الرئيس سليمان يرد على عون: يجب التعالي عن الأنانية.. واعتماد الخطاب الهادئ والمتزن

حملة ردود على انتقادات زعيم التيار الوطني المغرد خارج سرب التهدئة

TT

نجح رئيس تكتل التغيير والإصلاح، العماد ميشال عون، في خطف الأنظار من خلال حملة غير مسبوقة طالت الدولة بكل أركانها؛ من رئيسها وحكومتها ووزرائها إلى أجهزتها الأمنية، فبدا عون مغردا خارج سرب التهدئة والتسويات التي سعت القوى المحلية والإقليمية، بصعوبة، لإحلالها قبل عيد الفطر، بعدما نجحت قي ضبط إيقاع التخاطب بين حزب الله ورئيس الحكومة سعد الحريري، وإرساء جو عام من التهدئة سحب فتيل التأزّم إثر حادثة برج أبي حيدر.

حملة عون قوبلت بموجة من الردود التي دعته للتعقل واعتماد الخطاب الهادئ والمتزن. وأبرز المستهدفين، رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، رد على عون من دون تسميته فقال: «على كل من يتعاطى الشأن العام أو السياسي وأتيح له منبر إعلامي أن يبتعد عن كيل الاتهام وإلقاء اللوم على الآخرين، والتعالي عن الأنانية، والمصلحة الخاصة في النظر إلى الأمور، واعتماد الخطاب الهادئ والمتزن والبناء والاقتراحات المفيدة» معتبرا أن «السلبية وإحباط الناس والبكاء على الأطلال لا تنفع ولا تبني وطنا، وصعوبة الأوضاع التي يمر بها لبنان تتطلب الترفع والتحلي بروح المسؤولية، والابتعاد عن المهاترات، والعمل على معالجة الأمور بهدوء وجدية؛ فحساسية الوضع اللبناني، وخصوصا في المرحلة الحالية، لا تتحمل المجازفات والإثارة، أما المحاسبة والمساءلة فهي ضرورية، ولكن علينا دائما البدء بأنفسنا، واللجوء إلى الطرق الدستورية، والتزام آداب السلوك في الكلام».

وكان عون قد دعا لاستقالة وزراء الداخلية والدفاع والعدل والإعلام ملوحا بإمكانية إسقاط الحكومة متسائلا: «أين أموال الدولة؟ أين رئيس الجمهورية؟ ماذا يفعل غير البكاء؟».

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، رفض أمين سر تكتل التغيير والإصلاح الذي يرأسه العماد عون، النائب إبراهيم كنعان، توصيف ما قاله عون بـ«الحملة التصعيدية» مشددا على أن ما سعى إليه هو «تحديد موقفه من التجاوزات الحاصلة، بعيدا عن الإطراء والمواربة والمواقف العامة التي لا توصل إلى نتيجة». وأضاف: «ليس المطلوب اليوم أن ينبري أحد بالرد والقيام بحملة دفاع عن الرئيس أو غيره؛ فالعماد عون لا يسعى لتسجيل نقاط عليه، بل لوضع الأصبع على مكامن الخلل لتتم معالجات سريعة بمبادرة من رئيس الجمهورية».

وأوضحت مصادر التيار الوطني الحر لـ«الشرق الأوسط» أن حملة العماد عون تأتي بعدما أُشبع وعودا تم الإخلال بها، وخاصة في قضية العميد فايز كرم، سواء أكانت قضائية أو قانونية أو إعلامية، لافتة إلى أنه «حاول قدر الإمكان الالتزام بالتهدئة، غير أن الأمور خرجت عن نصابها، مما استوجب حملة التصعيد العالية النبرة».

