طفرة في المنتجعات والاستراحات السياحية في غزة

منها ما هو استثمار خاص ومنها ما هو حكومي

TT

ندم غسان السموح أشد الندم على الاستجابة لنصيحة نجله ماجد بسلوك الطريق الساحلي للوصول إلى مدينة غزة بدلا من طريق صلاح الدين الذي يربط شمال القطاع بجنوبه، فالطريق الذي يربط مخيم المغازي في المنطقة الوسطى من قطاع غزة حيث يقطن غسان ومدينة غزة، يستغرق عادة ثلث ساعة عبر «صلاح الدين»، لكنه استغرق نحو 40 دقيقة عبر الطريق الساحلي.

فلم يحسب غسان حسابا للاختناقات المرورية التي باتت تميز الطريق الساحلي الذي يلتف على مدينة غزة من ناحية الغرب، وذلك بسبب انتشار المنتجعات السياحية والاستراحات الصيفية التي زاد عددها مؤخرا بشكل لافت وتحديدا على طول الطريق الساحلي.

وأحد أهم هذه المنتجعات التي تجذب متوسطي الحال والموسرين من الغزيين هو منتجع «الشاليهات» الذي أجرته بلدية غزة لإحدى الشركات الاستثمارية التي قامت بدورها بتطوير الخدمات السياحية فيه.

ويقول محمد الصانع، صاحب منتجع «الشاليهات»، لـ«الشرق الأوسط»: «قبل عامين استلمنا هذا المنتجع من بلدية غزة وقد كان تالفا بشكل كبير، حيث أحرق ودمر خلال الحسم العسكري والاشتباكات التي دارت بين حركتي فتح وحماس، لكننا أعدنا ترميمه وزراعة أرضه بتكلفة فاقت 300 ألف دولار أميركي». ويشير الصانع إلى حجم الإقبال الكبير على المنتجع على الرغم من أن ثمن تذكرة الدخول للشخص الواحد تبلغ عشرة شواقل (دولاران ونصف)، وهو مبلغ مرتفع، حيث إن متوسط ما ستدفعه عائلة مكونة من سبعة أشخاص سيبلغ سبعين شيقلا دون الحصول على الخدمات الأخرى.

ويربط الصانع بين سيادة حالة الأمن في غزة وإقبال الناس على المنتجعات السياحية، مؤكدا أن هذه المشاريع خففت عن المواطنين المحاصرين بعد الحرب الإسرائيلية العدوانية على غزة قبل عام ونصف.

وعلى امتداد الشاليهات في أقصى جنوب مدينة غزة افتتح قبل عدة أشهر منتجع «كريزي ووتر بارك» الذي يعتبر من أكبر المنتجعات السياحية، إذ تبلغ مساحته 10 آلاف متر مربع بمواصفات أولمبية ومجرى مياه صناعي بطول 250 مترا.

ويحتوي منتجع «كريزي» الذي أنشأه عدد من المستثمرين الغزيين منتصف يونيو (حزيران) على مسبحين للكبار والصغار، إضافة إلى زلاجات مائية خاصة تسير داخل مجرى المياه في مشهد تراه غزة للمرة الأولى.

ويؤكد علاء الأعرج وزير الاقتصاد السابق في حكومة حماس، وهو أحد الشركاء المستثمرين في المشروع، لـ«الشرق الأوسط» أن هذا المشروع يعتبر الأول من نوعه في قطاع غزة في ظل الحصار الإسرائيلي، مشددا على أن مثل هذه المشاريع من شأنها أن تخفف عن سكان القطاع من الحصار الإسرائيلي، إضافة إلى اعتبارها نوعا من الصمود والاستثمار الداخلي الذي يتحدى الحصار. وأشار الأعرج إلى أن الإقبال على المنتجع كبير لشعور المواطنين بأهمية إخراج أبنائهم من مشاهد الحرب والحصار الإسرائيلي، رافضا الإفصاح عن تكاليف المشروع الذي يشترك فيه خمسة من المستثمرين والتجار المعروفين في قطاع غزة. وأشار إلى أن عدد الزوار للمنتجع في اليوم الواحد يتباين ما بين خمسمائة وألف زائر، وتبلغ قيمة تذكرة الدخول فيه دولارين ونصف الدولار، مؤكدا أن الأسعار مناسبة لطبيعة الخدمات النوعية التي يقدمها المنتجع.

وتبدو ملامح النشاط السياحي واضحة على طول ساحل غزة، إذ تنتشر الاستراحات البحرية على نطاق واسع، ولا تقتصر على الجهات الخاصة أو الشركات، لكن الحكومة المقالة دخلت على الخط وافتتحت وزارة الداخلية فيها «مدينة بيسان» السياحية المقامة على مساحة 270 دونما في أقصى شمال القطاع، التي تشكل متنفسا للترفيه لآلاف المواطنين، بعد أن كانت مكبا للنفايات. يقول عمار أبو وردة مدير المدينة السياحية التي افتتحت مطلع مايو (أيار) الماضي: «قمنا بهذا المشروع هنا لافتقار شمال القطاع إلى المتنفس الطبيعي، ولرغبتنا في تحويله من (مكرهة صحية) إلى مكان للترفيه عن الناس وتخفيف أعباء الحصار عنهم».

وتضم المدينة السياحية التي بلغت كلفتها 1.5 مليون دولار، حديقة تمتد على مساحة 86 دونما، وحديقة حيوان متواضعة، ومسبحين للأطفال وللكبار بمواصفات أولمبية، لا يزالان قيد الإنشاء. ويزورها في إجازة نهاية الأسبوع الخميس والجمعة نحو ستة آلاف شخص، بينما لا يتعدى زوارها ألفي زائر في باقي الأيام، وفقا لإدارة المدينة.