باريس تنشط على خط دمشق ـ تل أبيب وتريد الاستفادة من «النافذة الدبلوماسية»

دعوة نائب رئيس الوزراء السوري للشؤون الاقتصادية لزيارة فرنسا

TT

لم يعلن السفير الفرنسي جان كلود كوسران بعد عن مشروع محدد لجولة يقوم بها في الشرق الأوسط، وتحديدا إلى سورية وإسرائيل وربما إلى تركيا، في إطار المهمة التي كلفه بها الرئيس نيكولا ساركوزي والتي تختصر بـ«البحث عن الظروف الملائمة لمعاودة المفاوضات» بين دمشق وتل أبيب. لكن المصادر الفرنسية تقول إن المشروع قائم، وإن باريس ترى أن استئناف المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية المباشرة «يسهل» العودة إلى التفاوض على الملف الآخر الذي تولته في السابق تركيا حتى حرب إسرائيل على غزة. وتعتبر المصادر الفرنسية أن باريس «مؤهلة» للعب الدور الذي لعبته تركيا في الماضي، وأن الرئيس ساركوزي شخصيا يريد الاستفادة من «الاستحقاقات الدبلوماسية» القريبة، ومنها القمة المتوسطية في برشلونة في العشرين من نوفمبر (تشرين الثاني) وقبلها انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، وما يمكن أن يرافقها من اتصالات عالية المستوى بخصوص الشرق الأوسط للدفع بهذا الاتجاه. وما يزيد من اندفاع باريس رغبتها في حضور سياسي في الشرق الأوسط، على الصعيد الفرنسي أو على المستوى الأوروبي. وبما أن الولايات المتحدة الأميركية «تفردت» بالإشراف على المفاوضات المباشرة، فإن الملف السوري - الإسرائيلي يمكن أن يوفر لها فرصة لعب الدور الذي تريده. ويعول ساركوزي على العلاقة «الجديدة» التي توصل إلى نسجها مع الرئيس السوري بشار الأسد وعلى «صداقته» لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو للمغامرة ومحاولة الحصول على شيء. فالاتصالات على خط باريس - دمشق «مفتوحة». وآخر تجلياتها الدعوة التي وجهتها وزيرة الاقتصاد الفرنسية كريستين لاغارد إلى نائب رئيس الحكومة السورية للشؤون الاقتصادية عبد الله الدردري لزيارة باريس، ومن المنتظر أن تتم في 22 الحالي وفق المعلومات التي توافرت في العاصمة السورية والتي لم تنفها المصادر الفرنسية التي سألتها «الشرق الأوسط» عن هذا الموضوع.

ويلعب الشق الاقتصادي دورا كبيرا في التقريب بين البلدين لا يقل أهمية عن الجانب السياسي - الدبلوماسي بعد «تجاوز» العقدة اللبنانية التي كانت تعيق الذهاب بعيدا في موضوع التقارب بين باريس ودمشق. وتعتبر أوساط رجال الأعمال أن السوق السورية «تذخر» بالفرص التي يتعين اقتناصها لا بل إنها يمكن أن تكون مدخلا للسوق العراقية. وبين الطرفين مواضيع كثيرة، إلى جانب العلاقات الثنائية والفرص المتوافرة تجاريا واقتصاديا، منها توقيع سورية اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي المؤجلة، وانضمام دمشق إلى منظمة التجارة العالمية وهي تعول في ذلك على دعم باريس.

وإذا كان ساركوزي يريد لقمة المتوسط التي سيرأسها مع نظيره المصري حسني مبارك وبالتنسيق مع رئيس الوزراء الإسباني خوسيه ماريا ثاباتيرو أن تنجح، وأن تتناول الملف الشرق أوسطي السياسي، فإنه بحاجة للرئيس السوري الذي حضر قمة المتوسط الأولى في باريس صيف عام 2008 التي شهدت إطلاق الاتحاد من أجل المتوسط. ومن العوامل التي تشجع باريس أن واشنطن «لا تعارض» دورا فرنسيا نشطا. وبحسب مطلعين على هذا الملف، فإن واشنطن أعربت عن «ارتياحها» له خلال اللقاءات التي طرح فيها هذا الموضوع إزاء رغبة باريس في أن «تنشط» على الملف.

غير أن المصادر الفرنسية التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» تعتبر أن العقدة «ليست في الشكل» أي في جمع الطرفين السوري والإسرائيلي في باريس أو في مكان آخر بوجود أو بغياب الوسيط التركي السابق بل في «المضمون» وتحديدا في «الضمانات» التي تريدها سورية قبل العودة إلى المفاوضات.