طالبان تتوعد بقتل جميع المشاركين في الانتخابات الافغانية

إعلان أسماء «مجلس السلام» الأفغاني مع عيد الفطر.. يضم شخصيات جهادية ورجال دين

المرشحة للبرلمان الأفغاني ناهد أحمدي فريد وأحد مؤيديها يرفع برنامجها الانتخابي المطبوع (إ.ب.أ)
TT

قالت حركة طالبان الأفغانية أمس إنها ستحاول عرقلة الانتخابات هذا الشهر وحثت الأفغان على مقاطعتها وذلك في أول تهديد صريح للانتخابات من جانب الحركة المتشددة. وقال المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد لـ«رويترز» بالهاتف من مكان مجهول نحن ضدها وسنحاول قدر استطاعتنا أن نعرقلها. أهدافنا الأولى ستكون القوات الأجنبية ثم القوات الأفغانية لذلك نطلب من الشعب الامتناع عن المشاركة. وكان الرئيس الأفغاني حميد كرزاي قد أعلن أول من أمس عن تشكيل «مجلس سلام» أفغاني مهمته السعي لإجراء مفاوضات سلام مع حركة طالبان. وتأتي هذه الخطوة بعد تصديق زعماء كبرى القبائل الأفغانية على خطة لإشراك مسلحي الحركة في عملية صلح تهدف إلى إنهاء الحرب التي تشهدها البلاد. وجاء في البيان الذي أصدره الرئيس الأفغاني أن تشكيل اللجنة - التي أطلق عليها اسم «المجلس الأعلى للسلام» - يعتبر «خطوة مهمة نحو مفاوضات السلام». وقال البيان إن الإعلان عن هوية أعضاء المجلس سيتم بعد انتهاء شهر رمضان بنهاية الأسبوع الحالي. وتعتبر الانتخابات البرلمانية التي ستجري في 18 سبتمبر (أيلول) اختبارا للاستقرار في أفغانستان قبل إجراء الرئيس الأميركي باراك أوباما مراجعة لاستراتيجية الحرب في ديسمبر (كانون الأول)، والتي ستبحث حجم ونطاق سحب القوات الأميركية اعتبارا من يوليو (تموز) 2011. وعلى الرغم من وجود قرابة 150 ألف جندي أجنبي فقد بلغ مستوى العنف أسوأ مراحله في أنحاء البلاد منذ أطاحت قوات أفغانية، تدعمها الولايات المتحدة بطالبان في أواخر 2001، والأمن مبعث قلق كبير قبيل التصويت، حيث تقول الأمم المتحدة ومسؤولون بالحكومة إن أربعة مرشحين قتلوا بالفعل في الأسابيع الأخيرة. وقال الرئيس كرزاي: «إن مرشحا آخر أصيب وقتل عشرة من العاملين في حملته في ضربة جوية في إقليم طخار بشمال البلاد يوم الجمعة».

وقالت قوة المعاونة الأمنية الدولية «إيساف» التي يقودها حلف شمال الأطلسي إنها تحقق في الحادث، لكنها ذكرت أنها قتلت عضوا بارزا بالحركة الإسلامية في أوزبكستان والمرتبطة بتنظيم القاعدة في الضربة الجوية. وشن الإسلاميون عشرات الهجمات الصغيرة التي استهدفت الانتخابات الرئاسية العام الماضي، لكنهم فشلوا إلى حد بعيد في عرقلتها.

