إحسان أوغلي: حرق المصحف يهدد ثقافة التعايش.. ومتقي يتهم «الصهاينة» بالوقوف وراءه

صفير يعتبر الدعوة تعمق الانقسام *البابا شنودة يصف القس جونز بأنه بلا عقل *دعوات في لندن لإحراق العلم الأميركي

TT

تصاعدت التحذيرات العربية والإسلامية من عواقب خطط كنيسة بروتستانتية أميركية صغيرة مناهضة للإسلام لإحراق مصاحف غدا في ذكرى اعتداءات 11 سبتمبر (أيلول) 2001.

وأدانت الأمانة العامة لرابطة العالم الإسلامي دعوة القس تيري جونز، وحذرت من خطورة ذلك على العلاقات بين الشعوب في العالم.

ووصف الشيخ الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي، الأمين العام للرابطة، في بيان الإقدام على إحراق المصحف بأنه عدوان وقح على رسالة الإسلام واعتداء سافر على مسلمي العالم، وهم مليار ونصف المليار من الناس.

ووصف الدكتور التركي تصريحات القس تيري جونز، ومنها قوله «الإسلام من الشيطان»، بالوقاحة والتطرف، وأنها تصريحات تثير البغضاء والكراهية بين الناس.

وأعرب الدكتور التركي عن إشادة رابطة العالم الإسلامي والهيئات والمؤسسات والمراكز الإسلامية التابعة لها في أنحاء العالم، بمواقف التنديد والإدانة والاستنكار لما تعتزم فعله الكنيسة المذكورة التي عبرت عنها جهات كثيرة في العالم، بما فيها الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي والمجلس البابوي للحوار بين أتباع الأديان في الفاتيكان وعدد من الدول الأوروبية والكنائس العربية والعالمية التي نددت بنيات القس المذكور وخطط كنيسته، وبالإساءات البالغة إلى الحوار بين الأمم، وكذلك العلاقات بين أفراد المجتمع الأميركي، وهو مجتمع متعدد الأديان.

وطالب الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي المنظمات والمراكز والجمعيات الإسلامية في الولايات المتحدة باتخاذ الوسائل القانونية لمنع القس المذكور وكنيسته وأتباعه من ارتكاب جريمة حرق المصحف الشريف.

إلى ذلك أدان مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة، أمس، اعتزام جماعة متطرفة في أميركا إحراق نسخ من المصاحف الشريفة في ذكرى يوم 11 سبتمبر، مؤكدا أن هذا التصرف يدل على تعصب وعلى جهل بالإسلام وأخلاقه وتعاليمه وقيمه، وهو دعوة للحض على الكراهية، وعلى ازدراء الأديان وعلى إقصاء الآخرين.

واعتبر المجمع - في بيان صدر بهذا الشأن - أن هذا العمل محاولة للإساءة إلى المسلمين في أعز مقدساتهم، وجرح لمشاعر نحو ملياري مسلم في أنحاء العالم، وبداية حملة لبث روح العنصرية والتفرقة والتمييز بين الأميركيين من مسلمين وغير مسلمين، وهو بذلك يصادم الأنظمة المعمول بها في العالم، ويخالف عهود ومواثيق وقرارات الأمم المتحدة التي تحرم التمييز، وتدين احتقار الأديان والمقدسات.

وأعرب الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي، أكمل الدين إحسان أوغلي، أمس، عن «قلقه البالغ من التقارير التي تحدثت عن إصرار قس كنيسة في غينزفيل بولاية فلوريدا على قراره إحراق نسخ من المصحف الشريف، رغم ما خلفه قراره هذا من استنكار واسع النطاق في الولايات المتحدة وفي غيرها من بلدان العالم». وأضاف أوغلي، في بيان، أن «ثقافة التعايش السلمي والتسامح بين المجتمعات والديانات التي يحاول المجتمع الدولي إرساءها تتعرض للتهديد من متعصبين هامشيين ومتطرفين». وأعرب عن استيائه من أن «القس الذي يدعو إلى الدين اختار أن ينهج طريق الكراهية بإحراق الكتاب المقدس لدين من أعظم الأديان في العالم»، معبرا عن أمله في أن «يصغي القس في نهاية المطاف إلى صوت العقل فيرجع عن خططه، وهو ما من شأنه أن يساعد على تجنب وضع سيئ ومتقلب ومشحون في مختلف ربوع العالم».

وحذر رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، من أن يتخذ المتطرفون من قضية حرق المصحف ذريعة للمزيد من القتل. داعيا إلى العمل بكل السبل المتاحة لمنعه. كما أعربت الكويت والبحرين عن إدانتهما الشديدة.

واستنكر البابا شنودة الثالث، بابا المسيحيين الأرثوذكس في مصر، موقف القس جونز، مؤكدا أن الكنائس الأرثوذكسية بأميركا لا علاقة لها من قريب أو بعيد بهذه الممارسات. وقال البابا شنودة، إن «هذا القس ليس برجل دين، ولا يملك عقلا، لأنه بهذا الفعل المشين يسيء إلى الكنيسة ويخسر الآخرين».

وشنت المرجعيات الروحية المسيحية في لبنان حملة واسعة لشجب الدعوة لإحراق المصحف في الولايات المتحدة. وإذ شدد البطريرك الماروني نصر الله بطرس صفير على أن «هذه الدعوة مشجوبة وتحض على عمل مرفوض يشكل إسهاما في تعميق حال الانقسام والتباعد.

وفي مدينة أم الفحم، في إسرائيل، حذر الشيخ خالد مهنا، رئيس الدائرة الإعلامية في الحركة الإسلامية القطرية - الداخل الفلسطيني، في بيان من «خطة معدة سلفا تتزامن مع الحملة الصهيونية ضد الرموز والآثار والمقابر والمساجد الإسلامية وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك». وأكد أن «عملا كهذا سيكون سببا في القضاء كليا على التعايش السلمي بين الأديان الذي ظلت الأمم المتحدة.

وأدان وزير الخارجية الإيراني، منوشهر متقي، الدعوة، متهما «الصهاينة» بالوقوف وراء هذا الأمر، وفق ما نقلت عنه وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية.

من جهة ثانية قالت مصادر في لندن إن نشطاء إسلاميين في بريطانيا يعتزمون إضرام النار في العلم الأميركي أمام مقر السفارة الأميركية في لندن يوم 11 سبتمبر احتجاجا على خطة حرق نسخ من المصحف في اليوم نفسه.

وقال أنجم تشودري في تصريحات إنه يتوقع أن تقوم جماعات لها نفس التوجه بعمليات إحراق للعلم الأميركي في الولايات المتحدة وبلجيكا وأيرلندا ولبنان وإندونيسيا لتسليط الضوء على الاحتلال الأميركي لأراضي المسلمين.

وقال تشودري إنه لن يقوم مسلم أبدا بحرق الإنجيل أو التوراة لأن المسلم يؤمن بأنها كتب سماوية تحوي كلام الله، أما العلم فهو هدف مناسب.