أبو ردينة: لقاء أبو مازن ونتنياهو كان لاستكشاف المواقف.. وستطرح كل القضايا خلال الأسبوعين المقبلين

قال لـ «الشرق الأوسط»: هناك فرصة في مهب الريح لكن علينا عدم إضاعتها

نبيل أبو ردينة («الشرق الأوسط»)
TT

أكد الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، أن المفاوضات بين الرئيس محمود عباس (أبو مازن) ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن لم تتطرق إلى القضايا الرئيسية في الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، بل كان لقاؤهما «لاستكشاف المواقف». وأضاف أن جميع القضايا الرئيسية ستطرح خلال الأسبوعين المقبلين بهدف وضع موقف كل جانب منها قبل بدء التفاوض حولها، وفي عملية معقدة ودقيقة، يخوض الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي مرحلة حساسة لوضع إطار للمفاوضات خلال الأشهر المقبلة على أمل التوصل إلى اتفاق بينهما خلال 12 شهرا. وكان أبو مازن قد شارك في الجولة الأولى من المفاوضات مع الإسرائيليين منذ 20 شهرا، تلبية لدعوة الرئيس الأميركي باراك أوباما. وقبل ساعات من مغادرة الوفد الفلسطيني واشنطن، التقت «الشرق الأوسط» أبو ردينة، للاطلاع على ما جرى في الاجتماعات التي دارت في العاصمة الأميركية يومي الأربعاء والخميس الماضيين، خاصة الاجتماع الثنائي بين عباس ونتنياهو في مقر وزارة الخارجية الأميركية. وفيما يلي نص الحوار:

أكد الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، أن المفاوضات بين الرئيس محمود عباس (أبو مازن) ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن لم تتطرق إلى القضايا الرئيسية في الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، بل كان لقاؤهما «لاستكشاف المواقف». وأضاف أن جميع القضايا الرئيسية ستطرح خلال الأسبوعين المقبلين بهدف وضع موقف كل جانب منها قبل بدء التفاوض حولها، وفي عملية معقدة ودقيقة، يخوض الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي مرحلة حساسة لوضع إطار للمفاوضات خلال الأشهر المقبلة على أمل التوصل إلى اتفاق بينهما خلال 12 شهرا. وكان أبو مازن قد شارك في الجولة الأولى من المفاوضات مع الإسرائيليين منذ 20 شهرا، تلبية لدعوة الرئيس الأميركي باراك أوباما. وقبل ساعات من مغادرة الوفد الفلسطيني واشنطن، التقت «الشرق الأوسط» أبو ردينة، للاطلاع على ما جرى في الاجتماعات التي دارت في العاصمة الأميركية يومي الأربعاء والخميس الماضيين، خاصة الاجتماع الثنائي بين عباس ونتنياهو في مقر وزارة الخارجية الأميركية. وفيما يلي نص الحوار:

* هل أنتم راضون عن نتائج الجولة الأولى من المفاوضات في واشنطن؟

- الحقيقة هي بداية، ولا يمكن الحكم على نتائجها بعد. الأمر لا يتعلق بالتشاؤم أو التفاؤل، فلا شك أن هناك فرصة وإن كانت في مهب الريح فإن هذه الفرصة يجب على الجانب الفلسطيني عدم إضاعتها إذا ما كانت جدية وحقيقية.

اللقاءات التي تمت في البيت الأبيض تمثل جهدا أميركيا حثيثا، بدليل اهتمام الرئيس الأميركي باراك أوباما شخصيا بالموضوع. والحضور المهم للرئيس المصري حسني مبارك والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني, أيضا يشكل رسالة مهمة للإسرائيليين والأميركيين والمجتمع الدولي بأن هناك موقفا فلسطينيا - عربيا موحدا ملتزما بسلام حقيقي قائم على أسس الشرعية الدولية.

يفترض أن تجرى سلسلة لقاءات، بعضها على مستوى القمة، وبعضها على مستوى المفاوضين. فلا نستطيع الحكم بعد على نتيجتها، الأسابيع الأربعة المقبلة، ولا شك ستكون فرصة لامتحان النوايا الإسرائيلية وفرصة أيضا لاختبار مصداقية الإدارة الأميركية، وقدرتها على إدارة عملية سلام ناجحة على الرغم من كل الجهود الحثيثة المبذولة. الجانب الفلسطيني لا شك لديه كل الشكوك حول الموقف الإسرائيلي، فالاستيطان غير شرعي والإجراءات الإسرائيلية وحصار غزة، كل ذلك لا شك أنه يمثل عقبات حقيقية إلى الوصول إلى اتفاق. وعلى الرغم من ذلك، فسنخوض هذه المعركة السياسية مدعومين من الشارع الفلسطيني والعربي في محاولة لإنهاء الاحتلال. والهدف الرئيسي لأي مفاوضات هو إقامة دولة فلسطينية وإنهاء الاحتلال الذي وقع عام 1967، وعلى رأسه القدس الشرقية. المعركة لن تكون سهلة، هذه المعركة السياسية ستكون صعبة ومعقدة وطاحنة، ولكن من المؤكد أن القيادة الفلسطينية، وعلى رأسها الرئيس أبو مازن، لم تتنازل في واشنطن عن أي من الثوابت الفلسطينية – العربية، ولن تتنازل أبدا عن أي من ثوابتنا القومية، سواء في واشنطن أو أي مكان آخر، هذه هي المسيرة التي قادتها منظمة التحرير منذ مدريد وكامب ديفيد وأنابوليس وجميع المفاوضات التي جرت كلها كانت منصبة على إعادة الحقوق الفلسطينية، ولو وافقنا على التنازل عن أي حقوق لتغيرت الأمور منذ زمن طويل.

