بعد 9 أعوام على هجمات سبتمبر.. مشاعر الخوف تتزايد بين مسلمي أميركا

يخشون أن يتحولوا إلى كبش فداء في التاريخ الأميركي

TT

خلال تسعة أعوام مرت على هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، بذل الكثير من المسلمين الأميركيين جهودا من أجل بناء علاقات مع غير المسلمين لتوضيح أنهم يعادون الإرهاب ولتعريف الناس بالدين الإسلامي والمشاركة في مشاريع خدمية لمختلف الأديان. وأبدوا شعورا بالرضا عندما قال الكثير من الأكاديميين إن المسلمين داخل أميركا حققوا نجاحا بمقدار أكبر من المسلمين داخل أوروبا.

وفي الوقت الحالي، يقول الكثير من هؤلاء المسلمين إن العمل على مدار تلك الأعوام يتعرض لضربات متسارعة بسبب المعارضة القوية لبناء مركز ثقافي إسلامي بالقرب من موقع مركز التجارة العالمي. وقد أطلقت هذه المعارضة العنان لمشاعر معادية للمسلمين، وصحب ذلك موجة من أعمال التخريب المتعمد. وقد كانت عملية طعن سائق تاكسي مسلم داخل نيويورك بمثابة ناقوس خطر للكثير من المسلمين الأميركيين.

ويقول الدكتور فرحان أصغر، وهو جراح عمود فقري داخل كونيتيكت وأب لابنتين صغيرتين: «نشعر بالخوف. هل سنقبل بصورة كاملة داخل المجتمع الأميركي؟ لا يمكن أن نحصل داخل أي دولة أخرى على مثل هذه الحرية، وهذا السبب في أن عددا كبيرا من المسلمين يختارون هذه الدولة ليعيشوا فيها. ولكن نتساءل عما إذا كان سيأتي وقت لا يريد فيه الناس أي مسلمين هنا».

ويقول إيبو باتل، مؤسس ومدير «إنتر فيث يوث كور» وهو برنامج خدمي يسعى إلى تقليل الخلاف الديني: «أشعر بالرعب أكثر من أي وقت مضى، وأشعر بالرعب أكثر مما كنت أشعر عقب 11 سبتمبر (أيلول)».

وقد ردد ذلك الكثير من المسلمين الأميركيين خلال مقابلات أجريت معهم الأسبوع الماضي. وقالوا إنهم يشعرون بالرعب بدرجة كبيرة لأنهم علموا أن الشك والتجاهل والكره للمسلمين أصبح منتشرا على نطاق واسع. ولا يعد هذا طريق الاندماج والقبول الذي كان يحسب المسلمون أنهم يسيرون فيه.

ويقول بعض المسلمين الأميركيين إنهم يشعرون بالقلق مع اقتراب ذكرى هجمات الحادي عشر من سبتمبر. وقد تعهد راعي كنسية صغيرة في فلوريدا بإحراق نسخ من القرآن في ذلك اليوم. وقالت شخصيات إسلامية بارزة لأتباعها إن هذا الأمر أدين على نطاق واسع من جانب جماعات مسيحية وغيرها من الجماعات الدينية ويجب تجاهله. ولكنهم يقولون إن بعض المسلمين الأميركيين الشباب يتساءلون كيف يمكنهم الجلوس ببساطة ومشاهدة هذا يحدث.

ويشبهون موقفهم بموقف أكباش فداء أخرى في التاريخ الأميركي: الكاثوليك الرومان قبل أعمال الشغب خلال العقد الأول من القرن التاسع عشر، واليابانيين قبل وضعهم في معسكرات اعتقال خلال الحرب العالمية الثانية.

ويجلس المسلمون في غرف المعيشة داخل المنازل التي يعيشون فيها مندهشين في الوقت الذي يؤكد فيه المعلقون مرة بعد أخرى أن الإسلام ليس دينا ولكنه طريقة سياسية، وأن المسلمين لا يمكن أن يصبحوا أميركيين صالحين، وأن المساجد عبارة عن واجهة لجهاديين متطرفين. وللتعامل مع ما تصفه بأنه «مد كبير من مشاعر الخوف والتعصب»، تخطط الجمعية الإسلامية بأميركا الشمالية عقد قمة تجمع بين قيادات إسلامية ومسيحية ويهودية في واشنطن اليوم الثلاثاء.

ويقول عبد الله العنتبلي، الإمام بجامعة ديوك، إن المسلمين الأميركيين الشباب الذين يحاولون تحديد مكانهم وأهدافهم في الحياة يشعرون بالاضطراب بصورة خاصة. وأضاف: «يتساءل الناس عما هو البديل إذا لم نكن ننتمي إلى هنا. ويقال على سبيل المزاح: متى سترحل إلى كندا؟ متى سترحل إلى سيدني؟ لن يذهب أحد إلى أي مكان آخر، ولكن ثمة شعورا باليأس والعجز والحزن الشديد».

