طهران: تعاوننا مع الوكالة الدولية زاد وأمانو ضخم مواضيع هامشية جراء ضغوط سياسية

صالحي: من حقنا اختيار المفتشين الدوليين.. ورفضنا اثنين لأنهما قدما معلومات خاطئة

السفير الإيراني الجديد لدى قبرص علي أكبر رضائي لدى تقديم أوراق اعتماده للرئيس القبرصي خريستوفياس أمس (أ.ف.ب)
TT

جددت طهران رفضها أمس لتقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي أعربت الوكالة من خلاله عن قلقلها من الأنشطة الإيرانية المحتملة لتطوير صاروخ يحمل سلاحا نوويا. ووصفت تقرير الوكالة الدولية بـ«السياسي» فيما أكدت حقها في اختيار المفتشين الدوليين الذين يراقبون منشآتها النووية.

وكان رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية الياباني يوكيا أمانو قد رفع أول من أمس تقريرا لمجلس أمناء الطاقة، ذكر فيه أن الجمهورية الإسلامية تعيق عمل الوكالة الدولية من خلال منع دخول بعض مفتشيها من ذوي الخبرة الخاصة إيران.

كما أعرب عن قلق الوكالة الدولية المستمر من الأنشطة المحتملة في إيران لتطوير صاروخ يحمل سلاحا نوويا، وحث طهران على زيادة تعاونها والسماح للمفتشين الدوليين بالوصول إلى المواقع والمعدات والأشخاص المعنيين بالبرنامج النووي «دون مزيد من التأخير».

وذكر تقرير الوكالة أن إيران أنتجت نحو 2.8 طن من اليورانيوم منخفض التخصيب ارتفاعا من 2.4 طن في مايو (أيار) بالإضافة إلى 22 كيلوغراما من اليورانيوم عالي التخصيب. كما أفاد التقرير بأنه كان هناك أربع حالات كسرت فيها أختام الوكالة التي تهدف إلى منع تحويل مواد نووية في محطة نطنز الإيرانية للتخصيب. ورغم تأكيد السلطات الإيرانية أن هذه الحوادث كانت «مصادفة» فإن الوكالة قالت إنها ستدرس المسألة.

ونقلت وكالة «الطلبة» الإيرانية للأنباء عن علي أكبر صالحي، رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية، أمس، قوله «نعتقد أنه بسبب الضغط السياسي يجري تضخيم المواضيع الهامشية والثانوية». وقال صالحي إن «أسلوب صياغة» تقارير الوكالة تغير العام الماضي في انتقاد ضمني لأمانو الذي تولى المنصب في ديسمبر (كانون الأول) خلفا للمصري محمد البرادعي. وجدير بالذكر أن الدبلوماسي الياباني يتبنى نهجا أكثر صرامة من سلفه البرادعي تجاه الملف النووي الإيراني.

وأضاف صالحي «أليس صحيحا أن تعاون إيران مع الوكالة زاد... بل إننا في بعض الفترات ومن أجل بناء الثقة زدنا من تعاوننا مع الوكالة بدرجة أكبر من التزاماتنا».

وكان تقرير أمانو قد عبر عن القلق لما سماه الاعتراض «المتكرر» من جانب إيران على اختيار الوكالة للمفتشين الذين يعملون في البلاد قائلا إن ذلك «يعيق عملية التفتيش».

ومنعت طهران اثنين من المفتشين النوويين التابعين للأمم المتحدة من دخول البلاد في يونيو (حزيران) واتهمتهما بنقل معلومات خاطئة عن فقد بعض المعدات في مخالفة للواقع. وأقرت الوكالة والغربيون حينها بحق إيران في اتخاذ مثل هذا القرار مع الإعراب عن الأسف.

كما كانت قد رفضت دخول مفتش كبير عام 2006 واعترضت على عدد من التعيينات في السابق، على الرغم من أن الوكالة قد أكدت في أحدث تقاريرها أنها «على ثقة كاملة في مهنية وحيادية المفتشين المعنيين».

وقال صالحي إن «من حقنا مثل أي دولة أخرى عضو بالوكالة الدولية للطاقة الذرية أن نختار مفتشينا (الذين تطرحهم الوكالة)، هؤلاء المفتشون الذين رفضتهم إيران كانوا قد أبلغوا عن معلومات خاطئة، وإن الوكالة وصلت إلى هذه النتيجة لكنها لا تريد الاعتراف بها».

وأضاف صالحي أنه بعكس منشآت تخصيب اليورانيوم التي تخضع لرقابة مشددة من الوكالة الذرية، لا شيء في الاتفاقات مع الوكالة الذرية يرغم إيران على فتح موقع أراك حيث تبني مفاعلا يعمل بالماء الثقيل لأنه لا يستخدم يورانيوم مخصبا.

وتعود آخر زيارة لمفتشي الأمم المتحدة لموقع أراك إلى أغسطس (آب) 2009. وتؤكد طهران أن المفاعل الذي يفترض أن ينتهي العمل به عام 2012 أو 2013 سينتج نظائر مشعة ستستخدم بحسب طهران في الإنتاج الزراعي والطب، إلا أن الدول الغربية تعتبر أنه من الممكن تحويل وجهة استخدام المنشأة لغرض إنتاج سلاح نووي.

