السجال اللبناني ينضبط على إيقاع قمة بعبدا.. ونصر الله يشكر الحريري على التزامه التهدئة

حوري لـ «الشرق الأوسط»: التصعيد لا يفيد أحدا ولا عودة عن «بيروت منزوعة السلاح»

TT

عاد الخطاب السياسي الذي تفجر في لبنان على خلفية الاشتباكات المسلحة في منطقة برج أبي حيدر إلى الالتزام بسقف التهدئة الداخلية التي أرساها التفاهم السعودي - السوري خلال القمة الثلاثية التي انعقدت في القصر الجمهوري في بعبدا مطلع شهر أغسطس (آب) الماضي، وبدا أن حزب الله عاد سريعا، كما تيار «المستقبل»، إلى لملمة آثار التصعيد، الذي نتج عن مطالبة نواب العاصمة بجعل بيروت مدينة منزوعة السلاح، والذي بلغ ذروته من خلال هجوم الأمين العام للحزب، السيد حسن نصر الله، على رئيس الحكومة سعد الحريري الذي رد عليه بسرعة غير متوقعة. ولا شك أن الاتصالات التي تولاها رئيس المجلس النيابي نبيه بري والنائب وليد جنبلاط أسهمت في ترطيب الأجواء وضبط التصريحات على إيقاع التهدئة من قبل الطرفين، وتوجت المساعي باتصال أجراه المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين الخليل ليل أول من أمس برئيس الحكومة سعد الحريري ناقلا إليه شكر السيد حسن نصر الله على التزام التهدئة.

في ظل هذه الأجواء التقاربية، رأى عضو كتلة المستقبل النائب عمار حوري أن «كل الفرقاء مقتنعون أن التصعيد لا يفيد أحدا»، وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن «الرئيس سعد الحريري ومنذ بداية شهر رمضان المبارك التزم التهدئة وطرح مواضيع بعيدة عن أي سجالات إلى أن حدث ما حدث في برج أبي حيدر، وإلى أن كانت إطلالة السيد حسن نصر الله يوم الجمعة الماضي، مما استدعى ردا من الرئيس الحريري الذي اعتبر أن الأمور انتهت عند هذا الحد». وقال «لا شك أن حادثة برج أبي حيدر أدت إلى ردة فعل كبيرة، وهذا لا ينفي وجود انقسامات في الرأي وتباينات، ولا ينفي أن نستمر في المطالبة ببيروت مدينة منزوعة السلاح، وأن تكون الشرعية ممثلة بالجيش وقوى الأمن الداخلي وحدها الحامية لأمن المواطنين، ومنذ اللحظة الأولى طرحنا ما طرحناه ونحن مقتنعون أن هذا الطرح يحتاج إلى غطاء سياسي من كل الأطراف بمن فيهم حزب الله، ومقتنعون بأن الجميع سيصلون إلى هذه القناعة».

وأوضح حوري أن «الأمور عادت الآن إلى طبيعتها من حيث النقاش، ويبقى على الفريق الآخر أن لا يجعل وسائله الإعلامية منبرا لمن هم في الصفوف الدنيا، ليعيثوا فسادا وتسميما لمناخ العلاقات الداخلية، وهذا الفريق الذي يتحدث عن اعتماده لغة الهدوء، مطالب بضبط المتفلتين والمتفلسفين والمنظرين، خصوصا ممن يعبرون عن أحقاد شخصية». وردا على سؤال عما إذا كانت العودة إلى التهدئة كفيلة بتمهيد الطريق للقاء قريب بين الرئيس الحريري والسيد نصر الله، أعلن حوري أن «الرئيس الحريري لم يقطع في أي لحظة التواصل مع الجميع، وهو مستمر في سياسية اليد الممدودة واللقاء مع كل القيادات».

