السودان: الجدل حول حقوق غير المسلمين يتصاعد

مفوضية غير المسلمين تلغي مراسيم محلية.. وهيئة علماء المسلمين تحذر من الالتفاف على الشريعة

TT

قررت مفوضية غير المسلمين في السودان، إلغاء مراسيم محلية تحظر أنشطة غير المسلمين منذ عام 1996، في خطوة تبدو أنها تستهدف سكان جنوب السودان، وغالبيتهم من المسيحيين والأرواحيين، الذين سيصوتون مطلع العام المقبل في استفتاء لتحديد مصير إقليمهم بين البقاء في السودان أو الانفصال وتكوين دولة جديدة. لكن هذه الخطوة واجهت تحديا من قبل جماعات إسلامية، حذرت من الالتفاف على قوانين الشريعة الإسلامية واعتبرت ذلك «مجازفة تضر بعملية السلام»، قبل أن تشكك في صلاحيات المفوضية، التي أنشئت بموجب اتفاقية السلام الشامل بين الشمال والجنوب، وقالت إنه ليس من حقها إصدار تشريعات جديدة.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن رئيس مفوضية غير المسلمين جشوا دينق كوال التقى الأسبوع الماضي النائب الأول للرئيس السوداني سلفا كير ميارديت وبحثا أوضاع غير المسلمين في العاصمة الخرطوم. وعلم أن سلفا أبدى ملاحظات على أوضاع المسيحيين فيما قال كوال «إن المفوضية ستدفع بقوانين جديدة وإلغاء الأوامر المحلية التي تمنع أنشطة غير المسلمين». وكانت المفوضية قد أعلنت قبل يومين أنها أقرت تعديل أربعة قوانين ذات صبغة دينية وعدم تطبيقها على المسيحيين، وغير المسلمين لتحفيز الجنوبيين للتصويت من أجل الوحدة. ويعد موضوع الدين مع قضية الهوية أحد عوامل الصراع السياسي في السودان، وأشار كوال إلى أن المفوضية تخطط لتنفيذ برامج جديدة لتنوير غير المسلمين في معسكراتهم، وأماكن إقامتهم بالعاصمة القومية ليتمتعوا بالتعايش السلمي. وأضاف أن هناك كثيرا من التحديات التي تواجه غير المسلمين في العاصمة القومية من ضمنها الصعوبات التي تسبب فيها أمر محلي صدر عام 1996، يمنع أنشطة غير المسلمين في الخرطوم، وكانت الفترة قد شهدت مصادرة السلطات السودانية للنادي الكاثوليكي وتحويله لمقر لحزب المؤتمر الوطني الحاكم حتى اليوم.

وكان مجلس تشريعي ولاية الخرطوم قد أصدر عام 1996 أمرا بحظر جميع أنشطة غير المسلمين، (إبان الحرب الأهلية) وقامت السلطات بموجبه بإغلاق النادي الكاثوليكي، باعتباره يقدم الدعم للجيش الشعبي الجنوبي الذي يحارب الحكومة وقتها. ونص اتفاق السلام بين الشريكين على قيام نظامين في شمال وجنوب السودان تتم عبره تطبيق الشريعة الإسلامية في الشمال، على أن يتحول النظام في الجنوب لنظام علماني، على أن يصوت الجنوبيون على حق تقرير المصير بعد ست سنوات من توقيع اتفاقية السلام، ليختاروا بين الوحدة، أو الانفصال، مع مراعاة حقوق غير المسلمين في العاصمة الخرطوم وتشكيل مفوضية خاصة لهم.

ورحب القطاع الشمالي في الحركة الشعبية بإعلان المفوضية إصلاحات قانونية من أجل خلق إطار جاذب للتنوع «لكنها تحفظت على تأخير الإصلاحات ودعت لإصلاحات أكثر لتحويل العاصمة لكل السودانيين وضمان قوميتها، وتحقيق التحول الديمقراطي وإلغاء كافة القوانين المقيدة للحريات». وقالت مسؤولة الإعلام في قطاع الحركة الشمالي كيجي رومان لـ«الشرق الأوسط» إن الموقف الذي عبرت عنه مفوضية غير المسلمين موقف صحيح من أجل خلق إطار جاذب للتنوع الذي يعكسه الشعب السوداني بمختلف إثنياته، لكنها عبرت عن تحفظاتها للتوقيت قائلة «كان الأجدى أن يكون منذ الأيام الأولى لتوقيع اتفاقية السلام حتى يكون أداة مؤثرة في خلق البيئة الجاذبة لكل أطياف الشعب السوداني المختلفة». وأضافت «أن الاستفتاء على حق تقرير المصير ليس شيئا بدأ بالأمس القريب بل كان موجودا ضمن بنود اتفاقية السلام منذ توقيعه، والعمل على خلق الوحدة الجاذبة لا يأتي في الوقت بدل الضائع من المباراة فيبدو على حجم أصغر من حجمه ولكن أن يأتي متأخرا خير من ألا يأتي على الإطلاق». ودعت البرلمان إلى الالتفات بشكل جاد حول تغيير كل القوانين التي تعيق من حقوق غير المسلمين.