وقال صالحي «إذا وجدت الوكالة بندا في الاتفاق الثنائي ينص على ضرورة السماح بتفتيش المواقع التي تعمل بالمياه الثقيلة، عندها سنتيح للمفتشين زيارة الموقع في أقرب فرصة». وتابع صالحي أن تقرير الوكالة الأخير «لم يشر إلى أي استخدام لمعدات نووية لغايات غير سلمية. أما النقاط الأخرى المذكورة في التقرير فهي هامشية».

فيما اعتبرت وزارة الخارجية الإيرانية انتقادات الوكالة الذرية بأنها ناجمة عن مقاربة «سياسية» للملف الإيراني.

وقال المتحدث باسم الوزارة رامين مهمان باراست «نحن نصر على أن تقوم الوكالة الدولية للطاقة الذرية بمهمتها تجاه أعضائها في إطار القانون دون الأخذ في الاعتبار الضغوط السياسية».

وندد مجلس الأمن الدولي مرارا منذ عام 2006 برفض إيران تعليق برنامجها لتخصيب اليورانيوم الذي يمكن أن يستخدم وقودا لمفاعلات نووية وأيضا لصناعة قنبلة ذرية.

وينفي المسؤولون الإيرانيون باستمرار قطعيا أن تكون لديهم أهداف عسكرية دون التمكن من إقناع الغربيين الذين شددوا هذا الصيف عقوباتهم الاقتصادية بحق طهران.

وتشتبه الدول الغربية، رغم نفي إيران المتكرر، في محاولة الأخيرة اقتناء السلاح النووي تحت غطاء برنامجها النووي المدني.

ولم تقدم الوكالة أبدا أي دليل على اتهاماتها إلا أنها تعتبر أن رفض طهران لبعض مطالبها في التفتيش أو الحصول على معلومات لا يتيح لها أن تجزم بأن الجمهورية الإسلامية لا تملك برنامجا نوويا عسكريا.

وردا على العقوبات الدولية التي فرضت على إيران صوت البرلمان الإيراني في يوليو (تموز) على قانون يمنع الحكومة من التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية خارج ما تقتضيه التزاماتها القانونية البحتة.

إلى ذلك، اعتبر البيت الأبيض أن تقرير الوكالة الدولية يشكل دليلا آخر على سعي إيران إلى «الاقتراب من قدرة (تطوير) سلاح نووي». وتعتبر واشنطن أن تقرير الوكالة دليل آخر على ضرورة مواصلة الضغط على طهران في الفترة المقبلة، وخاصة فيما يخص تشديد العقوبات عليها من خلال عقوبات أحادية الجانب من دول عدة، على رأسها الولايات المتحدة وآخرها اليابان، بعد أن أصدر مجلس الأمن قرار 1929 لفرض عقوبات على إيران.

وقال ناطق من البيت الأبيض، تومي فيتور: «تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأخير عن إيران يظهر مرة أخرى أن إيران ترفض الالتزام بالتزاماتها النووية الدولية وتواصل جهودها لتوسيع برنامجها النووي والاقتراب من قدرة (تطوير) سلاح نووي». واعتبر فيتور أن «تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول العرقلة وفشل إيران في التعاون تقلق كل من يهتم بمنع انتشار الأسلحة النووية والأمن العالمي».

ويأتي ذلك في وقت أفادت فيه صحيفة «نيويورك تايمز» أن مسؤولين في إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما يعتقدون أن إيران بحاجة إلى عام على الأقل للحصول على سلاح نووي، إلا أن هذا التقييم مبني على أساس المعلومات المتاحة عن برنامج إيران النووي ولا يشمل احتمال أن يكون لدى إيران نشاطات سرية.

ومن جانبها، ناشدت الصين إيران التعاون أيضا مع الوكالة الدولية، وقالت جيانغ يو المتحدثة باسم الخارجية الصينية في مؤتمر صحافي روتيني في بكين «اطلعنا على تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية». وأضافت «نتمنى أن تتعاون إيران والوكالة بشكل كامل، وأن تحوز على ثقة المجتمع الدولي في الطبيعة السلمية لمنشآتها النووية»، وتابعت «نتمنى أن تزيد الأطراف المعنية من جهودها الدبلوماسية وأن تستأنف المحادثات والمفاوضات في أسرع وقت ممكن للتوصل إلى مسار فعال لحل شامل وطويل المدى وملائم للقضية النووية الإيرانية».

وأيدت الصين قرارات مجلس الأمن الدولي التي تحث إيران على التخلي عن الأنشطة النووية المثيرة للجدل. وتعتبر إيران مصدر إمداد رئيسيا للنفط الخام إلى الصين ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم بعد الولايات المتحدة كما أن بكين تربطها علاقات اقتصادية وثيقة بإيران.

وفي سياق متصل، قال وزير النفط الإيراني مسعود مير كاظمي إن بلاده رفعت إنتاجها من البنزين للوصول إلى الاكتفاء الذاتي من هذا المنتج الاستراتيجي وإحباط العقوبات التي تستهدف احتياجاتها من الطاقة.

ونقل موقع هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية عن مير كاظمي قوله «وصلنا إلى إنتاج 66.5 مليون لتر يوميا في مصافي البلاد». وقال إنه قبل الزيادة كان الإنتاج المحلي 44 مليون لتر وكانت إيران تستورد 20 مليون لتر لسد احتياجات السوق.

وإيران هي رابع أكبر مصدر للنفط في العالم لكن افتقارها إلى طاقة التكرير يجعلها تستورد ما يصل إلى 40 في المائة من احتياجاتها من البنزين.