عبر مقابلة مشتركة للتلفزيون الإسرائيلي والفلسطيني.. كلينتون واثقة من جدية المفاوضات «هذه المرة»

ليبرمان يطالب نتنياهو بألا يتفاوض إلا على موضوعين: الأمن والاقتصاد

كلينتون خلال اللقاء المشترك مع صحافية وصحافي من التلفزيونين الفلسطيني والإسرائيلي (صورة من الخارجية الاميركية)
TT

توجهت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، بدعوة مباشرة إلى الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، لدعم قائديهما، الرئيس محمود عباس (أبو مازن) ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في «جهودهما المخلصة للتوصل إلى تسوية تاريخية للصراع وتحقيق السلام». وقالت إن «المفاوضات هذه المرة تتسم بالجدية والإخلاص من الطرفين والولايات تثق بأن آمال نجاحها كبيرة».

وقالت كلينتون، في مقابلة مشتركة للتلفزيون الفلسطيني الرسمي وللقناة الثانية المستقلة في تلفزيون إسرائيل، الليلة قبل الماضية، إن الأمر الجديد الذي يثير التفاؤل هذه المرة هو الازدهار الاقتصادي. ففي الوقت الذي يعاني فيه العالم أجمع من أزمة اقتصادية شديدة، تبدو إسرائيل مزدهرة اقتصاديا والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية تشهد نهضة عمرانية وقفزات على طريق الرفاه والازدهار. ويستحقان فرصة لتسوية الصراع، حتى يتحول هذا التقدم إلى ازدهار حقيقي يشعر به كل الناس في الطرفين.

ورأت كلينتون أن الصراع يتخذ شكلا جديدا في هذه الحقبة من التاريخ، ما بين قوى البناء والتعمير من جهة وقوى الهدم والسلبية. وأشارت بأصبع الاتهام إلى إيران، التي تريد الهدم في سبيل الربح الذاتي، وأذرعها في المنطقة. وخصت حماس بتهمة خدمة المصالح الإيرانية وقالت إن هذه الحركة لا تعمل ضد إسرائيل وحدها، بل تعمل ضد الشعب الفلسطيني عموما وضد شعبها في غزة بشكل خاص.

وقالت كلينتون إن إدارة الرئيس باراك أوباما ترى في السلام في الشرق الأوسط مصلحة وطنية عليا للولايات المتحدة. وبناء عليه اتخذت قرارا استراتيجيا لمساعدة قادة الشعبين على تجاوز العقبات والتوصل إلى اتفاقية إطار خلال سنة، تشمل جميع القضايا المختلف عليها. وردت على سؤال حول مدى صعوبة القضايا الكبرى المختلف عليها، فأجابت: «لنأخذ قضية القدس، وهي التي تبدو الأصعب. فإذا تناولها المفاوضون بشكل تقليدي، ستكون صعبة جدا. ولكن، إذا أدركوا أنها مقدسة للجميع وأنها يمكن أن تتحول من موقد صراع إلى مصدر تآخ وسلام، سيتوصلون إلى حل مقبول بشأنها».

وكانت قوى اليمين المتطرف داخل الحكومة الإسرائيلية وفي صفوف المستوطنين، قد بدأت تشعر أن نتنياهو «يخرج عن خط اليمين»، وبعضها يهاجمه وبعضها يحذره. وتوجه وزير خارجيته، أفيغدور ليبرمان، بنداء علني عاجل وجهه من قبرص حيث يقوم بزيارة رسمية، يطالبه بالامتناع عن التفاوض مع الفلسطينيين حول قضايا الصراع الجوهرية مثل القدس والحدود واللاجئين والاستيطان. وقال إنه لن يستطيع التوصل إلى اتفاق بشأن هذه القضايا، لأن الفلسطينيين ليسوا جادين. والأمران الوحيدان اللذان يسمح ليبرمان بالتفاوض حولهما هما الأمن والاقتصاد: الأمن لأنه حاجة حيوية لإسرائيل وامتحان لصدق النوايا الفلسطينية، والاقتصاد لأنه العنصر الذي تتمكن إسرائيل من المساهمة فيه بشكل واسع.

وقال وزير البنى التحتية، عوزي لانداو، وهو من حزب ليبرمان، إن نتنياهو لا يتمتع بصلاحيات للخروج عن البرنامج السياسي للحكومة. وإنه ما زال يثق أن نتنياهو لا يخون مبادئه. وسئل عندئذ، كيف تفسر تصريحاته عن دولة فلسطينية قابلة للحياة وتوجهه إلى الرئيس الفلسطيني بالقول: «أنت شريكي في عملية السلام»، فأجاب: «خلال 19 عاما مضت شهدنا مهرجانات احتفالية عديدة كهذه واستمعنا إلى تصريحات كثيرة من هذا الطراز، فأنا لا أتأثر منها. المهم النتيجة. وأنا أقترح أن ننتظر ماذا سيحدث لدى الفلسطينيين. فهم متصارعون فيما بينهم بشكل شرس. وهذا الصراع لن ينتهي بسلام. وأتوقع أن ينكشفوا على حقيقتهم أمام العالم، فهم ليسوا مؤهلين لدولة».

وانتقد لانداو نتنياهو على اعتباره أبو مازن شريكا له في عملية السلام وطلب منه أن يراجع تقارير المخابرات الإسرائيلية التي تشير إلى أن أبو مازن يقف وراء حملة التحريض على إسرائيل في وسائل الإعلام وفي المدارس الفلسطينية ويطارد إسرائيل في المؤسسات الدولية والأمم المتحدة والمحاكم الدولية. وكشف التلفزيون الإسرائيلي، مساء أول من أمس، أن قيادات الجيش والمخابرات الإسرائيلية، أدلت بدلوها في المفاوضات بشكل غير مباشر، عندما أعلنت لرئيس الوزراء، نتنياهو، وهو في واشنطن، أن أجهزة الأمن الفلسطينية تعمل بشكل غير مسبوق على ضبط الخليتين اللتين نفذتا عمليتي الهجوم في الضفة الغربية خلال انعقاد القمة الحماسية في واشنطن. ورأت في هذا العمل خطوة إيجابية تدل على إمكانية التعاون المستقبلي في موضوع مكافحة الإرهاب. وقال يوآف ليمور، المعلق العسكري في هذه القناة، إن «موقف قيادة الجيش والمخابرات، غير مسبوق. وإنها تعطي هذه الشهادة الإيجابية لأول مرة منذ تشكيل السلطة الفلسطينية».