تزامن العيد مع العام الدراسي يستنزف جيوب الغزيين

معظم أرباب العائلات لا يستطيعون مواجهة متطلبات أطفالهم بسبب ضيق الحال

TT

لم يتمكن مروان السموح، 44 عاما، من كبح جماح غضبه، وانفجر موبخا أبناءه الخمسة الذين كانوا يتراكضون حوله وهو يشق طريقه صباح الأحد الماضي، وسط السوق الشعبية في مخيم المغازي للاجئين، في المنطقة الوسطى من القطاع، فقد ضاق ذرعا باضطراره للاعتذار لأصحاب البسطات المنتشرة التي كان يطؤها أولاده، بسبب الازدحام الشديد في السوق.

لكن مروان سرعان ما غيّر لهجته مع أبنائه عندما وصل للقسم المخصص لبسطات الملابس، وأخذ يلاطفهم، بعد أن بدت ملامح الامتعاض على وجوههم عندما علموا أن والدهم يرغب في شراء الزي المدرسي، المكون من بنطال جينز وقميص أزرقين، على أن يقوموا بلبس هذا الزي خلال عيد الفطر، بحيث لا يشتري لهم ملابس عيد، علما بأن العام الدراسي يبدأ فور انتهاء عطلة العيد مباشرة.

لكن على الرغم من ردة فعل الأولاد السلبية، فإنه لم يكن واردا لدى مروان شراء ملابس جديدة أخرى للعيد، بسبب سوء أوضاعه المادية. ويقول مروان الذي يعمل حارسا في إحدى مزارع الدجاج لـ«الشرق الأوسط» إنه يتقاضى راتبا شهريا يبلغ 1000 شيقل (280 دولارا)، وليس بوسعه أن يخصص لشراء الملابس لأولاده أكثر من 400 شيقل، بمتوسط 80 شيقلا لكل ولد، لأن هناك الكثير من المتطلبات التي يجب عليه الوفاء بها.

لم يكن مروان ولي الأمر الوحيد الذي اكتفى بشراء ثياب جديدة واحدة لأطفاله، للعيد والعام الدراسي، فتزامن العيد مع بدء العام الدراسي الجديد جعل الأغلبية الساحقة من أولياء الأمور يكتفون بشراء زي واحد فقط، لأن الأوضاع المادية الصعبة تقلص هامش المناورة للغزيين الذين تبلغ البطالة في أوساطهم أكثر من 60 في المائة، في حين تزيد عن ذلك معدلات الفقر.

بيد أنه ليس مع كل الأبناء يمكن الاكتفاء بشراء الزي المدرسي، فعلى سبيل المثال طالبات الجامعات اللواتي يلتزمن بلبس الحجاب كزي جامعي، يرغب معظمهن في شراء ملابس أخرى لارتدائها في منازلهن خلال أيام العيد، وهذا ما أرهق الكثير من العائلات المعنية بإدخال البهجة إلى نفوس بناتها أيام العيد.

جلال العبد، 51 عاما، الذي يقطن المنطقة الوسطى من قطاع غزة، ولديه تسع بنات، منهن أربع في الجامعات، اضطر للاستدانة من جيرانه مبلغ 600 شيقل (175 دولارا) لشراء كسوة العيد لهن.

والحظ يحالف فقط أولياء الأمور الذين يدرس أولادهم في مدارس وكالة غوث اللاجئين (أونروا)، إذ بإمكانهم شراء كسوة للعيد، وتأجيل شراء الزي المدرسي، لأن الـ«أونروا» قررت منح كل طالب وطالبة في مدارسها مبلغ 100 شيقل قبل بدء العام الدراسي، وهو ما يمكّن عائلات هؤلاء الطلاب من شراء الزي المدرسي، وإن كانت هذه الحقيقة لن تدفع الكثير من العائلات لشراء ملابس للعيد بالإضافة للزي المدرسي، حيث ستفضل استثمار هذا المال في متطلبات أكثر إلحاحا.

لكن على الرغم من الأوضاع الاقتصادية السيئة وارتفاع أسعار الملابس عشية العيد، فإن المتجول في شوارع مدينة غزة المكتظة يشهد حركة تجارية نشطة. فالكثير من الناس الذين يعملون موظفين في حكومتي رام الله وغزة يتمكنون من شراء ملابس للعيد، وإن تفاوتت نوعيتها، ولكن تبقى محال الملابس التي تنتشر في منطقة الساحة وحي الشجاعية، التي تتميز بعرض الملابس الرخيصة نسبيا، تشهد إقبالا أكبر بكثير من المحال التي تنتشر في حي الرمال، التي تقدم ملابس بأسعار عالية.