الداخلية اليمنية: نخوض حربا مفتوحة ضد الإرهاب.. وخطة لعيد الفطر

هجوم جديد على جنود بالجنوب.. وصنعاء تسخر من مزاعم «القاعدة» بتحقيق «انتصارات» ميدانية

TT

لقي جندي يمني، أمس، مصرعه وجرح 3 من زملائه في أحدث الهجمات التي تستهدف رجال الأمن في جنوب البلاد، وقال شهود عيان إن مسلحين أطلقوا نيران أسلحتهم الرشاشة على دورية للأمن في مديرية مودية بمحافظة أبين الجنوبية التي تشهد، منذ أشهر، أكثر تلك الهجمات، قبل أن يلوذوا بالفرار.

وردت السلطات اليمنية وبصورة قوية وساخرة من «ادعاءات» تنظيم القاعدة بأنه أوقع ما لا يقل عن 50 قتيلا في صفوف قوات الأمن والجيش اليمنيين، خلال المواجهات التي جرت، بين الجانبين، أواخر أغسطس (آب) الماضي، في جنوب البلاد، وسخر مصدر أمني مسؤول، أمس، من زعم تنظيم القاعدة ونسبه لنفسه، سلسلة الهجمات التي استهدفت ضباطا في جهاز المخابرات وجنودا في الكثير من قوات الأمن اليمنية، خلال الأشهر الثلاثة الماضية، في جنوب اليمن.

وقال مصدر أمني يمني مسؤول إن ما ورد في البيان المنسوب لـ«القاعدة»، بهذا الخصوص، مجرد «هرطقات كلامية فارغة وادعاءات ببطولة مزعومة لا وجود لها على الواقع»، معتبرا إياها «محاولة بائسة للتغطية على الهزائم القاسية التي لحقت بهذه العناصر الإرهابية الضالة خاصة بعد الضربات الموجعة التي وجهت لها على يد أبطال قواتنا الأمنية والعسكرية في أكثر من مكان وآخرها ما جرى في مديرية لودر بمحافظة أبين»، حيث أكدت المصادر اليمنية أن عناصر القاعدة في لودر، تلقت «ضربات قوية، بعد أن تم محاصرتها وملاحقتها في جحورها، ولقي الكثير منها مصرعه أثناء المواجهات معها، كما تم استسلام وإلقاء القبض على الكثير منهم ويجري التحقيق معهم، حاليا، ومن تمكن منهم من الفرار كالجرذان الخائفة يجري ملاحقته حاليا من قبل الأجهزة الأمنية التي لن يهدأ لها بال حتى تلقي القبض على العناصر الإرهابية من تنظيم القاعدة وتقديمهم للعدالة لينالوا جزاءهم الرادع».

وأكد المصدر الأمني اليمني أن أجهزة الأمن «تخوض حربا مفتوحة لا هوادة فيها ضد هذه العناصر الإرهابية الإجرامية المنحرفة، التي أساءت للدين الحنيف وشوهت صورة الإسلام والمسلمين وأضرت بمصالح الوطن والمواطنين»، وأنها «ستعمل وبكل الوسائل على استئصال شأفة الإرهاب وتجفيف منابعه وتفكيك شبكاته وهي تواصل مهامها في هذا المجال وتحرز فيه النجاحات الملموسة».

وأشادت صنعاء بما سمته «تعاون الإخوة المواطنين في محافظة أبين، وفي عموم الوطن، مع الأجهزة الأمنية، في الاضطلاع بمهامها في الحفاظ على الأمن والسكينة العامة ومصالح المواطنين».

وعقب بيان منسوب لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، الذي يعتقد أن من يتزعمونه يحملون الجنسيتين اليمنية والسعودية، وجهت قيادة وزارة الداخلية اليمنية، إدارة أمن محافظة أبين الجنوبية، مرة أخرى، بـ «مضاعفة اليقظة الأمنية، خلال إجازة عيد الفطر المبارك، في مديرية لودر»، التي شهدت أحدث المواجهات المباشرة بين قوات الأمن والجيش وعناصر «القاعدة» في محافظة أبين، والتي تضع السلطات في صنعاء في حسبانها، أن تقوم عناصر مسلحة ممن يوصفون بـ «الخارجين على القانون»، و«يسمى بالحراك»، بالتسلل إليها و«التضامن مع العناصر الإرهابية من تنظيم القاعدة التي منيت بهزيمة ساحقة في المديرية»، وهي أحدث المواقف الرسمية اليمنية التي تربط بين الحراك الجنوبي وتنظيم القاعدة الإرهابي، وهو ما يلاقي نفيا من الحراك.

