بريطانيا: فضيحة التنصت تلاحق مدير الاتصالات في «داونينغ ستريت».. وأصوات تطالب كاميرون بإقالته

«نيويورك تايمز» تنشر تقريرا تتهم فيه كولسون بمشاركته في عمليات التنصت على شخصيات مهمة

TT

بعد أسبوع متوتر عاشه وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ بسبب توجيه اتهامات له بأنه عين مستشارا خاصا له بسبب ارتباطه به بعلاقة عاطفية، برزت أمس فضيحة أخرى تطارد الحكومة الائتلافية في بريطانيا. وعادت قصة تنصت صحافيين على شخصيات بارزة في البلاد، لتلاحق اندي كولسون، مدير الاتصالات لدى رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، وترفع الأصوات المطالبة بإقالته من منصبه، وإعادة فتح تحقيق جاد في الموضوع. وكان كولسون يشغل منصب رئيس تحرير صحيفة «نيوز أوف ذو وورلد» عندما اكتشفت الشرطة أن صحافيين فيها يتنصتون على هواتف أفراد من العائلة المالكة وغيرهم من الشخصيات البارزة في المجتمع بغية جمع الأخبار. وعادت القصة التي كانت تفجرت العام الماضي، إلى الواجهة أمس، بعد أن نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية تحقيقا أمس، يحمل تفاصيل جديدة في عملية التنصت، ويتهم شرطة أسكوتلنديارد بالتقصير.

وقالت «نيويورك تايمز» في تحقيقها الطويل، إنها قابلت أكثر من 5 صحافيين عملوا مع كولسون، وتحدثوا عن الضغوط الكبيرة التي كانوا يتعرضون لها لجمع الأخبار. وقال أحد الصحافيين الذين تحدثت إليهم «نيويورك تايمز»، إن كولسون فرض عقلية «مهما تطلب الأمر» لجمع القصص. وقالت إن هذا الصحافي كان واحدا من شخصين قالا إن كولسون كان حاضرا عندما كانوا يناقشون قضية التنصت على الهواتف.

وقالت الصحيفة إن مسألة التنصت على البريد الصوتي لشخصيات بارزة كان أمرا «روتينيا» في ظل إدارة كولسون للصحيفة، وإن كولسون نفسه شارك في عشرات؛ بل مئات الاجتماعات، حيث تمت مناقشة التنصت. وقالت «نيويورك تايمز» إنها جمعت معلوماتها هذه من أكثر من 10 صحافيين كانوا يعملون في «نيوز أوف ذو وورلد» حينها. وكشفت أن أحد الصحافيين قد تورط مؤخرا، في عملية تنصت جديدة.

كما تطال الاتهامات الجديدة في «نيويورك تايمز» شرطة أسكوتلنديارد التي تقول إنها لم تحقق إلا في قضية التنصت على أفراد من العائلة المالكة لأنها كانت منشغلة بالتحقيق في اعتداءات إرهابية كبيرة، ولكن أيضا بسبب «العلاقة الحميمة» التي تربط الشرطة بالصحيفة. ونفى ناطق باسم «أسكوتلنديارد» تحدث لوكالة «أسوشييتد برس»، أن تكون الشرطة قد قصرت في علمها، إلا أنه كشف أن الشرطة تملك لوائح طويلة من أرقام هواتف جمعتها خلال التحقيق. وقال إن الشرطة عثرت على نحو 3 آلاف رقم هاتف جوال خلال التحقيق، وأن مئات الأشخاص ربما يكونون قد تعرضوا لمحاولات قرصنة على هواتفهم، إلا أنه أشار إلى اعتقاد الشرطة بأن عددا قليلا من الهواتف تم التنصت عليه.

وإثر هذه المزاعم الجديدة، علت الأصوات المطالبة بإعادة فتح تحقيق مفصل في قضية التنصت على الهواتف الجوالة، وتحديد دور كولسون الذي يؤكد أنه لم يكن على دراية بأن بعض صحافييه يستعملون هذه الأساليب للحصول على قصص. ومن أبرز الداعين لإعادة فتح تحقيق، نائب رئيس الوزراء السابق جون بريسكوت الذي يدعي أن الصحيفة تنصتت على هاتفه. وقال في تصريح لـ«بي بي سي»: «الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها أن تظهر الحقيقة، هي أن نفتح تحقيقا جادا». وهناك آخرون أيضا يسعون لإعادة فتح تحقيق في القضية، منهم النائب عن حزب العمال توم واتسون وشرطي سابق في أسكوتلنديارد هو براين باديك.

كذلك دعا حزب العمال كاميرون إلى إقالة كولسون من منصبه. وقال كريس برايانت، «وزير أوروبا» في حكومة الظل، إنه سيبدأ مراجعة لتصرف الشرطة، وقال إنه يجد صعوبة في تصديق أن كولسون لم يكن على دراية بحصول عمليات تنصت. وأضاف لصحيفة «الغارديان»: «إذا لم يطرد ديفيد كاميرون أندي كولسون، يكون قد تغاضى على الملأ عن أقذر السياسات في بريطانيا». وقال إيد ميليباند، المرشح لزعامة حزب العمال، إن كاميرون يواجه امتحانا في صوابية الحكم. وأضاف: «قد تكون هذه الاتهامات الموجهة لأكبر الموظفين في (داونينغ ستريت)، من قبل صحيفة محترمة في العالم بأسره، بالغة الجدية. هذا اختبار لصوابية حكم ديفيد كاميرون. إنها مسؤولية رئيس الوزراء أن يتأكد من مصداقية مكتبه الذي يختاره، ومن مسؤولية كاميرون أن يعطينا الجواب النهائي حول ملحمة اندي كولسون: هل هذه الاتهامات صحيحة؟».

وكان كولسون استقال من رئاسة تحرير الصحيفة في يناير (كانون الثاني) 2007، بعد أن أدانت محكمة مراسل القصر الملكي في الصحيفة كلايف غودمان بالتنصت على هواتف العائلة المالكة؛ من بينهم الأميران ويليام وهاري. وتمت أيضا إدانة محقق عمل لحساب كولسون، وهو غلين مالكير. وحكم على الرجلين بعدة أشهر بالسجن. ولطالما أصرت «نيوز أوف ذو وورلد» على أن القضية كانت فردية، وأن كلايف وماكلير تصرفا من دون علم الإدارة. وقد علقت أمس في بيان على تحقيق «نيويورك تايمز»، وقالت: «نحن نرفض بشكل قاطع أي إيحاءات أو اتهامات بأن أعمال كلايف غودمان وغلين مالكير كانت جزءا من (ثقافة) خاطئة لدينا». ولكن الصحيفة اعترفت بأن أحد صحافييها يخضع لتحقيق داخلي في الوقت الحالي بسبب اتهامه بجمع معلومات عبر التنصت، وقالت إن الصحافي قد أوقف عن العمل.

ويملك إمبراطور الإعلام روبرت مردوخ صحيفة «نيوز أوف ذو وورلد». ومن بين وسائل الإعلام التي يملكها في الولايات المتحدة، تلفزيون «فوكس نيوز» اليميني وصحيفة «نيويورك بوست» و«وول ستريت جورنال» الاقتصادية.