الجزائر: اعتقال طبيب ناشط في مجال محاربة الفساد يثير جدلا سياسيا وقضائيا

محاميه يشتم رائحة تصفية حساب ضده

TT

أثار اعتقال طبيب وناشط في مجال محاربة الفساد في الهيئات العمومية بالجزائر، جدلا واسعا بسبب التهمة التي اعتقلته الشرطة على أساسها. فبينما تقول أسرته إن القضية مرتبطة بنشاطه ضد الفساد، تذكر مصادر أخرى أن اعتقاله تم بناء على دعوى من مؤسسة حكومية كان يشتغل بها.

ويواجه الطبيب جيلالي حجاج رئيس «الجمعية الجزائرية لمحاربة الرشوة»، وهو أيضا صحافي، مشكلات كبيرة مع القضاء بعد اعتقاله مساء الأحد الماضي بقسنطينة (500 كلم شرق العاصمة)، عندما كان رفقة زوجته بصدد السفر إلى مرسيليا (جنوب فرنسا) للمشاركة في مؤتمر دولي.

وحجاج هو ممثل المنظمة الدولية غير الحكومية «شفافية دولية»، بالجزائر وكثير ما أبدت السلطات انزعاجها من التقارير التي يرفعها إلى منظمته حول قضايا فساد وسرقة المال العام.

وقال زبير سوداني، محامي حجاج، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، إن الناشط في مجال محاربة الفساد يوجد في «الحجز تحت النظر» لدى الشرطة، وهي صيغة قانونية تطبق على أي شخص يلقى عليه القبض بموجب أمر من النيابة. وبموجب ذلك يبقى محبوسا في مقر الشرطة مدة 48 ساعة قبل عرضه على النائب العام.

وذكر المحامي بأن المؤسسة التي كان يشتغل بها حجاج في وقت سابق، تابعته في القضاء بتهمة «التزوير واستعمال المزوَر وتبذير المال العام». وأضاف بأن القضاء أدان حجاج غيابيا بالسجن، وتم إرسال الحكم إليه عبر محضر قضائي. لكن المحامي يقول إن حجاج لم يكن على علم بالحكم ولم يتلقه من القضاء «فهو رجل يحترم القانون ولو كان على علم بكل هذه التطورات لكان سعى من أجل استئناف الحكم، وما كان غامر بالخروج من الجزائر، وهو يعلم بأنه سيتعرض للاعتقال والسجن». وزاد سوداني قائلا إن حجاج «يفترض أن يتم تحويله إلى العاصمة هذا المساء (أمس)، ليخضع لاستجواب قاضي التحقيق في القضية»، مشيرا إلى عزمه استئناف الحكم.

واشتغل حجاج طبيبا عاملا في «الصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية»، واستقال من منصبه بسبب خلافات مع مسؤوليه. وأفادت مصادر مهتمة بالموضوع لـ«الشرق الأوسط» بأن «الصندوق» تابع حجاج بسبب رفضه الخروج من الإقامة التابعة للمؤسسة.

وقال المحامي إنه «يشتم رائحة تصفية حساب» ضد حجاج الذي اشتغل مدة طويلة في الصحف المحلية، وصنع اسما من خلال التحقيق في قضايا كبيرة كان أهمها على الإطلاق قضية منح مساكن جاهزة للبرلمانيين مطلع عقد التسعينات من القرن الماضي، بينما كانت في الأصل موجه لمنكوبي زلزال وقع غرب البلاد. وكانت المساكن عبارة عن هبة من الحكومة الأميركية إلى الحكومة الجزائرية.

وصرح حجاج في مقابلة مع صحيفة محلية قبل شهور، بأنه «تعرض للتهديد» من طرف أشخاص لم يذكر أسماءهم. وقال إن أعضاء من مكتب «شفافية دولية» بالجزائر تم اعتقالهم بسبب نشاطهم في إطار إعداد تقارير دورية عن الفساد.

إلى ذلك، أصدرت «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان» بيانا عبرت فيه عن «قلقها» إزاء اعتقال حجاج الذي اعتقل بناء على دعوى من وزارة العمل وليس من «صندوق التأمينات». وقال البيان إن حجاج «شخصية عامة ومعروفة وكان بإمكان القاضي أن يوجه له استدعاء حتى يمثل أمامه دونما حاجة لاعتقاله»، وحذرت الرابطة من «إهانته وحرمانه من حقه في الدفاع عن نفسه».

من جهتها، دعت «النقابة الوطنية للصحافيين» إلى الإفراج عن المعتقل، وطالبت بـ«تمكينه من كل الإجراءات القضائية التي تسمح له بمواصلة معركته في أقرب الآجال».