سلطانية لـ «الشرق الأوسط» : اضطررنا إلى تخصيب اليورانيوم كي لا نخضع للميول والأهواء

ممثل إيران لدى الوكالة الدولية: مناورات سياسية وضغوط وراء تأخر رد مجموعة فيينا

TT

قال المندوب الإيراني لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، علي أصغر سلطانية، في حوار خاص مع «الشرق الأوسط» إن بلاده دفعت دفعا لرفع درجات تخصيب اليورانيوم إلى 20% وذلك حتى تؤمن احتياجاتها من الوقود لمفاعل طهران للأبحاث الطبية الذي لا يزال الحوار بشأنه مجمدا بسبب تحركات سياسية وضغوط من قبل دول تسعى إلى الهيمنة على التقنية النووية. مؤكدا أن إيران لن تخضع أبدا ولن توقف أبحاثها وتطورها النووي الذي أقرت واعترفت به الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقاريرها السابقة، بالإضافة إلى تقريرها الأخير الذي رفعه مديرها، أول من أمس، لمجلس محافظي الوكالة، مفتخرا بأن إيران أصبحت «مُعلما» في مجال التقنية النووية.

إلى ذلك، كانت «الشرق الأوسط» قد طرحت على السفير سلطانية عددا من الأسئلة لمعرفة رأيه ورأي بلاده في التقرير الذي سيناقشه مجلس أمناء الوكالة في اجتماعاته بدءا من الاثنين المقبل، كما سيظلل اجتماعات مؤتمر عام الوكالة في العشرين من الشهر، حيث جرت العادة أن ينقسم المجتمعون انقساما حادا ما بين دول نامية تدعم حق إيران في التطور والحصول على تقنية نووية، ودول غربية صناعية ترفض ذلك خشية سوء استخدام إيراني لأنشطتها النووية وصولا لأغراض عسكرية.

وكان سلطانية قد وصف التقرير بالإيجابية في المواقع التي أشارت إلى تعاون إيراني في بعض الأنشطة، بينما وصفه بالسلبية في مواقع أكد أنها سياسية بحتة نقلها التقرير عن قرارات لمجلس الأمن، مضيفا أن ذلك يصبغ عمل الوكالة بصبغات سياسية تسيء إلى مهنيتها ومهامها العلمية التقنية البحتة.

وردا على سؤال «الشرق الأوسط» حول إصرار إيران على مواصلة التخصيب رغم قرار المقاطعة ورغم ما يثيره من اتهامات بأهداف عسكرية خفية، كرر سلطانية القول بحق إيران القانوني في التخصيب، مبينا أن إيران لا تزال تنتظر أن تعود دول مجوعة فيينا (الولايات المتحدة، وروسيا، وفرنسا، بالإضافة إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية) برد سريع وحاسم، مؤكدا أن مناورات سياسية ومحاولات لفرض ضغوط وشروط هي الأسباب التي تؤخر رد المجموعة. مضيفا أن سلوكيات كهذه هي الأسباب الرئيسية التي تدفع إيران إلى تأمين احتياجاتها من اليورانيوم المخصب حتى لا تصبح خاضعة للميول والأهواء.

وتعليقا على الاتهامات الروسية الأخيرة أن الولايات المتحدة هي التي تعوق الوصول إلى اتفاق بموجبه تحصل إيران على الوقود الذي تحتاجه لتأمين تشغيل مفاعل طهران الذي يؤمن احتياجات إيران من علاجات لمرضى السرطان، قال سلطانية ليس هناك شك في ذلك، مؤملا أن تتفهم كل الأطراف الاحتياجات الإنسانية الداعية لمواصلة عمل المفاعل، لا سيما أن الوقت يمضي وعليهم أن يسرعوا. مذكرا بأن إيران استعانت بتركيا والبرازيل من أجل أن يتحقق الوصول إلى نتائج توفر ذلك الوقود.

من جانب آخر، نفى سلطانية القول بأن بلاده تتعمد عدم التعاون مع الوكالة لافتا النظر إلى حقيقة ما جاء في التقرير أن الوكالة لم تقل إن إيران غير متعاونة، بل يقول التقرير إن الوكالة تطلب المزيد من التعاون. موضحا أن إيران تتعاون وفقا للقرارات القانونية الملزمة كما تنص اتفاقات الضمان الموقعة بينها والوكالة لا أكثر من ذلك، مؤكدا أن ما تطلبه الوكالة هو تفعيل للبروتوكول الإضافي، وذلك ما لم تحققه إيران ما دام ملفها النووي موجودا أمام مجلس الأمن في نيويورك. مذكرا بأن إرسال الملف النووي الإيراني إلى نيويورك تسبب في أن يجيز البرلمان الإيراني قرارا بوقف التعاون مع الوكالة بموجب البروتوكول الإضافي. داعيا يوكيا أمانو، مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لاستيعاب هذه الحقيقة وفهمها.

وردا على تعليق من «الشرق الأوسط» أن إصرار إيران على القول إن عملياتها للتخصيب تتم أمام مراقبة الوكالة «بمثابة أضعف الإيمان». نفى سلطانية وجود قانون يحرم إيران من التخصيب، منبها إلى حاجة إيران للوقود النووي، لا سيما أن إيران تتشكك في الحصول على ذلك الوقود لو لم تنتجه. داعيا إلى ضرورة استرجاع ما وصفه بفشل الولايات المتحدة ودول غربية أخرى في الالتزام باتفاقات عقدتها مع إيران منذ الثمانينات. مطالبا بوثائق أمان عالمية «غرانتي» تؤكد أن تلك الدول لن تفشلهم مرة أخرى، وأنها لن تتراجع أو تنكص عن اتفاقاتهم في حال وثقت بها إيران من جديد.

وتبريرا لما تضمنه تقرير مدير الوكالة وشكواه عن الاستعدادات الإيرانية الجارية للبدء في بناء منشآت نووية إيرانية محددا تاريخ تنفيذ أولاها مارس (آذار) من العام المقبل، قال سلطانية إن بلاده مضطرة لتأمين منشآتها وبناء المزيد حتى لا يتوقف نشاطها النووي في حالة أصيبت أي منشأة بهجوم عدواني. مبينا أن هذه المنشآت ستكون بمثابة تأمين استراتيجي لوجيستي في حال احتاجوا لها، وإذا ما أصيب مبنى توفر غيره.

في سياق مواز، وصف سلطانية كثرة مطالبات الوكالة وحثها إيران على تقديم مزيد من معلومات ووثائق وتصاميم بـ«الغباء»، مشددا على أن إيران قدمت للوكالة كل ما يلزمها القانون بتقديمه وفق اتفاقات الضمان وأنها لن تقدم المزيد خارج تلك الاتفاقات. ناكرا أن يكون تقرير المدير العام قد أشار إلى أي انحرافات عسكرية في الأنشطة النووية الإيرانية، وذلك رغم أن التقرير أبدى قلق الوكالة من أنشطة إيرانية نووية قد تكون ذات أبعاد عسكرية خفية بما في ذلك العمل على إضافة رؤوس نووية لصواريخ.