الرئيس الصومالي ينتقد المسودة الجديدة ويدعو إلى اعتماد دستور الاستقلال

وسط تحركات تهدف إلى الإطاحة برئيس الوزراء.. وسحب الثقة من حكومته

TT

قال الرئيس الصومالي الشيخ شريف في بيان صحافي أصدره «إن صياغة دستور جديد للبلاد هي مهمة وطنية ذات أهمية كبيرة، يجب أن تكون شفافة وخالية من الشبهات، وهذه المهمة لا يمكن تحقيقها إلا من خلال مشاركة قاعدة عريضة من الجمهور». وأضاف الرئيس في بيانه «يجب أن يكون الدستور الجديد يتمتع بشرعية، ويحقق تطلعات ومصالح الصوماليين». مشير إلى أنه يعارض بشدة كيفية صياغة مسودة الدستور المقترح للبلاد، الذي رفعته الحكومة إلى البرلمان.

وقدم الرئيس شريف في بيانه مقترحات عدة بشأن ما وصفه بتصحيح أخطاء حدثت خلال عملية صياغة المسودة الجديدة، وقال «في حين أن مشروع الدستور الجديد يحسن أكثر الميثاق الانتقالي الحالي، فإنه بحاجة إلى مزيد من تدقيق وتعديل ومشاركة قوية من قبل الخبراء القانونيين ورجال الدين، وأعضاء البرلمان، إضافة إلى المواطنين العاديين، للتأكد من أنه يعبر عن إرادة الصوماليين، فإن الرئيس يقترح تشكيل مجلس استشاري وطني يتألف من أعضاء في البرلمان وخبراء قانونيين، والعلماء ومثقفين مستقلين لمراجعة هذه المسودة».

وأضاف الرئيس «ينبغي أن لا يتعرض مشروع الدستور الجديد للبلاد لمناورات سياسية من جانب السياسيين»، في إشارة إلى الخلافات الجديدة بينه وبين رئيس الوزراء. وأضاف الرئيس شريف «الدستور هو الوثيقة الرسمية للبلاد، والمفتاح لتحقيق الاستقرار في البلاد، ولكي يكون معبرا عن إرادة ورغبة المواطنين، لا بد من موافقته من خلال استفتاء شعبي، وينبغي أن يكون ذلك من رأس أولويات الحكومة». واختتم الرئيس مقترحاته بالقول «في حال تعذر طرح الدستور المقترح للبلاد لاستفتاء شعبي، فإن الرئيس يقترح اعتماد دستور عام 1960»، أول دستور للبلاد عقب الاستقلال، الذي يعتبر أساس ومصدر أي دستور يقترح للبلاد، مع تغيير البنود التي تتناقض مع الشريعة الإسلامية.

وكان رئيس الوزراء الصومالي عمر شارماركي قد بعث برسالة إلى المجتمع الدولي لمساعدة الحكومة في إيصال مسودة الدستور الجديد إلى الشعب الصومالي، كما عين رئيس الوزراء لجنة خاصة «تضم أعضاء من الحكومة والبرلمان» للتباحث مع المجتمع الدولي والجهات المعنية بالصومال، كيفية الانتقال من المرحة الانتقالية بعد انتهاء فترة الحكومة الحالية، قبل فبراير (شباط) المقبل، وهو ما فسر بأنه محاولة للضغط على الرئيس الصومالي لقبول إجراءات إنهاء الوضع الانتقالي للحكومة إلى وضعية دائمة.

وفي أول تعليق له على الجدل الدائر بين الرئيس شريف ورئيس الوزراء شارماركي بشأن مسودة الدستور الجديد، قال المدعي العام الصومالي، عبد الله طاهر بري، إن الكيفية التي تمت فيها صياغة الدستور المقترح للبلاد كانت خطوة غير شرعية، بدعوى أن المؤسسات الدستورية الأخرى (البرلمان والرئاسة والقضاء) لم تكن على علم بمجرى هذه الخطوة ولم تشارك فيها». وانتقد بري أيضا كيفية عرض المسودة ورفعها إلى البرلمان بشكل متسرع. وقال «وفقا للميثاق الانتقالي، يجب عرض المسودة علي عينات من فئات الشعب من منظمات المجتمع المدني، والعلماء، وشيوخ العشائر، ثم بعدما يقدمون ملاحظاتهم يتم رفعها (المسودة) ملحقة بمقترحات وملاحظات تلك الأطراف إلى البرلمان، لكن ما حدث من رفع المسودة إلى البرلمان مباشرة قبل عرضها على تلك الفئات من الشعب مخالف للميثاق الانتقالي».

وليس من المعروف بعد الخطوة التي ستتخذها هيئة الادعاء وكذلك المحكمة العليا لحسم هذا الجدل القانوني بين مؤسسات الدولة بشأن الدستور الجديد، لكنه يبدو أن الادعاء والمحكمة لا يملكان شيئا لحسم هذا الأمر.

ومن جهته، دافع وزير الدستور في الحكومة الانتقالية، مدبي نونو، خطوة رفع المسودة إلى البرلمان، وقال «إن المسودة لم تكتمل بعد، وإن ما تم رفعه إلى البرلمان ليس الصيغة النهائية للمسودة، بل إنها مرحلة أولية، وفي حال اكتملت صياغة المسودة بوضعها النهائي – وسيكون ذلك في ديسمبر (كانون الأول) المقبل – على حد قول الوزير، فإنه سيتم عرضه على فئات الشعب، ثم على البرلمان، الذي يقوم بمراجعته لإدخال تعديلات، ثم يقدم البرلمان بدوره إلى المدعي العام الذي سيأمر بنشره وطرحه في استفتاء شعبي، كما ينص الميثاق الانتقالي». ووصف الوزير الجدل الدائر بشأن مسودة الدستور المقترح، والخلافات الجديدة بين الرئيس ورئيس الوزراء بشأن هذا الموضوع بأنه خلاف سياسي بين الرجلين، وليس بسبب المسودة الجديدة. وقال «هذا الجدل أمر مؤسف جدا، من شأنه أن يؤثر على عمل اللجنة التي كانت تبذل جهدا خلال الأشهر الأخيرة لصياغة دستور موافق للشريعة للبلاد».

إلى ذلك، تجري تحركات تهدف إلى الإطاحة برئيس الوزراء، وسحب الثقة عن حكومته حيث يسعى الرئيس شريف حاليا - حسب مصادر مطلعة - إلى إيعاز النواب المؤيدين له، بتقديم مشروع ضد شارماركي بحجة مساءلته، تمهيدا لحجب الثقة عنه، ولا يمنح الميثاق المؤقت للبلاد رئيس الدولة صلاحية أو سلطة لعزل رئيس الوزراء بمفرده دون قيام البرلمان بحجب الثقة عن رئيس الحكومة. وأدت الخلافات الجديدة بين الرئيس ورئيس الوزراء إلى تكريس الانقسامات داخل البرلمان، الذي انقسم هو الآخر إلى فريقين، فريق مؤيد للرئيس، وآخر مؤيد لرئيس الوزراء.