إسرائيل وروسيا توقعان لأول مرة اتفاقا للتعاون الأمني والعسكري

موسكو تشتري 12 طائرة إسرائيلية من دون طيار وتوفد 50 عسكريا للتدريب على تشغيلها

TT

لأول مرة في تاريخ العلاقات بين البلدين، وقع وزيرا الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، والروسي، أناتولي سيرديوكوف، أمس، اتفاقا للتعاون العسكري والأمني.

واعتبر باراك هذا الاتفاق تاريخيا. وقال إنه ينطوي على تطور استراتيجي. ولمح مقرب من باراك، أمس، إلى أن هذا التعاون يعتبر ذا بعد استراتيجي، لكونه يأتي على حساب العلاقات الإيرانية - الروسية. فيما قالت مصادر عسكرية إسرائيلية، إن هذا الاتفاق يعني قبر صفقة بيع الصاروخ الروسي المتطور «إس - 300»، إلى إيران، وهو الصاروخ الذي يعتبر أحدث الصواريخ الروسية المضادة للطائرات المقاتلة، وسعت إسرائيل لمنع وصوله إلى إيران لكونه يشوش على أي هجوم عسكري إسرائيلي أو غربي لتدمير المفاعل النووي على أراضيها.

وكان باراك قد وصل إلى موسكو، في أول زيارة يقوم بها وزير دفاع إسرائيلي إلى روسيا، منذ إقامة الدولة العبرية. واستقبله سيرديوكوف باستعراض عسكري رمزي في ساحة النصب التذكاري للانتصار على النازية. وأشاد باراك باختيار المكان، قائلا: «إنه رسالة روسية مميزة، حيث إن روسيا أدت دورا أساسيا في دحر الوحش النازي وحماية اليهود والإنسانية جمعاء من جرائمه، وبالتالي في إقامة إسرائيل».

وفي حفل التوقيع على الاتفاق المذكور، قال الوزير الروسي: «هذا اتفاق طويل الأمد للتعاون العسكري بين بلدينا. وهو مهم لنا كثيرا، في عهد تحديث الجيش الروسي وتجديد صورته. وبموجبه، سوف نستفيد كثيرا من خبرة قوات الأمن الإسرائيلية والنشاطات المميزة التي قامت بها».

وأضاف سيرديوكوف أن الاتفاقية المزمع توقيعها ستعطي دفعة جديدة لتطوير العلاقات بين البلدين، مشيرا إلى أن مواقف البلدين متقاربة إن لم تكن متطابقة حيال الكثير من تحديات العصر، ومنها مكافحة الإرهاب الدولي ومنع انتشار أسلحة الدمار الشامل.

وأشار الوزير الروسي إلى أن الاتصالات المتبادلة بين الدوائر المعنية في البلدين تسهم في التصدي لهذه الأخطار، مشيدا بالطابع النشيط للتعاون بين وزارتي الدفاع الروسية والإسرائيلية في مختلف الاتجاهات.

وكشف سيرديوكوف عن أنه تم الاتفاق على شراء 12 طائرة إسرائيلية من دون طيار، وأن 50 عسكريا روسيا يتدربون اليوم على تشغيل هذه الطائرات. وقالت المصادر الرسمية إن الاتفاقية تتناول التعاون بين البلدين في مجالات إعداد الكوادر العسكرية وتبادل المعلومات، وإلى جانب التعاون في مجالات تطوير الاتصالات والمسح الطوبوغرافي ودراسات التاريخ العسكري.

ومن جهته، قال باراك إن روسيا تعتبر قوة مركزية في العالم ولها تأثير ونفوذ كبيران في الشرق الأوسط، وفي الرباعية الدولية. وأضاف أن لروسيا تأثيرا كبيرا على إسرائيل، حيث إن أكثر من مليون روسي هاجروا إليها في العقدين الماضيين، ولهم مساهمة كبرى في تطويرها.

وطار باراك، مساء أمس، إلى منتجعات البحر الأسود في روسيا، لمقابلة رئيس الوزراء، فلاديمير بوتين، حيث سيجري معه لقاء عمل لتحسين العلاقات بين البلدين وتطويرها في مختلف مجالات الحياة.

المعروف أن العلاقات الروسية - الإسرائيلية شهدت برودا واغترابا طيلة ستين عاما، على الرغم من أن الاتحاد السوفياتي كان من أوائل الدول التي اعترفت بإسرائيل. ولفترة طويلة رأت فيها إسرائيل دولة معادية، خاصة أنها ساندت الحق العربي وكانت المزود الأساسي بالسلاح للدول العربية التي حاربت إسرائيل.

وفي السنوات الأخيرة تجري الدولتان محادثات حثيثة لاستبدال العداء بالتعاون. وتضع إسرائيل نصب أعينها التأثير على العلاقات بين روسيا من جهة، وإيران وسورية، من جهة ثانية. وسعت إسرائيل لإلغاء صفقة الصواريخ المذكورة، وإلغاء الدعم الروسي لبناء مفاعل نووي للأغراض السلمية في إيران. وسعت أيضا لإلغاء صفقات أسلحة متطورة إلى سورية، يقال إنها تصل إلى نحو 20 مليار دولار، وتمولها إيران.

وعرضت إسرائيل على روسيا مغريات كثيرة لكي تستجيب لمطالبها، خاصة بعد أن كشف النقاب عن تعاون عسكري كبير بين إسرائيل وجورجيا، خلال الحرب بينهما عام 2008. ولكن إسرائيل لم تحقق النجاح المنشود، وأوقفت دعمها لجورجيا، وباعت لروسيا 12 طائرة من دون طيار، وقامت بتدريب طواقم روسية على قيادة وتوجيه تلك الطائرات، وعرضت عدة مشاريع لتحديث الجيش الروسي وآلياته الحربية. وأسهم ذلك في تحسين العلاقات، مما ساعد على استقبال باراك بحفاوة.

وحسب الناطق بلسان وزارة الدفاع الإسرائيلية، فإن بنود الاتفاق الذي وقعه باراك وسيرديوكوف سرية، «مثل كل الاتفاقيات العسكرية في العالم». وأضاف أن باراك أطلع مضيفيه الروس على التطورات الجديدة في المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية. وقال له إن الدول والتنظيمات التي تقيم معها روسيا علاقات في الشرق الأوسط، تهدد أمن إسرائيل وتحاول تخريب الجهود المبذولة لتحقيق السلام. فإيران، التي تهدد بتدمير إسرائيل، تزود سورية بالأسلحة، وهذه الأسلحة تصل إلى حزب الله وحماس. وأضاف أن العمليتين اللتين نفذتهما حماس خلال قمة واشنطن، وقتل فيهما أربعة مدنيين إسرائيليين، نموذج واحد لهذه الصورة. وروسيا، التي دعمت قيام إسرائيل وتقف إلى جانب الجهود السلمية، لا ترضى بالتأكيد عن هذا النشاط، وبإمكانها أداء دور لمجابهتها.

وقد رد الوزير الروسي قائلا: إن بلاده تدرك ضرورة توفير أمن إسرائيل في كل اتفاق سلام، وتساند العملية السلمية بكل قوتها، وترفض الإرهاب.