الأمم المتحدة: قوات حفظ السلام فشلت في منع وقوع عمليات اغتصاب جماعي في الكونغو

نيويورك - لندن: «الشرق الأوسط»

TT

أقر مسؤول رفيع في الأمم المتحدة أمس بأن القوات الدولية التابعة للمنظمة فشلت في مهمتها وعجزت عن الحيلولة دون وقوع عمليات الاغتصاب المنهجية التي تعرضت لها 500 امرأة وطفل في أغسطس (آب) في جمهورية الكونغو الديمقراطية. وكان مساعد الأمين العام للأمم المتحدة المكلف عمليات حفظ السلام أتول خاره يدلي بشهادته أمام مجلس الأمن الدولي الذي أعرب أعضاؤه عن استنكارهم لاغتصاب 242 امرأة على الأقل في 13 قرية في جمهورية الكونغو، وانتقدوا فشل مهمة الأمم المتحدة في المنطقة.

إلى ذلك، يتوقع أن يلتقي الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في كيغالي الرئيس الرواندي بول كاغامي الذي يهدد بسحب جنوده من قوات حفظ السلام المنتشرة في السودان ردا على تقرير يتهم جيشه بارتكاب جرائم في الكونغو. ومنذ وصوله مساء الثلاثاء، التقى بان كي مون، الذي تستمر زيارته لكيغالي 24 ساعة، وزيرة الخارجية لويز موشيكيوابو من دون أن تلوح حتى الآن بوادر تهدئة في الموقف الرواندي.

من جهتها، أعلنت مسؤولة الأمم المتحدة الخاصة لتفادي العنف الجنسي في النزاعات المسلحة مارغو ولستروم أمام مجلس الأمن أن بعض النساء تعرضن للاغتصاب مرارا بيد خمسة أو ستة رجال. وكانت أعلنت في 31 أغسطس الماضي أنه يمكن توجيه تهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق قادة ميليشيات ومجموعات مسلحة في جمهورية الكونغو في هذه القضية.

وقال كبير القرية ليفينغستون بوبسا إن عدد المهاجمين فاق الـ350 وغالبيتهم من القوات الديمقراطية لتحرير رواندا يرافقهم عناصر من ميليشيا ماي - ماي وكلهم منتشرون في المنطقة حيث يسيطرون على المناجم.

وشهد بوبسا رغما عنه التجمع الأخير للمقاتلين قبل أن يتوجهوا إلى لوفونغي. واحتجز قادة متمردون بوبسا في قرية مجاورة. وأعطى منسق للقوات الديمقراطية في المنطقة يلقب بـ«الشبل» ويصاحبه قائد من ميليشيا ماي - ماي يدعى «مايلي» أوامره كالتالي أمام رجاله المدججين بالأسلحة الرشاشة الذين يرتدون ثيابا عسكرية: «أنتم تعرفون طبيعة لوفونغي الجغرافية. ستسيطر مجموعة على حي ايراميسو وأخرى على الوسط التجاري وثالثة على حي ماجينغو. هل سمعتم؟ انطلقوا، هيا». وقال بوبسا الذي أبعد على الفور إلى الغابة «لم يتردد أحد بل نفذوا على الفور.. وبعدها سمعت صراخ وعويل النساء في كل مكان».

وقالت موشيكيوابو في حديث عبر الهاتف إلى وكالة الصحافة الفرنسية «لا شك أن رواندا ستسحب قواتها فورا» من عمليات حفظ السلام في السودان «في حال صدر هذا التقرير في صيغته الأولية التي اطلعنا عليها متضمنا هذه الاتهامات الكاذبة ومن دون التحدث إلى الأطراف المعنيين».

وتضع رواندا اليوم في تصرف الأمم المتحدة 3550 جنديا في إطار مهمتين مختلفتين في السودان. وقال مساعد المتحدث باسم الأمم المتحدة إن «الأمين العام قرر زيارة كيغالي للتحدث مباشرة إلى الرئيس الرواندي ورسميين آخرين في الحكومة حول القلق المتصل بالتقرير بشأن جمهورية الكونغو الديمقراطية الذي أعده مكتب المفوض الأعلى لحقوق الإنسان».

وكشفت الصحافة مع نهاية الشهر الماضي عن مسودة تقرير للأمم المتحدة يتهم الجيش الرواندي بارتكاب إبادة محتملة خلال الحرب الأولى في جمهورية الكونغو الديمقراطية بين عامي 1996 و1998 بحق الهوتو الروانديين الذين لجأوا إلى هذا البلد.

وأفاد التقرير الذي أعدته المفوضية العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة بأن «الهجمات المنهجية والشاملة بحق الهوتو الذين لجأوا إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية بعد إبادة 1994 بحق التوتسي، تكشف الكثير من العناصر الاتهامية التي في حال إثباتها أمام محكمة متخصصة، يمكن اعتبارها جرائم إبادة». وأفاد التقرير بأن عدد الضحايا يناهز «على الأرجح عشرات آلاف» الأشخاص. ولجأ أكثر من مليون من الهوتو الروانديين إلى الكونغو المجاورة خشية أعمال ثأر بعدما تولى السلطة في رواندا متمردو الجبهة الوطنية الرواندية في يوليو (تموز) 1994 واضعين حدا لإبادة ارتكبت بحق أقلية التوتسي في هذا البلد.

وقتل نحو 800 ألف شخص في الإبادة التي ارتكبها بحق التوتسي نظام الهوتو المتطرف الذي كان يتولى السلطة في كيغالي. وردا على نشر الصحافة مشروع تقرير الأمم المتحدة، توعد نظام الرئيس بول كاغامي المنبثق من الجبهة الوطنية الرواندية بسحب قواته التي وضعها في تصرف الأمم المتحدة في السودان. وتنشر رواندا 3300 جندي في إطار القوة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي و256 جنديا في إطار بعثة الأمم المتحدة في السودان.

وأعلنت الأمم المتحدة بعد بضعة أيام من موقف الرئيس الرواندي أنها سترجئ إلى الأول من أكتوبر (تشرين الأول) نشر الصيغة النهائية للتقرير المثير للجدل، وذلك بغية منح الوقت لـ«الدول المعنية» للإدلاء بتعليقاتها التي ستضاف إلى التقرير. ولاحقا، نفى متحدث باسم الأمم المتحدة معلومات أوردتها صحيفة «لوموند» الفرنسية التي كانت وراء نشر مشروع التقرير، مفادها أن بان كي مون مارس ضغوطا على المفوضية العليا لحقوق الإنسان في المنظمة الدولية لتشطب كلمة «إبادة» من التقرير.