تحرك سريع لرئيس البرلمان اللبناني لخفض التوتر بين الحريري ونصر الله

صقر لـ «الشرق الأوسط»: رئيس الحكومة مستمر في مد جسور التواصل مع حزب الله

TT

فاجأ الهجوم المباغت الذي شنه الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، على رئيس الحكومة سعد الحريري، الجميع. وجاء الهجوم على خلفية تفقد الحريري لمناطق الاشتباكات المسلحة التي شهدتها شوارع بيروت قبل أسبوعين، بين عناصر من حزب الله وآخرين من «جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية» (الأحباش) في منطقة برج أبو حيدر ومحيطها، التي أسفرت عن سقوط ضحايا وأضرار مادية كبيرة، وشجبه لهذه الاشتباكات. وتفاجأ الحريري خصوصا عندما اتهمه نصر الله بأنه «وضع سكينا في يده ووضع عليها ملحا وحركها في داخل الجرح، وهذا ليس تصرف لا رجال الدولة ولا رجال السياسة ولا حتى رؤساء أحزاب».

وقد استدعى هذا الهجوم ردا سريعا من رئيس الحكومة الذي خاطب نصر الله من دون أن يسميه، قائلا: «لا أحد يحدد لي إلى أين أذهب، ولست أنا من يحمل السكين، فأنا لا أعرف أن أحمل سكينا، بل أحمل قلما وأعطي كتابا وأعلم أناسا، أنا ابن رفيق الحريري رجل الدولة الأول»، مؤكدا أن «بيروت هي لكل اللبنانيين، لكنها ليست عرضة للسلاح ولأن تنتهك بيوت الناس فيها».

وبدا أن الموقف التصعيدي لنصر الله والرد عليه من الحريري، استدعى تحريكا لماكينات إطفاء الحرائق السياسية بشكل فوري وطارئ، بحيث سارع رئيس مجلس النواب، نبيه بري، إلى إجراء اتصالين هاتفيين بكل من الحريري ونصر الله. وكان الهدف من هذين الاتصالين العمل على تقريب وجهات النظر وخفض منسوب التوتر بينهما. وعلم أن رئيس اللقاء الديمقراطي، النائب وليد جنبلاط، دخل ليلة أول من أمس مع بري على خط التهدئة والحؤول دون تصاعد التوتر السياسي. وقد نجحت هذه المساعي، بحسب مصادر سياسية متابعة، في تبريد الأجواء مما انعكس على غياب للمواقف الحادة بين سياسيي الطرفين، واقتصرت بعض الآراء على تبديد القلق.

في هذا الوقت، اعتبر عضو تكتل لبنان أولا، النائب عقاب صقر، أن العلاقة بين رئيس الحكومة سعد الحريري والأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، ليست في حالة قطيعة ولن تصل إلى هذا الحد أبدا. وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن «الجرة لم تكسر بين الرجلين رغم الاختلاف في وجهات النظر وتباعد الآراء، لأن الرئيس الحريري والسيد نصر الله يدركان حجم الخطر الخارجي المحدق بلبنان». ورأى أنه «لا مصلحة لأحد في تصعيد الأمور على خلفية أحداث برج أبو حيدر، لأن المطلوب هو المعالجة وليس التأزيم». وقال: «نحن كفريق سياسي ماضون في التهدئة، والرئيس الحريري مستمر في مد جسور التواصل مع حزب الله كهدف استراتيجي، وبما يؤدي إلى نزع فتيل التفجير ووأد الفتنة أولا، والتزاما منه بسقف التهدئة السعودية - السورية ثانيا، لكن هذا لا يمنعه من قول الحقيقة والتعبير عن وجع الناس كي لا تبقى عوامل التفجير قائمة وتبقى النار تحت الرماد». وأكد أن «مسألة انتشار السلاح في بيروت لا تخدم حزب الله ولا لبنان، والرئيس الحريري سبق أن حدد موقفه منذ اليوم الأول في مجلس الوزراء عندما أعلن أنه لا نقاش حول سلاح المقاومة الذي يعالج على طاولة الحوار، إنما المعالجة المطلوبة هي للسلاح المتفلت الذي يشكل خطرا على الناس، وهذا ما قوبل يومها بإشادة من وزراء حزب الله الذين وافقوا على تشكيل لجنة وزارية لمعالجة السلاح غير الشرعي، لكن للأسف عاد الحزب وتعاطى مع الموضوع بخلفية خاطئة وشن هجوما غير مبرر على رئيس الحكومة الذي يسعى لرفع حالة الظلم الذي لحق بالمواطنين». وأشار إلى أن «نزول الرئيس الحريري إلى منطقة برج أبو حيدر لتفقد الأضرار التي لحقت بالمواطنين وأرزاقهم في اليوم التالي للأحداث، لم يكن له خلفية مذهبية كما روج حزب الله، بل جاءت الزيارة في إطار تحمله لمسؤولياته، وهو (الحريري) عندما تحدث عن السلاح غير الشرعي لم يتحدث عن سلاح شيعي وسلاح غير شيعي، بل ساوى بين كل السلاح الذي روع الناس في شوارع بيروت».

إلى ذلك، تمنى وزير السياحة، فادي عبود، المقرب من رئيس تكتل التغيير والإصلاح، النائب ميشال عون، المتحالف مع حزب الله، «لو أن العتب الذي حصل بين السيد حسن والرئيس الحريري كان وجها لوجه وليس في الإعلام». وأشار إلى أن «المستفيد الأول من الخلافات بين بعضنا هو إسرائيل». وشدد على وجوب أن «يكون لبنان خاليا من السلاح باستثناء السلاح الشرعي». ولفت إلى أن «انتشار السلاح في لبنان مشكلة وطنية تعود إلى عدة سنوات ولها علاقة بعاداتنا، مع أننا من المطالبين بجعل كل لبنان منزوع السلاح»، مطالبا بـ«بحث موضوع السلاح على نار هادئة».

وعلق عضو كتلة المستقبل، النائب عمار حوري، بشكل مقتضب على موقف نصر الله ورد الحريري عليه، فقال إن «ما حصل هو عبارة عن ملاحظات في خطاب معين قابلتها ملاحظات، والتواصل قائم والرئيس الحريري لا يحتاج إلى أي وساطة من أحد للقاء طرف لبناني ما، فهو على تواصل دائم مع الجميع على الرغم من بعض التباين في وجهات النظر مع البعض».

وأكد عضو كتلة حزب الله، النائب بلال فرحات، أن «الجرة» لم تنكسر بين حزب الله ورئيس الحكومة سعد الحريري بعد خطابات أمس (أول من أمس)، لافتا إلى أن «ما قاله الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله كان واضحا»، مشددا على أن «السيد نصر الله كان يتحدث من مسؤولية التهدئة».