وفي المواقف المستنكرة لحملة عون، اعتبر وزير الإعلام طارق متري أنه «وفي زمن الحاجة المتزايدة إلى الكلمة الطيبة والحوار العقلاني، نرى الانفعال وإثارة الانفعال يأخذان الجنرال عون إلى افتعال معركة ضد رئيس الجمهورية والحكومة، متوسلا بالتهجم والتهكم، وكالعادة أيضا يطلق الأحكام يمنة ويسرة وكأن تردادها يوجد لها أسسا لا وجود لها، فمجرد تكرار الكلام لا يضفي عليه صحة يفتقر إليها».

ورأى وزير الداخلية زياد بارود أنه «يحق لأي رئيس جمهورية يرى مستوى التخاطب والاتهام المجاني أن يبكي على ما وصل إليه البلد»، مشددا على أن «عيون الرئيس سليمان مخصصة لغير البكاء، عيون العماد سليمان تنظر إلى كل لبنان وكل اللبنانيين نظرة الأب الحريص على أبنائه جميعا». من جهته، اعتبر وزير الدولة عدنان السيد حسين أن «الموضوع ليس موضوع بكاء، إنما كيفية حماية البلد وتخفيف آلام الناس وتحقيق مضمون البيان الوزاري» آملا أن «يكون خطاب عون في حدود الانفعال، وأن يشارك الجميع في بناء الدولة من دون شخصانية»، وأضاف: «النقاش يبدأ من هذه النقطة وليس بالتشهير والحملات».

وفي سياق متصل، اعتبر وزير العمل بطرس حرب أن «تهجم» النائب ميشال عون على موقع رئاسة الجمهورية لا يفيد عمل حكومة الوحدة الوطنية، لافتا إلى أنه «ليس المطلوب أن يرضي الرئيس كل الناس بأدائه، إنما ضميره»، وقال: «اتهام الرئيس ميشال سليمان بأنه لا يقوم بشيء إلا البكاء غير صحيح، وهو يؤدي كل ما بإمكانه للقيام بدوره وممارسة صلاحياته ضمن نطاق الدستور. هناك إمكانية أن يتعرض رئيس الجمهورية وكل صاحب ضمير للبكاء عندما يسمع هذا الكلام الذي يبكي الناس».

وأكدت وزيرة الدولة منى عفيش أن «رئيس الجمهورية ميشال سليمان يعمل على تأمين السلامة العامة، وهو مقدام وهادئ ولا يثور بكلامه»، لافتة إلى أن «سياسية رئيس الجمهورية أدت إلى إحلال السلام في الربوع اللبنانية إلى جانب الهدوء والازدهار ورعاية طاولة الحوار». وردت عفيش على كلام النائب عون لجهة دعوته بعض الوزراء إلى الاستقالة، بالقول: «يمكنه الدعوة إلى المحاسبة في البرلمان، وهناك طرق دستورية وقانونية في هذا السياق يمكن اتباعها».

ولفت ما صدر عن رئيس تيار التوحيد، وئام وهاب، الذي سجّل تحفظه عما صدر عن العماد عون بحق رئيس الجمهورية قائلا: «الرئيس لا يستطيع أن يفعل شيئا، لأنه ليس لديه صلاحيات»، لافتا إلى أنه «إذا لم يعدل الطائف، فسنبقى على هذا الأمر». واعتبر وهاب أننا لا نشعر بوجود الحكومة لأنها «قاصرة»، داعيا لضرورة إسقاطها. وتناول وهاب أخيرا عمل بعض الوزراء، فقال: «لا يمكن أن نهاجم وزيرا ليس معنا في السياسة ونغض النظر عن الوزير الذي معنا، فهناك الكثير ممن يعارض وزير الزراعة حسين الحاج حسن في السياسة، ولكن هل يستطيع أحد أن يقول إنه غير فعال في وزارته، وكذلك الأمر بالنسبة لوزير العدل إبراهيم نجار، ولكن لننظر إلى وزير الاتصالات شربل نحاس، فبالتنظير هو جيد وكلامه جيد، ولكن عمليا هناك بعض التساؤلات، فالهاتف الجوال على سبيل المثال ليس بحالة جيدة ولا نعرف السبب، يجب أن يطل عبر الإعلام ويوضح السبب».