كلينتون: إيران تقترب من ديكتاتورية عسكرية دينية.. وأميركا ستواصل قيادة العالم

وزيرة الخارجية الأميركية تؤكد إمكانية تحقيق السلام في الشرق الأوسط.. وتعتبر جنوب السودان «قنبلة موقوتة»

وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون اثناء حضورها مجلس اجتماع العلاقات الخارجية في واشنطن اول من أمس (أ.ب)
TT

في خطاب شامل حول السياسة الخارجية الأميركية، أكدت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أمس أن الولايات المتحدة ستواصل «قيادة» العالم خلال القرن المقبل. وبينما تحدثت كلينتون عن الدور القيادي الأميركي حول العالم، فإنها حرصت على تسليط الضوء على الدور القيادي للولايات المتحدة في مواجهة إيران. وقالت كلينتون في خطاب صباح أمس في مجلس العلاقات الخارجية في واشنطن «نحن نزيد من الضغوط الدولية على إيران للتفاوض بجدية حول برنامجها النووي». إلا أن تصريحات كلينتون لم تكن مقتصرة فقط على برنامج إيران النووي، فقد أضافت «لا يوجد أي شك في أن إيران تتحول إلى ديكتاتورية عسكرية مع نوع من الطابع الديني الآيديولوجي». وأضافت أن إيران «تصبح ولاية للحرس الثوري الإيراني مع بعض القيادة السياسية والدينية.. ولا أظن أنه كان من المفترض أن تكون الثورة الإيرانية لجمهورية إيران، جمهورية إسلامية إيرانية، أبدا هكذا».

وبعد أن فرض مجلس الأمن عقوبات جديدة على إيران في يونيو (حزيران) السابق، وتلتها عقوبات أحادية من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أخرى، قالت كلينتون إن «إيران بدأت تشعر بتأثير هذه العقوبات.. لكن العقوبات والضغط ليسا نهاية، بل يشكلان بناء للنفوذ من أجل حل مبني على التفاوض، وهو ما نتمسك به نحن وشركاؤنا».

وأكدت كلينتون أن «سياستنا هي دعم الحرية وحقوق الإنسان داخل إيران، ولقد فعلنا ذلك من خلال الحديث علنا (عن ذلك) وحاولنا تجهيز الإيرانيين بالآليات خاصة الآليات التقنية التي يحتاجونها من أجل التواصل بين بعضهم وليعبروا عن آرائهم، ونحن ندين بشدة تصرفات الحكومة الإيرانية». وبينما أشارت كلينتون إلى دعم «حقوق الإنسان» في إيران، حرصت على عدم الظهور وكأن الإدارة الأميركية تدعم المعارضة الداخلية الإيرانية مباشرة، قائلة «نعرف أن هناك الكثير من الحركة والنشاط داخل إيران التي نحاول أن ندعمها، لكن في الوقت نفسه لا نريد أن نضعف أو نضع هؤلاء الناس في خطر، كي لا تصبح مرة أخرى الولايات المتحدة هي التي تقوم بشيء، بدلا من أن تدعم الولايات المتحدة جهودا وطنية داخلية». وتابعت أن إيران «تحت ضغط كبير، والنتائج الأولى لتطبيق العقوبات تجعلهم يشعرون بالتبعات الاقتصادية، ونأمل أن ذلك سيقودهم إلى إعادة التفكير بموقعهم، ليس فقط من ناحية السلاح النووي بل صراحة تصدير الإرهاب». واعتبرت كلينتون أن إيران «تصدر الإرهاب»، ليس فقط «في المناطق الواضحة، مع حزب الله وحماس، بل أيضا تعمل على زعزعة استقرار دول كثيرة في المنطقة وخارجها، فقد قدموا في السابق الدعم والتمويل لعمليات إرهابية بعيدة، مثلما حصل في الأرجنتين»، في إشارة إلى تفجير معبد يهودي تتهم عناصر إيرانية بتنفيذه. وأشارت كلينتون إلى إمكانية حدوث انقلاب في إيران، قائلة «هناك تراكم حزين للأحداث داخل إيران، وأعتقد أنه في النهاية - ولا يمكنني تحديد وقت ذلك - سيرد الشعب الإيراني نفسه عليها». وأضافت «نريد أن نساعد، لكننا لا نريد أن نعترض الطريق، وهذا هو التوازن الذي نسعى من أجله».