وقد عاد العنتبلي قريبا من رحلة الشهر الماضي مع حاخام يهودي وقيادات إسلامية أميركية أخرى إلى بولندا وألمانيا، حيث درسوا الهولوكوست والأحداث التي أدت إليها (وأصدرت المجموعة بعد عودتها إدانة لإنكار الهولوكوست).

ويقول: «بعض ما يقوله الناس في الجدل المرتبط بهذا المسجد يتشابه بدرجة كبيرة مع ما كانت تقوله وسائل الإعلام عن اليهود في العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي. حقا إنه أمر مريع».

وكان المسلمون الأميركيون يتوقعون أن يكون شهر رمضان من العام الحالي ممتعا بصورة خاصة، فللمرة الأولى منذ عقود يأتي شهر رمضان خلال إجازة الصيف، مما يساعد الأطفال على تناول وجبة الإفطار مع العائلة والأصدقاء.

ولكن، كانت الأحوال سيئة هذا العام. ويبدو أن النقاش الكبير الدائر بشأن المسجد أطلق موجة من أعمال التخريب المتعمدة والمضايقات التي استهدفت المساجد، حيث أضرمت النيران في أدوات التعمير في موقع لبناء مسجد في موفريبورو بولاية تينيسي وألقي بخنزير من البلاستيك داخل مسجد داخل ماديرا بولاية كاليفورنيا، وأطلق مراهقون الرصاص أمام مسجد في نيويورك خلال صلاة التراويح. ويقول خبراء إنه من المبكر القول بما إذا كانت معدلات الجرائم ضد المسلمين تتزايد أم أنها على وتيرتها نفسها التي كانت عليها خلال الأعوام السابقة. ولكن من المحتمل أن تكون بعض الحالات غير مسجلة في الوقت الحالي.

ويقول إبراهيم هابور، المتحدث باسم مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية: «يتردد الضحايا في الذهاب للخارج وبهم هذه الإصابات التي تعبر عن مشاعر كراهية، حيث يخشون من تعرضهم للمزيد من المضايقات أو الهجمات. ويتمنون أن ينقضي ذلك الأمر برمته».

ويقول بعض المسلمين إن وضعهم يبدو محفوفا بالمخاطر حاليا – في رئاسة شخص ينظر إليه على أنه صديق للمسلمين ويعتقد الكثير من الأميركيين بصورة خاطئة أنه مسلم – بدرجة أكبر مما كان عليه الحال إبان رئاسة جورج دبليو بوش.

وأوضح باتل: «بعد 11 سبتمبر، كان لدينا رئيس جمهوري يحظى بثقة الولايات التي تميل إلى الحزب الجمهوري، وذهب هذا الرئيس إلى مسجد وقال: (الإسلام يعني السلام) وقال: إن (المسلمين جيراننا وأصدقاؤنا) وكان يفصل بين الإرهاب والإسلام». ويقول باتل ولكن في الوقت الحالي يعزز السياسيون داخل الولايات المتحدة من مشاعر الخوف والكراهية من المسلمين، على عكس ما كان يقوم به بوش. وقال: «توجد ببساطة رغبة في تصوير دين بالكامل على أنه عدو».

وقال الكثير من المسلمين الأميركيين في مقابلات أجريت معهم إنهم فوجئوا، لأن ما أثار انتكاسة ضد المسلمين لم يكن هجوما إرهابيا آخر، بل محاولة إمام معروف بعمله مع زعماء من أديان أخرى بناء مركز إسلامي.

وفي هذا العام، تتزامن ذكرى 11 سبتمبر مع أيام عيد الفطر (يحتفل معظم المسلمين هذا العام بأول أيام عيد الفطر في 10 سبتمبر). ولكن، في ظل هذا المناخ قالت قيادات إسلامية إنهم يريدون تجنب مظاهر الاحتفال في ذكرى هجمات الحادي عشر من سبتمبر. ودعت الكثير من المؤسسات الإسلامية البارزة المساجد إلى استخدام ذلك اليوم للمشاركة في فعاليات الذكرى. وتقول إنغريد ماتسون، رئيسة الجمعية الإسلامية في أميركا الشمالية، إن الكثير من المسلمين الأميركيين لا يزالون يرغبون في عيش روح شهر رمضان. وتقول: «خلال رمضان، لا يفترض أن تركز على نفسك. ولكن يرتبط الأمر بالنظر إلى معاناة الآخرين. ومن السيئ نوعا ما أن نشعر بالقلق الشديد على وضعنا وأمننا في الوقت الذي يجب أن نتعاطف فيه مع آخرين».

* خدمة «نيويورك تايمز»