وأنها غير مطلعة على تفاصيل القضية، قبل أن يوزع بيانا على الصحافيين بعنوان «الحقيقة في قضية شيرين بلحاج» موقعا من طرف الأب، ويغادر مكان اللقاء، وهو ما اعتبرته رئيسة الجمعية والأم أيضا «تشويشا متعمدا» من طرف الأب على جهود الجمعية.

وذكر الأب في بيانه أن زوجته حاولت اختطاف ابنته شيرين عند خروجها من المدرسة في يونيو (حزيران) الماضي، بمساعدة مجموعة من الفرنسيين المنتمين إلى طائفة «المانداروم»، مشيرا إلى أن زوجته كانت تحت تأثير زعيم هذه الطائفة، وهو فرنسي مقيم بالمغرب، وكانت تعرض طفليه لممارسات غير مقبولة أخلاقيا ودينيا، على حد قوله.

يذكر أن هذه القضية أصبحت موضوع جدل بين جمعيتين مغربيتين انفصلتا في وقت سابق، على الرغم من أن الجمعيتين لهما نفس الأهداف وهي حماية الأطفال من الاستغلال الجنسي، الأولى تحمل اسم «متقيش ولدي» تدافع عن موقف الأم، والثانية تحمل اسم «متقيش ولادي» تترأسها نجية أديب، وتقف في صف الأب.