وتقول لجنة الانتخابات المستقلة الأفغانية، إن 938 مركز اقتراع من إجمالي 6835 مركزا من المقرر إقامتها لن تفتح في يوم الانتخابات بسبب مخاوف أمنية. وقالت بعثة المساعدة التابعة للأمم المتحدة في أفغانستان في بيان اليوم: «نحن ندرك الجهود التي تبذلها لجنة الانتخابات المستقلة وقوات الأمن الأفغانية لإقامة أكبر عدد ممكن من مراكز الاقتراع لتمكين الناخبين من التصويت»، وأضافت «على الرغم من أن قرار عدم فتح مراكز الاقتراع في أماكن معينة قرار صعب فإننا نتفق مع قرار لجنة الانتخابات المستقلة الخاص بحماية أمن الناخبين والعاملين في الانتخابات ومراقبة مراكز الاقتراع وإجراءات التصويت على نحو أمن وفعال». وإلى جانب الأمن، تعد قضيتا الكسب غير المشروع والمحسوبية من أوجه القلق الرئيسية بعد الانتخابات الرئاسية التي جرت العام الماضي وشابها الاحتيال، حيث تبين أن ثلث الأصوات التي حصل عليها كرزاي كانت مزورة. وعبرت لجنة الشكاوى الانتخابية التي تدعمها الأمم المتحدة عن قلقها من استغلال بعض المسؤولين الحكوميين لمناصبهم في مساعدة بعض المرشحين. وطالبت اللجنة الحكومة بإقرار إجراءات وتنفيذها لمنع مثل هذه الأنشطة التي تؤثر على حيادية ونزاهة الانتخابات. ويتنافس نحو 2500 مرشح على 249 مقعدا في مجلس النواب في ثاني انتخابات برلمانية منذ الإطاحة بطالبان. ويغطي مانحون أجانب أغلبهم من الغرب تكلفة الاقتراع التي تقدر بما يصل إلى 149 مليون دولار.

من جانبه صرح رئيس ديوان الرئاسة الأفغانية محمد عمر دودائي بأن هناك دفعة كبيرة لإجراء محادثات سلام مع قادة حركة طالبان. وأضاف «هناك بعض العناصر القيادية الهامة في طالبان أبدت استعدادها للتفاوض وعلى الرغم من وضع بعض الشروط لمفاوضات السلام ولكن الرغبة موجودة».

وأوضح دودائي أن مجلس السلام يضم شخصيات هامة منهم قادة جهاد سابقون ورجال دين وبعض الشخصيات التي كانت تنتمي لطالبان في السابق وممثلون عن المجتمع المدني الأفغاني. وأكد أن «تشكيل المجلس استغرق وقتا وذلك لانتقاء شخصيات معتدلة تمثل الشعب الأفغاني في المفاوضات». وقالت الرئاسة الأفغانية في بيان إن إنشاء هذا المجلس الأعلى يمثل «خطوة مهمة على طريق محادثات السلام». وتعتبر هذه المبادرة إحدى أهم الخطوات التي اتخذها كرزاي بهدف فتح حوار مع قيادة طالبان. وكان «جيرغا السلام» وهو مجلس قبلي انعقد في كابل في يونيو (حزيران) الماضي قد وافق وقتها على إنشاء هذا المجلس الأعلى. وسيكون المجلس «ميدانا للتفاوض» ومن المفترض أن يمثل المجتمع الأفغاني بكل أطيافه.

واجتمع مسؤولون في القصر الرئاسي في كابل أول من أمس لتقرير لائحة الشخصيات التي سيضمها هذا المجلس، والتي ستضم «قادة في الجهاد وأشخاصا مؤثرين ونساء» وسيعلن عنها مطلع الأسبوع المقبل تزامنا مع عيد الفطر المبارك، بحسب الرئاسة. وكان إعلان كرزاي منتظرا منذ عدة أيام، بعد أن التقى قادة من «المجاهدين» السابقين بينهم برهان الدين رباني وعبد رب الرسول سياف إضافة إلى وزراء وحلفاء آخرين للتباحث في كيفية إنشاء المجلس. وكان هيراوي المتحدث باسم كرزاي قد قال الثلاثاء إن المجلس سيجمع «عناصر سابقة في حركة طالبان والحزب الإسلامي» ملمحا إلى مشاركة مجموعة أخرى يقودها رئيس الوزراء السابق وزعيم المجاهدين قلب الدين حكمتيار.

وقال هيراوي «سيكون هذا المجلس بالتأكيد فعالا في التقليص من مستوى العنف في أفغانستان».

يذكر أن حركة طالبان رفضت أكثر من مرة دعوات إلى الحوار، واصفة كرزاي بأنه ألعوبة بين يدي الولايات المتحدة، واشترطت خروج القوات الأجنبية لبدء أي تفاوض. ويأتي إعلان تشكيل المجلس في وقت تصاعدت فيه المقاومة المسلحة لطالبان وارتفعت فيه حصيلة قتلى القوات الأجنبية إلى 485 منذ بداية العام الحالي، وهو عدد القتلى خلال سنة 2009 برمتها.