الموصل: عائلات تذرف الدمع في العيد حزنا على أبنائها المعتقلين

العراقيون يحتفلون في ظل إجراءات أمنية مشددة

TT

جلست كعادتها في صباح أول أيام عيد الفطر، أمس، وهي تنادي على أولادها لتناول إفطار الصباح، ودعتهم بأسمائهم.. أحمد ومحمود، غير أنها توقفت عندما وصلت إلى سامي ومسعود، وتذكرت أنهما معتقلان في سجون القوات الحكومية، ورفعت يديها للسماء، للدعاء بالإفراج عنهما، وامتنعت عن تناول الإفطار مع عائلتها من شدة تأثرها وحزنها لغياب ولديها.

وقالت أم أحمد، لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): «لا أتخيل هذا العيد وأبنائي بعيدون عني جراء الاعتقالات العشوائية التي لا ذنب لهما فيها، وأطلب من الله، سبحانه وتعالى، الإفراج عنهما وعودتهما إلى العائلة ليفرحوا جميعا بعيد الفطر». وأضافت: «أمر فظيع أن أتبادل التهاني مع الآخرين وأولادي معتقلون لأسباب واهية وغير حقيقية، ووفق دعاوى كاذبة»، وقالت: «كان الأجدر بالحكومة العراقية أن تبادر بإطلاق مجموعات من المعتقلين الأبرياء الذين لم تثبت الإدانة ضدهم، من أجل زرع البسمة والفرح على شفاه أهاليهم».

وتقضي مئات العائلات الموصلية أعيادها وأبناؤها يقبعون في السجون العراقية، جراء العمليات المسلحة التي شهدتها الموصل، والعمليات العسكرية التي قامت بها قوات الأمن، التي تخللها اعتقال مئات من أبناء المدينة.

وقالت أم علي، وهي امرأة طاعنة في السن: «أبكي كثيرا عندما أشاهد أحفادي الصغار الأربعة وهم ينادون عمهم (أين أبانا. لقد غاب عنا هذا العيد للعام الثاني على التوالي)». وأضافت: «منظر مؤثر للغاية لأن الأولاد يفرحون كثيرا مع الوالدين في أيام العيد، باعتبارهما من أوائل الأشخاص الذين يتبادلون التهاني معهم، لكن أحفادي لن يفعلوا ذلك بسبب اعتقال والدهم من قبل القوات العراقية، وهو رجل بريء»، وتابعت: «لا أتمكن من رؤية أحفادي الأربعة والحزن مرسوم على وجوهم، والدموع تتدفق على وجناتهم».

وكانت قوات عسكرية قد شنت حملات اعتقال في عملية عسكرية انطلقت مطلع شهر أغسطس (آب) 2009، أطلق عليها عمليات «سور نينوى»، اعتقل فيها مئات من أبناء المدينة، وتم نقلهم إلى معتقلات وسجون بغداد وفي سجن مطار المثنى، حيث تعرض البعض منهم لانتهاكات وأعمال تعذيب.

وقالت أم خالد: «لقد سئمنا الحياة بأكملها؛ فلا عيد يمر علينا إلا ونحن نذرف الدموع على أولادنا المعتقلين الذين لم نسمع عن أخبارهم أي شيء».

وأضافت: «لقد اعتقل أولادي الثلاثة وزوجي، وأنا الآن أعيش وحدي مع بناتي الخمس دون رجل يحمينا وعائل يسد احتياجاتنا، مما قادنا إلى أن نفقد الأمل في عودتهم لنا من جديد». وذكرت أن «المناسبة لدينا ليس لها قيمة، والعيد الحقيقي لنا هو أن يطلق سراح زوجي وأولادي، وإنهاء معاناتهم».

واحتفل غالبية العراقيين، شيعة وسنة، أمس بأول أيام العيد، في حين أعلنت مرجعية آية الله علي السيستاني أن أمس يعد متمما لعدة شهر رمضان. وهرع العراقيون في وقت مبكر من صباح أمس لزيارة المقابر وقراءة القرآن الكريم، ترحما على أرواح الموتى، وتوزيع الحلوى والأطعمة، بينما فتحت مدن الألعاب أبوابها أمام الجمهور للاحتفال بالعيد، في ظل إجراءات أمنية مشددة، وانتشار غير مسبوق لقوات الأمن في جميع الشوارع.

وأعلنت قوات الجيش والشرطة أنها اتخذت إجراءات أمنية مشددة، تحسبا لوقوع أعمال عنف تستهدف المواطنين خلال هذه المناسبة، وتم إبلاغ جميع نقاط التفتيش بضرورة التدقيق في إجراءات تفتيش الأشخاص والمركبات، وسد الثغرات أمام الإرهابيين، والاستعداد للرد عليهم بقوة، وبشتى الوسائل. كما منعت سلطات الأمن حركة الدراجات النارية بمختلف أنواعها طيلة عطلة عيد الفطر التي حددتها الحكومة العراقية، أول من أمس، وحتى الثلاثاء المقبل. وقال سمير خالد (26 عاما) أحد فراد الجيش العراقي: «منذ أيام ونحن في حالة انتشار بمناسبة عيد الفطر من أجل توفير الأمن والاستقرار للناس في الشوارع وبالقرب من الأسواق وأماكن الترفيه»، وأضاف: «سعادتنا كبيرة عندما نجد الناس في الشوارع يحتفلون بعفوية، من دون خوف من وقوع انفجارات».

وشوهد مئات الآلاف من العراقيين وهم يتدفقون إلى الشوارع لقضاء أوقات جميلة في المتنزهات وأماكن الترفية والمطاعم والمسارح والمناطق الأثرية منذ وقت مبكر من صباح أمس. كما شوهد العشرات من الفتيان على شكل مجموعات منفصلة وهم يرتدون أزياء حديثة تواكب أحدث الموديلات العالمية، ويحملون أجهزة موسيقية وطبولا ومزامير، ويرددون أغاني شعبية وحديثة لمشاهير المطربين، يرافقها أداء رقصات جميلة تحظى بتشجيع الحضور.