واعتبرت كلينتون أن طريقة مواجهة الولايات المتحدة «للتحدي الإيراني» تعتبر «نموذجا للقيادة الأميركية»، مشيرة إلى التنسيق الأميركي مع دول حليفة، والعمل في إطار الأمم المتحدة، وإبقاء باب الحوار مفتوحا. واعتبرت كلينتون أن التحديات في السياسة الخارجية تستدعي العمل مع دول حليفة ودول بنت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما علاقات أفضل معها مثل الصين وروسيا. وأضافت أن الوقت الراهن يشكل «لحظة أميركية» في التاريخ، تقدم «تحديات وفرصا نادرة» لقيادة الولايات المتحدة. إلا أن كلينتون نبهت إلى أن هذه القيادة تعتمد على «التجديد الداخلي» ومعالجة الاقتصاد الأميركي من جهة، ومراعاة أسس الدبلوماسية الدولية من جهة أخرى. وقالت كلينتون «قدرتنا على القيادة العالمية تعتمد على بناء أسس قوية هنا، ولهذا السبب الدين المتزايد والبنى التحتية المتفتتة يشكلان تهديدا حقيقيا للأمن الوطني على المدى البعيد». أما في ما يخص الدبلوماسية الدولية، فأوضحت «لقد أصلحنا تحالفات قديمة وبنينا شراكات جديدة». ولفتت أيضا إلى دول «التنمية كمطلب استراتيجي واقتصادي وأخلاقي»، موضحة أن التنمية «محورية لتقديم المصالح الأميركية ولأهمية الدبلوماسية والدفاع». لكنها في الوقت نفسه أكدت على أهمية إبقاء «أحسن جيش في العالم»، أي الجيش الأميركي، قويا ونشطا.

ولفتت كلينتون في خطابها إلى أهمية «حماية الديمقراطية.. والصراع لجعل حقوق الإنسان واقعا إنسانيا». وأضافت أن «هذا العمل يبدأ هناك في وطننا، حيث رفضنا الخيار الزائف بين أمننا وقيمنا»، في إشارة غير مباشرة إلى سياسة إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش بتقليص حريات مدنية بحجة حماية الأمن القومي.

وتحدثت كلينتون أيضا عن محادثات السلام في الشرق الأوسط، قائلة «على مستوى محدد، إنها مفاوضات ثنائية بين شعبين، وعلى قطعة أرض صغيرة نسبيا، لكن من الواضح الآن أهمية الإطار الإقليمي، وحتى الإطار الدولي». وبينما أشادت كلينتون بدول الأمم المتحدة والرباعية الدولية والجامعة العربية، فإنها شددت على «ضرورة المشاركة الأميركية» في حل هذه القضية. واعتبرت كلينتون أن المتشائمين «مخطئون، لأنني أظن أن كلا الطرفين والقائدين (الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو) يعترف بأنه قد لا تكون هناك فرصة أخرى» للتوصل إلى حل الدولتين. وأضافت «أعلم صعوبة ذلك، وأعلم التداعيات السياسية الداخلية التي على كل قائد التعامل معها، ولكن أظن أن هناك حركة معينة، ولدينا بعض التحديات في المرحلة الأولى التي علينا أن نتخطاها، ولكني أعتقد أن لدينا فرصة حقيقية هنا».

وردا على سؤال بعد الانتهاء من خطابها عن السودان، حذرت كلينتون من أن «الوضع بين الشمال والجنوب قنبلة موقوتة تدق وهي في غاية الأهمية». وأضافت أن واشنطن تزيد من جهودها لجمع الأطراف المختلفة من شمال السودان وجنوبه والاتحاد الأفريقي «للتركيز على هذا الاستفتاء الذي لم يحصل على الانتباه الذي يحتاجه». وأضافت «نحاول أن نقنع الشمال والجنوب وكل الأطراف المهتمة باتفاق السلام الشامل أن يشاركوا في تحقيق» الاستفتاء الذي وصفت إجراءه بـ«الصعب جدا». لكنها أردفت قائلة «المشكلة الحقيقية هي ماذا سيحدث عندما يتحقق المتوقع ويصادق على الاستفتاء والجنوب يعلن الاستقلال؟»، مشددة على أهمية التوصل إلى اتفاق بين شمال وجنوب السودان قريبا «لتقليص احتمال اندلاع العنف».