مفتي مصر: لا يجوز لأي جهة أن تحتجز إنسانا في مكان بعد إسلامه

على خلفية قضية اختفاء زوجة كاهن المنيا

TT

قال الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية إنه لا يجوز لأي جهة أن تحتجز إنسانا في مكان بعد إسلامه، معتبرا أن الاحتجاز ضد حقوق الإنسان وضد الإنسانية، مضيفا «نكره أن يعم هذا في أرض مصر بهذه الصورة الغبية، وبهذه الطرق غير المشروعة».

ودعا جمعة «عقلاء الأمة» أن يراجعوا أنفسهم، وقال «لا داعي لأي توتر مفتعل من جهة من الجهات للقبض على بنت إذا كانت أسلمت»، في إشارة إلى المظاهرات المسيحية التي تندلع عند إشهار أي مسيحي (أو مسيحية) إسلامه.

وتعتبر تلك التصريحات التي جاءت في حفل للسحور نظمه المجلس المصري للشؤون الخارجية الليلة قبل الماضية، نفيا غير مباشر من مفتي مصر لتصريحات نسبتها له صحيفة مصرية خاصة قبل يومين، بأنه أفتى بجواز تسليم المسيحيات اللاتي يشهرن إسلامهن للكنيسة، بحجة أن الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام أقر بتسليم أي كافر يدخل الإسلام للكفار ووقع على ذلك في صلح الحديبية.

وشهدت الأيام الماضية مظاهرات مسلمة ومسيحية دارت حول السيدة كاميليا شحاتة زاخر زوجة كاهن كنيسة مار جرجس بملوي بمحافظة المنيا في صعيد مصر، التي اختفت قبل شهرين من منزلها لبضعة أيام، قبل أن تنجح السلطات الأمنية في إعادتها للكنيسة، بعد أن أعلنت أنها تركت المنزل بسبب خلافات زوجية، إلا أن تسجيلات مصورة (فيديو) بثت على الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) قالت إن كاميليا أشهرت إسلامها. وطالبت المظاهرات المسلمة بمعرفة مصيرها، بينما طالبت المظاهرات المسيحية بمنع ما سمته «أسلمة المسيحيات».

وأوضح جمعة أنه ضد إكراه الناس على العقائد «لأنه لا إكراه في الدين»، وقال «مصر تعرف الليبرالية منذ عام 1852، وتعنى بضرورة احترام حكم الأغلبية، فنحن دولة إسلامية بنص الدستور، ونسبة غير المسلمين ثابتة من القرن الثامن الهجري وتتراوح حول 6% على خط متوازن، ونحن ضد أي شيء يهدد الأمن والاستقرار في البلاد».

من جهة أخرى، أصدرت أسرة عبود الزمر القيادي الأبرز في تنظيم الجهاد الأصولي المصري، المسجون منذ 29 عاما في قضية اغتيال الرئيس المصري الراحل أنور السادات عام 1981، بيانا استنكرت فيه ما سمته «انتهاكات الكنيسة المصرية التي جعلتها دولة داخل دولة»، معتبرة أن الكنيسة تقوم بابتزاز المسؤولين والضغط عليهم لخرق الدستور والقانون وإنفاذ كل ما تريده.

واعتبر البيان، الذي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أن «حالات احتجاز مسلمات داخل الأديرة أمر لا يمكن السكوت عليه، حيث يتم تعذيبهن للردة عن دين الإسلام»، وقال «الكنيسة تحظر الاقتراب من أي دير أو كنيسة على الرغم من أن بها الكثير من المسلمات، ابتداء من وفاء قسطنطين، وانتهاء بالأخت كاميليا شحاتة».

وكانت أم الهيثم زوجة عبود الزمر قد أعلنت اعتزامها خوض الانتخابات البرلمانية المقررة أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، ووضعت برنامجا انتخابيا انفردت «الشرق الأوسط» بنشره قبل أيام، يتضمن بندا يدعو لـ«وضع حد لتجاوزات الكنيسة التي أصبحت دولة داخل الدولة حتى تنتهي ظاهرة احتجاز النساء المسلمات داخل الأديرة وتعذيبهن بالمخالفة لأحكام الدستور والقانون».

إلى ذلك، زار البابا شنودة الثالث بابا المسيحيين الأرثوذكس بمصر أمس فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، والدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف، لتهنئتهما بحلول عيد الفطر المبارك.

ونفى هاني عزيز، مستشار البابا شنودة، لـ«الشرق الأوسط»، أن يكون اللقاء قد تطرق لقضية السيدة كاميليا شحاتة زاخر. وفي تصريحاته عقب اللقاء، اعتبر الدكتور أحمد الطيب أن هناك محاولات أجنبية لضرب الاستقرار والتآلف بين أبناء الشعب المصري بشقية الإسلامي والمسيحي، مؤكدا أن القيادات الدينية في مصر منتبهة تماما لمثل هذه المحاولات الخبيثة، وتقف موقفا موحدا من أجل التصدي لها ولأي محاولة لإيقاع الفتنة الطائفية بين أبناء الشعب المصري.

وأكد الطيب أن اللقاءات المتبادلة بين القيادات الدينية في مصر الإسلامية والمسيحية هدفها الأساسي الحفاظ على الوحدة الوطنية، وقال «التاريخ لم يسجل وقوع أي حرب بين المسلمين والمسيحيين في مصر بصفة خاصة وفي الشرق بصفة عامة»، بينما أكد البابا شنودة الثالث «اننا في مصر تربطنا، مسلمين ومسيحيين، علاقات قوية لا يمكن المساس بها».