إيران: قوات الباسيج ترفع حصارها عن منزل كروبي بعد هجوم ثان ومواجهات مع حراسه

موسوي يندد ويصف المهاجمين بـ«السفلة».. ونجاد يدعو الفلسطينيين في يوم القدس إلى الكفاح المسلح.. وباريس تعتبر تصريحاته «حاقدة»

أحد مساعدي الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد يضبط المايكروفون أثناء كلمة ألقاها نجاد بمناسبة يوم القدس في طهران أمس (رويترز)
TT

رفعت قوات الباسيج أو ما يسمى بـ«التعبئة الشعبية» التابعة للحرس الثوري الإيراني حصارها ظهر أمس عن منزل الإصلاحي مهدي كروبي، رئيس البرلمان الإيراني السابق، بعد أيام من تطويقه لغرض منعه من المشاركة في المظاهرات المناوئة لإسرائيل بمناسبة يوم القدس، وفي غضون ذلك، قال الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في كلمة ألقاها بالمناسبة إن المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين مصيرها الفشل، داعيا الفلسطينيين إلى مواصلة الكفاح المسلح.

وذكرت مواقع إصلاحية إيرانية أن أعضاء في الميليشيا الإسلامية «الباسيج»، الموالية للسلطات الإيرانية، طوقوا طوال ساعات منزل زعيم المعارضة الإصلاحية ومنعوه من مغادرة المبنى للمشاركة في مظاهرات «يوم القدس».

ونفذ هذا الحصار أمس منذ ساعات الصباح «عدد كبير من الباسيج والحرس الثوري (...) لمنع كروبي من مغادرة منزله»، بحسب موقع «سهم نيوز» الإلكتروني، التابع لرئيس البرلمان الإيراني الإصلاحي السابق الذي أصبح الخصم اللدود للرئيس محمود أحمدي نجاد معارضا إعادة انتخابه في يونيو (حزيران) 2009.

ونقلت وكالة الأسوشييتدبرس عن حسين، نجل كروبي، أن العشرات من المتشددين استمروا بمهاجمة منزل والده وأن الشرطة لم تستجب بالحضور إلى موقع الحادث لمنع الهجوم، غير أنه مع حلول الظهر بدا أن الحصار رفع وبقي بعض عناصر الشرطة فقط أمام منزل كروبي، بحسب شهود عيان.

ونشر الموقع الإلكتروني صورا، اطلعت «الشرق الأوسط» عليها لآثار الهجوم والحصار الذي تعرض له منزل كروبي، وبينت إحدى الصور المنشورة كتابات خطت على جدار منزله وصفت كروبي بـ«المنافق»، وهي الصفة التي يطلقها النظام الإيراني على معارضيه.

و«يوم القدس» مناسبة سنوية في آخر يوم جمعة من شهر رمضان، لمظاهرات رسمية حاشدة دعما للفلسطينيين في كل أنحاء إيران. والعام الماضي، انتهزت المعارضة فرصة هذه التجمعات لتنظيم مظاهرة موازية في طهران ضد إعادة انتخاب الرئيس الإيراني المثيرة للجدل. ورفضت هذا العام الدعوة إلى التظاهر كي لا تثير موجة جديدة من القمع، لكن كروبي أعلن قراره المشاركة في تجمع طهران.

ومنذ الأحد الماضي، بدأ عناصر الباسيج بالتجمع كل مساء أمام المبنى الذي يقطنه كروبي مع إطلاق المقذوفات وكسر الزجاج. ومساء أول من أمس، دخل المتظاهرون المبنى بعد خلع بابه. واندلعت عندئذ مواجهات بين المهاجمين والحراس الشخصيين لكروبي الذين أطلقوا عيارات نارية، بحسب معلومات جمعت من مواقع عدة.

وأصيب كبير حراس كروبي الشخصيين بجروح خطرة ونقل إلى المستشفى بحسب موقع «سهم نيوز»، فيما أصيب أربعة مهاجمين بجروح بالرصاص، وفقا للموقعين المحافظين «رجا نيوز» و«جهان نيوز».

من جهته، ندد رئيس الوزراء السابق مير حسين موسوي، الوجه الآخر في المعارضة الإصلاحية التي تعترض على إعادة انتخاب أحمدي نجاد، أمس بـ«الهجوم الذي شنه (على كروبي) مارقون سفلة».

واعتبر موسوي أبرز خصم للرئيس أحمدي نجاد أثناء الانتخابات الرئاسية في 2009 أن «هذا العمل (...) الذي يجري تحت أنظار قوات الشرطة والأمن يدل على خوف الطغمة التسلطية (السلطة الحالية) من الحركة الشعبية»، حسبما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.

