باريس: عامل الزمن يضغط على إيران والعقوبات بدأت تفعل فعلها

مصادر فرنسية: طهران نشرت 8000 جهاز طرد مركزي

TT

دعت مصادر فرنسية رسمية إلى انتظار نهاية العام الجاري لتقييم نتائج العقوبات المشددة التي فرضت على إيران بموجب القرار 1929 الذي صدر في يونيو (حزيران) الماضي والعقوبات الإضافية التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أخرى مثل كندا وأستراليا واليابان. وبانتظار اجتماع وزراء خارجية مجموعة الست (الخمس دائمة العضوية وألمانيا) على هامش انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الشهر الجاري، فإن مجموعة الدول الثلاث (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا) زائد ألمانيا تعقد اجتماعات تشاورية، على مستوى المديرين السياسيين لوزارات الخارجية لتقويم الموقف ودراسة الخطط الإضافية للتعامل مع الملف النووي الإيراني.

غير أن باريس، التي تقول مصادرها إنه «لا شيء مقررا في الوقت الحاضر مع إيران»، تعتبر ومعها الدول الغربية أن العقوبات الحالية والسابقة «بدأت تفعل فعلها». فالواردات الأوروبية من إيران تراجعت ما بين 2008 و2009 بنسبة 45 في المائة والصادرات بنسبة 9 في المائة.

كذلك فإن دولا مثل الصين التي كانت تعد حتى وقت قصير من أوثق حلفاء وشركاء إيران خففت من اعتمادها على النفط الإيراني. فقد خفضت بكين مشترياتها النفطية بنسبة 20 في المائة تحسبا لاحتمال أن تكون الخطوة القادمة في مجلس الأمن مقاطعة النفط الإيراني. وكان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أول من طرح فكرة مقاطعة النفط الإيراني قبل أشهر. وقالت المصادر الفرنسية المتابعة للملف إن «الفكرة لم تمت وإن الجميع يعرف (في حال لم تفض العقوبات الحالية إلى النتائج المرجوة) أنها ستكون الخطوة القادمة».

وتعتبر باريس أن الوضع تغير كثيرا مع فرض العقوبات الأخيرة التي «لم تكن تتوقعها طهران»، وأن مجلس الأمن «وصل إلى أقصى» ما يمكن أن يصل إليه في الوضع الحالي. واستبعدت هذه المصادر أن يدعى مجلس الأمن إلى الاجتماع عقب التقرير المنتظر للوكالة الدولية للطاقة الذرية إلا إذ «حمل أمورا خطيرة» مثل الكشف عن موقع جديد لتخصيب اليورانيوم.

ولا تمانع باريس ومعها الدول الغربية العودة إلى فتح ملف تبادل اليورانيوم الإيراني ضعيف التخصيب بيورانيوم متوسط التخصيب يصنع كوقود نووي لمفاعل طهران من أجل إنتاج النظائر الطبية والاستخدام العلمي شرط الانطلاق من الملاحظات التي أبدتها الدول الست والوكالة الدولية على المقترح الثلاثي الإيراني - البرازيلي - التركي الذي سلم رسميا للوكالة الدولية للطاقة في فينا. وسبب الليونة هو وجود العقوبات القاسية «بحيث تغير وضع إيران من الحد إلى الحد». وتشترط باريس ومعها الدول الغربية أن يؤخذ في المناقشات الأرقام الجديدة لمخزون إيران من اليورانيوم ضعيف التخصيب وامتلاكها كمية من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المائة.

وتفيد الأرقام، التي كشفت عنها هذه المصادر، بالاستناد إلى معلومات الوكالة الدولية للطاقة النووية أن إيران تملك مخزونا يصل إلى 2880 كلغ من اليورانيوم ضعيف التخصيب و«عدة» كلغ من اليورانيوم مخصب بنسبة 20 في المائة. وهذه الكمية بحدود 10 كلغ. فضلا عن ذلك، نصبت إيران ما مجموعه 8000 جهاز طرد مركزي من الجيلين الأول والثاني وهي تعمل على تطوير أجهزة جديدة. غير أن أجهزة الطرد المركزي المشغلة بحدود 4000 جهاز. والفرق بين الجيلين الأول والثاني القدرة على التخصيب ونقاء اليورانيوم المستخرج. ويرى أكثر من طرف أن إيران، بفضل اليورانيوم الذي تملكه، قادرة على إنتاج قنبلة أو قنبلتين نوويتين. وتعزو باريس عدم تشغيل كافة الطاردات إلى أسباب «تقنية» أي لمواجهة الخبراء الإيرانيين لصعوبات فنية ولتعطل العديد من طاردات الجيل الثاني.

وتعتقد باريس أن لا البرازيل ولا تركيا راغبتان في الانضمام إلى مجموعة 5 زائد 1 بموجب مطالبة طهران. والجدير بالذكر أن إيران توكأت على البلدين من أجل محاولة تعطيل التصويت في مجلس الأمن ولطرح اقتراح بديل يقوم على إجراء التبادل النووي على الأراضي التركية وبالتقسيط بحيث تكون تركيا «ضامنة» لتنفيذ الاتفاق وهو ما رفضته الدول الست سريعا واستعجلت صدور القرار 1929.

واعتبرت المصادر الفرنسية أنها لا تشعر بالعمل «تحت ضغط عامل الزمن» أو أن إيران على وشك تصنيع قنبلتها لا بل إنها ترى أن عامل الزمن «يضغط على إيران». وحتى تاريخه لم يحدد أي موعد جديد للتفاوض مع إيران ولا تعرف الدول الغربية طبيعة «المقترحات» التي يمكن أن تضعها طهران على الطاولة. لكنها «حريصة» على التفاوض معها من أجل «حرمانها من حجة أننا نسعى للعقوبات ونرفض الحوار» ولتوفير «مخرج مشرق للسلطات الإيرانية عندما ستعي الثمن الباهظ» لرفض التعاون مع الوكالة ومجلس الأمن.

أما بخصوص ضربة إسرائيلية محتملة، فقد أكدت باريس أنها تتحاور مع إسرائيل باستمرار وتشرح لها طبيعة ونتائج التحرك. وفي أي حال، ترى باريس أنه «لا أحد» قادر على إعطاء التزامات جدية حول احتمال وقوع ضربة إسرائيلية «لا في هذا الاتجاه ولا في ذاك».