* هناك عدة قضايا من المهم طرحها في الحديث عن المفاوضات التي جرت، مثل قضية مواصلة إسرائيل للنشاط الاستيطاني.

- قلت لك كانت بداية، بداية من الخطابات والإجراءات، وباستثناء الخطابات الرسمية، فهي محاولة لوضع الجدول الذي ستسير عليه المفاوضات. لقد جرى لقاء مهم بين الرئيس أبو مازن ونتنياهو، مدته نحو ساعتين استعرض خلالها أبو مازن كل قضايا المرحلة النهائية والموقف الفلسطيني، سواء في المفاوضات التي جرت مع الحكومة السابقة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت وتفاصيلها، وأين وصلنا في كل القضايا التي كانت على بساط البحث. وفي المقابل، كان الرئيس واضحا في أننا نريد مفاوضات جادة وسريعة، فالاستيطان غير شرعي، ونريد دولة كاملة السيادة على الأرض بحدود عام 1967، وعاصمتها القدس. وضمن هذا السياق نحن ندخل على هذه المفاوضات، مسلحين ببيان اللجنة الرباعية وتوصيات لجنة المتابعة العربية، وقرارات القيادة الفلسطينية والموقف العربي الثابت والحازم. على هذا الأساس، أفهم نتنياهو أن هذه هي الخطوط العريضة التي ندخل المفاوضات على أساسها.

* وهل لمس الرئيس عباس تفهما من نتنياهو لهذه الأسس وصدقية في التعامل؟

- لم تكن جلسة تفاوض بل كانت استكشافا للمواقف، عرض الرئيس أبو مازن مواقفه، وكذلك عرض نتنياهو مواقفه، لكن المفاوضات بمعنى المفاوضات عندما تطرح كل قضية للبحث، فهذا في حاجة إلى أسبوع أو أسبوعين على الأقل.

* كرر نتنياهو قضية «هوية يهودية لإسرائيل» خلال خطاباته في واشنطن، فما موقفكم من هذا؟

- مرة أخرى، لم تطرح كل هذه القضايا في الاجتماع الثنائي، لم يطرح شيء من هذا القبيل. كانت جلسة استكشاف للمواقف والاطلاع على مواقف الطرفين. فما يقال في الإعلام والصحافة لم نناقشه ولا نبحثه. في اللحظة التي سنجلس فيها على طاولة المفاوضات سيكون لكل حادث حديث. كما حدد الرئيس أبو مازن مرات كثيرة الموقف الفلسطيني، بأن هناك رسالة اعتراف متبادلة بين منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية، ماذا تسمي إسرائيل نفسها؟ لا يعنينا، ونحن غير معنيين سوى برسالة الاعتراف المتبادل بين السلطة والحكومة الإسرائيلية.

* بالنسبة للاجتماع المقبل للمفاوضات المباشرة، تفيد تقارير بأنه سيكون في مصر، ولكن حتى الآن لم يتم الإعلان عن الموقع، لماذا؟

- من حيث المبدأ، سنلتقي بعد أسبوعين والمكان حتى الآن لم نبلغ به رسميا، ونحن كفلسطينيين ليس لنا اعتراض على المكان ولا على الزمان، المهم هو المضمون والمواضيع التي ستطرح على الطاولة. لن نعترض على المكان سواء في مصر أو في أي مكان آخر، ما يهمنا أن تبدأ مفاوضات جادة يتم فيها بحث قضايا المرحلة النهائية كاملة ومن دون مراوغة مع سرعة الوصول إلى نتيجة.

* من المعروف أن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، والمبعوث الأميركي الخاص بالسلام في الشرق الأوسط جورج ميتشل سيشاركان في اجتماعات 14 و15 سبتمبر (أيلول) الحالي. ولكن هل ستكون هناك مشاركة أميركية متواصلة في كل الاجتماعات؟

- اللقاء المقبل ستحضره الوزيرة الأميركية، ولا شك أن المبعوث الأميركي سيتحرك باستمرار. وفي رسالة الرئيس أوباما الأخيرة إلى الرئيس أبو مازن، التي نعتبرها رسالة مشجعة، قال بالحرف الواحد إن الولايات المتحدة ستلعب دورا نشطا وفعالا، وستتدخل في الوقت المناسب في محاولة لجسر الفجوة بين الطرفين. أما آلية ذلك وكيفية التحرك فسيتم بحثها في اجتماعات مقبلة قريبة لم يحدد مكانها بعد.

