استقالة مبعوث بريطانيا لأفغانستان من منصبه في خلاف حول استراتيجية الحرب

وزارة الدفاع البريطانية تنفي لـ «الشرق الأوسط» نيتها مراجعة استراتيجيتها

TT

استقال أمس المبعوث البريطاني الخاص لأفغانستان وباكستان من منصبه، بعد أن كان وجه انتقادات للولايات المتحدة وقوات حلف شمالي الأطلسي (الناتو) حول السياسة المتبعة في أفغانستان.

وأعلنت وزارة الخارجية البريطانية في بيان أمس أن السير شيرارد كوبر - كولز الذي كان عين في منصبه في مارس (آذار) من العام الماضي، قد تنحى عن منصبه بعد أن تم التوافق «على أنه لم تعد هناك ضرورة لبريطانيا لكي يكون لديها مبعوث خاص بدوام كامل». وكان كوبر كولز قد «أخذ إجازة» في يونيو (حزيران) الماضي، إنما قالت الخارجية حينها إنها تتوقع عودته للعمل في فصل الخريف.

وأضاف البيان أن وزير الخارجية ويليام هيغ عين مكان كوبر - كولز، كارين بيرس، مدير قسم جنوب آسيا وأفغانستان في وزارة الخارجية، كمبعوثة خاصة. وقال هيغ: «شيرارد قدم مساهمات ثمينة للسياسة البريطانية تجاه أفغانستان وباكستان. لقد أظهر قدرا كبيرا من الالتزام، والتفاني والخبرة خلال الفترة المهمة من الجهود الدولية في المنطقة».

ونفت ناطقة باسم الخارجية لـ«الشرق الأوسط» أن يكون سبب استقالة المبعوث الخاص من منصبه، له علاقة بعدم موافقته على السياسة المتبعة في أفغانستان. وكان كوبر - كولز يشغل منصب السفير البريطاني في كابل بين عامي 2007 و2009، وكان نائب السفير الفرنسي في أفغانستان عام 2008 نقل عنه انتقاده للسياسة المتبعة من قبل الأميركيين و«الناتو» في أفغانستان. وعلى الرغم من أنه شدد على ضرورة أن تدعم بريطانيا الجهود الأميركية فإنه قال إنه يجب «أن ندعم استراتيجية ناجحة وليس استراتيجية فاشلة». وقالت حينها وزارة الخارجية البريطانية إن تصريحات سفيرها أخذت خارج نطاقها.

وكانت صحيفة الـ«غارديان» قد نقلت عن مصادر غربية قبل أسابيع أن ريتشارد هولبروك، المبعوث الأميركي لأفغانستان وباكستان، وجد أن إصرار كوبر - كولز على فتح محادثات سلام مع طالبان «مقلق». ونقلت أيضا عن دبلوماسي غير بريطاني قوله إن كوبر - كولز كان متشائما بسير الحرب في أفغانستان، وأنه حذر من أن المعركة الحالية هي «حرب مدنية» وأن المجتمع الدولي «يدعم الجهة الخاطئة».

وذكرت تقارير أخرى عن توتر العلاقات بين المبعوث البريطاني المستقيل وممثل «الناتو» في كابل مارك سيدويل الذي كان مقربا جدا من قائد القوات الأميركية السابق في أفغانستان الجنرال ستانلي ماكريستال الذي أجبر على الاستقالة قبل بضعة أشهر بسبب انتقاده إدارة أوباما.

وتأتي استقالة الدبلوماسي القديم من منصبه بعد يوم على إصدار منظمة غير حكومية مرموقة في بريطانيا، توصية بتغيير السياسة في أفغانستان، وبدء محدثات مع طالبان. ودعا المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في حصيلته الاستراتيجية السنوية أول من أمس، إلى تبني سياسة تقوم على احتواء تنظيم القاعدة وحركة طالبان عبر التفاوض، عوضا عن القوة العسكرية.

وقال اليكس نيكول، خبير في المعهد الاستراتيجي وأحد معدي الدراسة، لـ«الشرق الأوسط»، إنه بات من الواضح أن السياسة في أفغانستان تذهب في الاتجاه الخاطئ.

إلا أن وزارة الدفاع البريطانية نفت أمس لـ«الشرق الأوسط» أي نية لديها بإجراء مراجعة لسياستها في أفغانستان. وقال ناطق باسم وزارة الدفاع: «لقد كنا دائما واضحين بأن النجاح في أفغانستان سيتطلب جهودا مشتركة عسكرية ومدنية تركز على تحقيق أفغانستان آمن ومستقر، وقادر على لجم المتطرفين داخل حدوده». وأضاف: «هذه لن تكون عملية سهلة وسريعة، ولكن المجتمع الدولي والحكومة الأفغانية حددوا أهدافا واضحة ضرورية لتحقيق هدفنا الاستراتيجي. وقوات «إيساف» و«الناتو» وشركاؤنا والأفغان لا يزالون يركزون على هذه الأهداف وعلى استراتيجية مكافحة التمرد التي ستساعدنا على تحقيقها». وذكر بأن قوات «إيساف» بدأت قبل 6 أشهر خطة مدنية عسكرية مدتها 18 شهرا، هدفها تحقيق استراتيجية مكافحة التمرد، وقال: «ليس هناك أي دليل على أن هذه المقاربة تفشل».

وقال نيكول إن الخبراء يقدرون ما تقوم به الحكومات البريطانية والأميركية، إلا أنهم يعتبرون أن الهدف من الحرب في أفغانستان تحقق، وهو التأكد من أن طالبان غير قادرة على العودة إلى السلطة وتشكيل خطر على الغرب. وأضاف «ليس هناك من دلائل تقول إن اهتمامات طالبان هي خارج أفغانستان».