في المقابل أكد عضو كتلة حزب الله النائب بلال فرحات أن «الرأي الداخلي في حزب الله دائما هو عدم الدخول في سجالات»، مشددا على أن «ما قدمه الحزب على المستوى الخطابي كان بهدف تصويب الأمور»، وعن انتقاد الأمين العام لحزب الله غير المباشر لرئيس الحكومة سعد الحريري، قال فرحات «العتاب أحيانا يكون على قدر المحبة، فالرسالة وصلت وكان جواب الرئيس الحريري بالأمس (الأول) واضحا بعد أن تم تصويب الأمور»، وشدد على ضرورة «السيطرة على الإشكالات التي تحصل في الشارع، خصوصا بعدما أصبح الوضع على الأرض هادئا ومستتبا ولم يعد هناك أي شيء». ورأى أن «هناك أشخاصا آخرين دخلوا على الموضوع، وحزب الله وجمعية المشاريع الخيرية الإسلامية وقعا في فخ»، معتبرا أن: عملية التأجيج على الساحة السنية لم تخرج من عند «المشاريع»، بل من عند جهات أخرى.

أما على صعيد المواقف من الأحداث الأخيرة، فرأى وزير العمل بطرس حرب أنه «من حق المواطنين أن يعرفوا ما الذي حصل في برج أبي حيدر، إذ من الضروري معرفة نتائج التحقيق ومعاقبة المتورطين»، معتبرا أن «كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله لا يعني إنهاء الملف قضائيا، إنما يعني إنهاءه سياسيا، وهذا ما عناه نصر الله ورئيس مجلس النواب نبيه بري، فهناك حق للناس في معرفة من اعتدى على استقرار وأمن البلد وسلامتهم». وقال «كل الناس مقتنعون أنه لا يمكن أن يكون هناك سلاح لا في بيروت ولا في أي مدينة أو قرية»، وسأل «ما المبرر لوجود السلاح في أيدي أناس تغطيهم أحزاب معينة بحجة أو أخرى؟ فعلى الدولة أن تحمي المواطن في كل المدن والقرى»، ولفت إلى أن «المقاومة لا تكون في برج أبي حيدر ولا في بعل محسن (في طرابلس) ولا غيرها». وتخوف حرب من «أن وجود السلاح بأيدي البعض سيدفع المواطنين نحو التفكير بتقسيم البلد، فإذا كان هناك من يقبل بانتشار السلاح بين الناس فهناك من لا يقبل هذا الأمر، الذي سيدفع من يريد تقسيم لبنان إلى إعادة طرح هذه الفكرة».

بدوره جزم عضو تكتل «لبنان أولا» النائب عقاب صقر أن «لا قطيعة بين حزب الله وتيار المستقبل لا الآن ولا قبل يومين، وأن لا تصعيدا من قبل رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري الذي كان عليه أن يرد كما فعل، ليوضح كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله». وقال: «لو لم يرد الحريري للتوضيح كان سيرسخ في عقول أهالي بيروت أن الحريري يسعى لتحريك فتنة وتوجيه الاتهامات وتوجيه السكين إلى قلب حزب الله والمقاومة والتسبب بشرخ إضافي وهو الشرخ السني - الشيعي الذي كان سيمتد بدوره إلى المنطقة بأسرها».

واعتبر النائب عن الجماعة الإسلامية عماد الحوت أن «الجميع يريد طي صفحة برج أبي حيدر على معالجة جذرية»، مشيرا إلى أن «ثلاثة إشكالات أمنية حصلت في بيروت، وتم التعهد بأن هذا الأمر لم يتكرر، إلا أن السلاح يستدرج للنزول إلى الشارع من جديد»، مشددا على أن «الحل وطي الصفحة يجب أن يوفر سيادة القوى الأمنية والعسكرية على الأرض في بيروت وكل المدن، حتى يشعر كل المواطنين أنه يتم تقديم الحد الأدنى من الأمن في الشارع وتعاد لهم الثقة بالدولة والأمن وبوطنهم». وقال إن «المظلة السعودية - السورية لها فعالية جيدة، وإلا لكان الانفلات أكبر بكثير والضرر على الساحة اللبنانية أكبر بكثير».