ورغم ذلك، فقد قالت مصادر يمنية رسمية لمركز الإعلام الأمني، الذي يتبع وزارة الداخلية إن هناك «تنسيقا بين ما يسمى بالحراك وعناصر تنظيم القاعدة»، وذلك من أجل «إضعاف الخناق الذي فرضته الأجهزة الأمنية على العناصر الإرهابية في مديرية لودر»، وشددت أجهزة صنعاء الأمنية، على «ضرورة مضاعفة اليقظة الأمنية في المديرية (لودر) والاستمرار في حملة ملاحقة عناصر تنظيم القاعدة وكل العناصر من الخارجين على القانون الذين يدورون في فلكهم وعدم السماح بقيام أي عمل يستهدف الأمن والاستقرار بمديرية لودر بشكل خاص ومحافظة أبين بشكل عام». وأعربت الداخلية اليمنية عن «ثقتها في قدرة الأجهزة الأمنية بالمحافظة في التصدي لكافة الجرائم التخريبية والإرهابية»، مشيرة إلى أن ذلك هو «ما أكدته حقا وفعلا، على أرض الواقع خلال المواجهات التي جرت خلال الفترة القليلة الماضية مع العناصر الإرهابية من تنظيم القاعدة والتي لقنتها الأجهزة الأمنية درسا قاسيا لن تنساه أبدا».

وكان، ما يسمى، تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، أعلن عن تبنيه لسلسلة هجمات مسلحة كانت شهدتها بعض المحافظات اليمنية الجنوبية والشرقية، خلال الأسابيع القليلة الماضية، وراح ضحيتها عدد من ضباط المخابرات ورجال الأمن. وقال التنظيم في بيان نشر على شبكة الإنترنت، إن عناصره «قاموا بسلسلة الهجمات تلك ضد من وصفهم بـ(جنود الردة في ولاية أبين)»، حسب وصفه، كما تبنى عمليات اغتيال أخرى استهدفت ضباطا بارزين في جهاز المخابرات اليمنية.

وكان البيان نفى مقتل بعض عناصر القاعدة في المواجهات التي دارت أواخر شهر أغسطس الماضي، مع القوات اليمنية ومسلحين من عناصر التنظيم، وزعم أن تلك المواجهات، أسفرت «عن مقتل أكثر من 50 عسكريا»، على غرار الرواية الرسمية التي تفيد بمقتل 11 عسكريا وقرابة 19 مسلحا من «القاعدة».

وكانت محافظات يمنية جنوبية، وبالأخص محافظة أبين، شهدت خلال الأسابيع الماضية، هجمات نفذها مسلحون مجهولون، كانوا يستقلون دراجات نارية وقتل فيها عدد من ضباط جهاز الأمن السياسي (المخابرات)، إضافة إلى استهداف رجال الأمن في بعض المدن اليمنية الجنوبية.

وفي الغالب، فقد وجهت السلطات اليمنية اتهاماتها إلى تنظيم القاعدة بالوقوف وراء تلك الهجمات، وأيضا عناصر في الحراك الجنوبي، الذي ينادي بما يسميه «فك الارتباط» بين شطري البلاد، الشمالي والجنوبي، والذي يتهم بالتحالف مع «القاعدة» والتورط في جل سلسلة الهجمات تلك، رغم نفيه لذلك.

واعتقلت السلطات اليمنية، مؤخرا، العشرات من المشتبه بانتمائهم لتنظيم القاعدة الإرهابي، على حد وصف الأوساط الدولية، وآخر قائمة جرى اعتقالها، في اليمن، كانت تضم 14 شخصا، فقط خلال أقل من أسبوعين.

وكانت السلطات اليمنية قالت إن 11 جنديا من عسكرييها، قتلوا في هجمات وقعت في 19 أغسطس بمديرية لودر في محافظة أبين على يد تنظيم القاعدة، وبعد أيام من المواجهات الشرسة، قالت وزارة داخلية صنعاء، إن أكثر من 19 عنصرا من تنظيم القاعدة، سقطوا قتلى في المواجهات التي تلت، تلك «الهجمات الإرهابية»، ثم أكدت اعتقال البعض واستمرار محاصرة وملاحقة البعض الآخر.

وتعد محافظة أبين، إحدى أبرز المحافظات اليمنية التي تشهد وجودا مكثفا لعناصر إسلامية متشددة من «القاعدة» والجماعات الجهادية وغيرها، وتتحرك بحرية شبه كاملة، كما يصف ذلك المراقبون.

إلى ذلك أقرت وزارة الداخلية اليمنية خطة أمنية خاصة أثناء إجازة عيد الفطر المبارك، وقالت قيادة الوزارة إنها «عممت على إدارات الأمن بالمحافظات وأمانة العاصمة خطة أمنية خاصة بعيد الفطر المبارك بهدف جعل الأمن جزءا متمما لبهجة العيد وفرحته». وأضافت أن الخطة الخاصة «ركزت على حماية الجبانات والمساجد والأماكن التي ستقام فيها صلاة عيد الفطر المبارك»، كما تركز خطة الداخلية اليمنية على «حماية الحدائق والمتنزهات والسواحل التي يؤمها المواطنون خلال أيام إجازة العيد، من خلال تسيير الدوريات الراجلة والراكبة إلى تلك الأماكن وبما يوفر للمواطنين المناخات الأمنية المناسبة التي تتفق وتتناسب مع فرحة المواطنين بالعيد».

وتضمنت خطة الأجهزة الأمنية اليمنية، في مختلف محافظات الجمهورية، مكافحة «ظاهرة الألعاب النارية»، و«ضبط باعتها وكذا الأشخاص الذين يستخدمونها»، وذلك بهدف «الحفاظ على السكينة العامة»، وأعطت الخطة «أهمية خاصة للحفاظ على الأموال والممتلكات واتخاذ الإجراءات المناسبة لمنع وقوع جرائم سرقة المنازل في المدن اليمنية».