دبلوماسي إيراني لـ «الشرق الأوسط»: لا توتر في علاقتنا مع مصر رغم إرجاء زيارة متقي

مساع لإنتاج فيلم عن مبارك وآخر عن الخميني تثير جدلا في مصر وإيران

TT

رد مصريون وإيرانيون بعضهم على بعض بشأن عزم كل منهما إنتاج فيلم عن زعيم البلد الآخر، ففي حين يسعى ناشطون مصريون لإنتاج فيلم تعتبره إيران مسيئا للزعيم الروحي لثورتها الإمام الخميني، أعلنت مجموعات إيرانية تابعة لمنظمة الباسيج الإيرانية أنها سترد بالمثل، بفيلم يتناول الرئيس المصري حسني مبارك، في حال موافقة مصر على إنتاج فيلم يسيء للخميني.

يأتي هذا التطور الذي لم يتخذ طابعا رسميا حتى الآن بعد أيام قليلة من تنابذ رسمي بين البلدين، وذلك حين طلبت مصر من وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي عدم الحضور إلى مصر في الموعد الذي كان مقررا سلفا بينهما اليوم (الأحد)، على خلفية انتقادات وجهها متقي قبل يومين لزعماء عرب يتوسطون لإحلال السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بينهم الرئيس مبارك، وإن كان ذلك من دون إشارة مباشرة إليه.

والعلاقات بين مصر وإيران مقطوعة منذ عام 1979، ولكل منهما مكتب رعاية مصالح في الدولة الأخرى، لكن المرات القليلة التي جرت فيها محاولات لإعادة العلاقات رسميا لم تصل لغايتها، حيث يرى محللون تباعد الشقة بين التوجهات الإيرانية «التي تدعو لمحو إسرائيل من الوجود»، والتوجهات المصرية «الداعية لحلول سلمية لمشكلات الشرق الأوسط تجنبا لمزيد من الحروب»، خاصة أن لإيران مشكلات مع الدول الغربية في ما يخص برنامجها النووي لتوليد الطاقة الذي يخشى من تحوله إلى التصنيع العسكري.

وترأس مصر الدورة الحالية لدول عدم الانحياز، وهي تقف مع حق إيران في برنامج نووي لتوليد الطاقة، إلا أنها تدعو أيضا لإخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل. وقال محمود أحمدي نجاد الأسبوع الماضي إنه ليست لبلاده مشكلة مع مصر، لكنه أقر بوجود «بعض الأمور الهامشية جدا لا يمكنها التأثير على علاقات دولتين كبيرتين ونأمل حل هذه المسائل».

وقال السفير مجتبي أماني، رئيس مكتب رعاية المصالح الإيرانية لدى مصر، أمس معلقا لـ«الشرق الأوسط» على تبادل النشر في الوسائل الإعلامية بالبلدين عن عزم كل مجموعة من الناشطين إنتاج فيلم من شأنه أن يكون موجها للإساءة للطرف الآخر، بقوله: «أعتقد أن بعض الجهات تريد أن تعرقل العلاقة بين إيران ومصر».

ونشرت وسائل إعلام إيرانية أن عددا ممن سمتهم الفنانين التعبويين والمخرجين والعاملين في الحقل السينمائي الإيراني أعلنوا خلال هذه الفترة عن جاهزيتهم لإنتاج فيلم وثائقي ضد الرئيس مبارك. وجاء ذلك بعد أن تردد في وسائل الإعلام أن محكمة مصرية وافقت على إنتاج فيلم من شأنه أن يتناول سيرة الخميني بشكل سيئ. ونقلت عن حسين قناديان رئيس منظمة الباسيج أنه «إن لم يتم إلغاء أو نقض حكم المحكمة المصرية في هذا الخصوص، فإننا مضطرون للرد بفيلم عن الرئيس المصري».

وقلل السفير أماني من أن يعكس الجدل حول الفيلم، أو موضوع إرجاء زيارة متقي لمصر، أي توتر في العلاقة بين البلدين حاليا. قائلا إنه «من المعروف أن الباسيج مجموعات شعبية وليست حكومية في إيران، وهذه المجموعات منتشرة في المصانع والوزارات وغيرها، وتعبر عن توجهاتها، ولا تعتبر اللسان الرسمي للدولة». ومن المعروف أن منظمة الباسيج أو «التعبئة الشعبية» تابعة للحرس الثوري الإيراني التابع بدوره للمرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران آية الله علي خامنئي.

وأضاف رئيس مكتب رعاية المصالح الإيرانية في مصر موضحا أن خبر إنتاج فيلم مصري مسيء للإمام الخميني انتشر في إيران، وبعدها صدرت أخبار عن منظمة «باسيج الفنانين» بأن هناك محاولة منهم للرد على الفيلم المصري المحتمل، وقال: «ليس لدي معلومات مؤكدة من أين جاء هذا الخبر.. لهذا أقول إن هذا الخبر الأول بشأن فيلم الخميني مشبوه، لأنه يأتي من بعض الجهات التي تريد أن تعرقل العلاقة بين إيران ومصر».

ويوم الأربعاء الماضي قررت القاهرة بشكل مفاجئ إرجاء اجتماع كان من المقرر أن يشارك فيه وزير الخارجية الإيراني هذا الأسبوع، إلى وقت لاحق لم يتحدد بعد، حيث اعتبرت مصر تصريحات متقي إهانة لها ولمساعيها من أجل استئناف المفاوضات.

وحول ما إذا كان إرجاء هذه الزيارة يمكن أن يزيد من تعقيد العلاقة بين البلدين في مثل هذه الظروف التي تواجهها إيران مع الغرب ويواجهها الشرق الأوسط مع قضية السلام، قال مجتبي أماني: «هذا (إرجاء زيارة متقي) لا يعتبر توترا»، مشيرا إلى أن تصريحات متقي «جاءت متقاربة مع مناسبة يوم القدس العالمي الذي تتعالى فيه أصوات لصالح المقاومة وترفض الاعتراف بالكيان الصهيوني والسلام الفاشل. وجاءت في الوقت نفسه مع مفاوضات واشنطن.. أعتقد أن هذا المناخ أثر على الموقف المصري وتم تأخير اجتماع ترويكا دول عدم الانحياز».

ومن المعتاد أن تجتمع ترويكا دول عدم الانحياز على هامش الاجتماعات السنوية للأمم المتحدة، لكن متقي اتصل بمصر الأسبوع الماضي وطلب الحضور لمصر (اليوم الأحد) وعقد الاجتماع (كان من المفروض أن يضم إيران ومصر وكوبا)، في القاهرة. وعن سبب طلب متقي الاجتماع في مصر، أوضح السفير مجتبي أماني قائلا: «إيران طلبت هذه السنة لقاء لترويكا دول عدم الانحياز في القاهرة باعتبار أن إيران هي الرئيس القادم لدول عدم الانحياز، ومصر هي الرئيس الحالي»، مضيفا أنه «تمت موافقة القاهرة (لحضور متقي) وعملنا الإجراءات اللازمة للزيارة لكن حدث هذا الموقف المصري، وتأجل انعقاد الترويكا» إلى وقت لاحق على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.