وأضاف في بيان أن «مثل هذه الأعمال المعيبة لن توقف مسيرة الشعب نحو الحرية».

ويتعرض موسوي وكروبي منذ عام لاعتداءات وممارسات ترهيبية منتظمة من جانب أنصار السلطة. واعتقل عدد من المقربين منهما وسجنوا، في حين أقفلت صحفهما. وإعادة انتخاب أحمدي نجاد، التي شابتها عمليات تزوير كثيفة بحسب المعارضة الإصلاحية، حركت مظاهرات عبر البلاد طوال أشهر. ولا يزال عشرات المعارضين في السجون وصدرت عقوبات قاسية بحق عدد منهم.

إلى ذلك، اعتبر نجاد أن المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية التي تجرى برعاية الولايات المتحدة «مصيرها الفشل»، وقال في خطاب ألقاه أمام المتظاهرين الذين تجمعوا لأداء صلاة الجمعة في جامعة طهران بمناسبة يوم القدس إن «مستقبل فلسطين ستحدده مقاومة الفلسطينيين في فلسطين وليس في واشنطن أو باريس أو لندن».

وأكد الرئيس الإيراني أيضا أن «شعوب المنطقة قادرة على إزالة النظام الصهيوني من الساحة» الدولية. وقال «إذا كان قادة المنطقة لا يتجرأون على التحرك، فليتركوا الشعوب الحرة» تقم بذلك.

وانتقد أحمدي نجاد خصوصا الرئيس الفلسطيني محمود عباس من دون أن يسميه، واصفا إياه بـ«الرهينة» في يد إسرائيل لأنه أجرى مفاوضات مباشرة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وتساءل الرئيس الإيراني: «من يمثلون؟ وعلى ماذا يريدون التفاوض؟» مشددا على أن «شعب فلسطين وشعوب المنطقة لن يسمحوا لهم ببيع شبر واحد من الأراضي الفلسطينية إلى الأعداء»، داعيا الفلسطينيين إلى مواصلة الكفاح المسلح ضد إسرائيل.

ولا تعترف إيران بإسرائيل وتدعو على الدوام إلى إزالتها! وهي تدعم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تسيطر على قطاع غزة وترفض أي تسوية مع الدولة العبرية.

وقبل ذلك تظاهر مئات الآلاف، وفقا للمشاهد التي عرضها تلفزيون الدولة، في طهران والعديد من المدن الإيرانية الأخرى بمناسبة «يوم القدس» الذي تنظمه إيران سنويا في آخر يوم جمعة من شهر رمضان دعما للفلسطينيين. وكان آية الله روح الله الخميني مؤسس الثورة الإسلامية في 1979 هو من أطلق احتفال يوم القدس.

وعرض التلفزيون مشاهد لجماهير غفيرة تهتف «الموت لإسرائيل» و«الموت لأميركا» وقد حملوا لافتات كتب عليها «القدس لنا» وأعلاما فلسطينية. وقال المعلق التلفزيوني «قريبا إن شاء الله سنذهب للصلاة في القدس» مؤكدا مشاركة «ملايين الإيرانيين» في المظاهرات.

كما حمل العديد من المتظاهرين صورا لمرشد الجمهورية الإسلامية علي خامنئي الذي دعم بقوة منذ عام الرئيس أحمدي نجاد في مواجهة المعارضة الإصلاحية.

وستوزع ميليشيات الباسيج الموالية للحكومة خلال المسيرات لعبتي فيديو في محاولة للوصول إلى الأجيال الشابة وفضح جرائم «الصهاينة» وفظائعهم في فلسطين حسبما ذكر التلفزيون الحكومي.

وفي سياق متصل، قال رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية الجنرال حسن فيروزابادي إن طهران سترد بضرب منشات نووية إسرائيلية إذا تعرضت الأنشطة النووية الإيرانية لهجوم إسرائيلي. وقال لوكالة أنباء مهر الإيرانية شبه الرسمية «بوسع أسلحتنا المتطورة ضرب أي جزء من النظام الصهيوني.. نأمل ألا نضطر إلى مهاجمة منشآتهم النووية». وفي تطور لاحق أمس، اعتبرت باريس أن تصريحات نجاد حول «إزالة» إسرائيل تعبر عن «مغالاة وحقد» وأنها دليل على «عزلة القادة الإيرانيين».

وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية برنار فاليرو في مؤتمره الصحافي اليومي إن «هذه التصريحات تضاف إلى لائحة طويلة من التصريحات الحاقدة للرئيس أحمدي نجاد. وهي تكشف عن غياب الفكر المتسامح لدى القادة الحاليين في إيران». وتابع المتحدث الفرنسي أن «المغالاة والحقد في تصريحاته إنما يؤكدان عزلة القادة الإيرانيين».