* هل تخشون أن تشهد المرحلة المقبلة عمليات أو هجمات من حماس أو جهات أخرى تعرقل جهود المفاوضات؟

- نحن ندخل المفاوضات لإنهاء الاحتلال، ومطلوب من الجميع تقوية المفاوض الفلسطيني بدلا من إضعافه.. لأنه لا شك أن إسرائيل ستستفيد من ذلك. وكانت إسرائيل سعيدة بما جرى (من هجوم على مستوطنين في الخليل)، وعلى الرغم من الضحايا، فإن إسرائيل تتحجج دائما بأنها لا تستطيع أن تنسحب وتتحرك دون أمن، لا نريد أن نعطي إسرائيل أي حجة لعرقلة المفاوضات. مطلوب من الفلسطينيين والعرب دعم المفاوض الفلسطيني، وسنحافظ على الثوابت الوطنية، ولا تنازل عن القدس ولا تنازل عن الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، ولذلك مطلوب من الجميع تحمل مسؤولياته، وبدلا من عرقلة إزالة الاحتلال، المساهمة في إزالة الاحتلال من خلال تقوية المفاوض الفلسطيني. والمطلوب أن يتم إرسال رسالة بهذا الخصوص، ليس فقط إلى إسرائيل، بل إلى المجتمع الدولي بأن الشعب الفلسطيني موحد في موقفه، للعمل على إزالة الاحتلال، والقدس تحديدا. أما أولئك الذين يريدون إعاقة نجاح أي محاولة لإزالة الاحتلال، فإنهم لن يفيدوا القضية الفلسطينية، بل سيعطون إسرائيل ذريعة للاستمرار بالاحتلال.

* ماذا عن المسارين السوري واللبناني؟ وهل يمكن إطلاق مفاوضات سورية – إسرائيلية، ولبنانية - إسرائيلية تدعم المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية؟

- أؤكد لك أن الرئيس أبو مازن في كل حوار مع الإدارة الأميركية يشجعها على أن يكون السلام شاملا في المنطقة بأسرها، وتحريك المسار السوري مصلحة فلسطينية وإزالة الاختلاف فيما تبقى من أراض لبنانية مصلحة فلسطينية. وهذا ما يطالب به الرئيس أبو مازن دائما، السلام يجب أن يكون شاملا من أجل أن يبقى ويستمر. الموقف الفلسطيني أبلغ الجانب الأميركي مرات كثيرة، بأن من مصلحة القضية الفلسطينية حل المسارين السوري واللبناني لأن ذلك يقوي الموقف الفلسطيني ويقرب لحظة الوصول إلى سلام شامل وعادل في المنطقة.

* لقد وضعت فترة 12 شهرا للتوصل إلى اتفاق على كل القضايا النهائية، فماذا عن الفترة المحددة للتنفيذ في حال تم الاتفاق على هذه القضايا؟

- هناك تجربة سابقة، هي تجربة سيناء، وتم الاتفاق في كامب ديفيد على انسحاب إسرائيل، وحددت فترة 36 شهرا للتطبيق. نحن سنكون مرنين، الاتفاق أولا والتنفيذ يمكن أن يكون تدريجيا لفترة قصيرة، وهذا خاضع لنجاح المفاوضات.

* هل هذا يعني أنه سيتم إعلان إقامة دولة فلسطينية خلال 12 شهرا، وبعدها يأتي تنفيذ الاتفاقات الأخرى؟

- لا شك أن ذلك كله خاضع لطاولة المفاوضات. فنحن هدفنا سرعة الوصول إلى اتفاق، وسرعة إقامة دولة فلسطينية واعتراف العالم بها، ولا شك أن الاعتراف قائم، وكل ما هو مطلوب تجسيده على الأرض. وكل ما نريده الآن هو دعم عربي مستمر، كما هو حاصل الآن، وكل ما نريده جدية إسرائيلية ودعما دوليا، على رأسه دعم اللجنة الرباعية الدولية والإدارة الأميركية لجسر الهوة، من أجل سرعة إقامة هذه الدولة، كي لا تبقى المنطقة في دوامة من العنف وعدم الاستقرار. وحل القضية الفلسطينية سيؤدي إلى حل كل قضايا المنطقة، وإذا لم تحل القضية الفلسطينية ستبقى دوامة عدم الاستقرار سائدة في المنطقة بأسرها. وفي هذه الحالة نحن نحذر الجميع من أن عدم المساهمة والمساعدة في حل القضية الفلسطينية سيبقي كل البؤر متوترة ومتفجرة وستنعكس آثارها سلبا على الجميع، ولا شك أن دولا كثيرة ستكون في مهب الريح، إذا لم يتم حل القضية الفلسطينية.