أوباما يطرح سيناريو المفاوضات وتناقضاتها في حديث مع رجال دين يهود

أشار إلى أن الفلسطينيين والإسرائيليين قد يبدأونها بقضية الحدود أولا لتجاوز عقبة المستوطنات

TT

أجرى الرئيس الأميركي، باراك أوباما، محادثات هاتفية كثيرة مع رجال دين يهود كبار من حملة الجنسية الأميركية بمناسبة رأس السنة العبرية، تطرق خلالها إلى المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين. فقال إن الولايات المتحدة واعية لحقيقة أن هذه المفاوضات ستشهد طلوعا ونزولا بل ستشهد عدة أزمات، ولكنه أعرب في الوقت نفسه عن ثقته بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، والرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، يتمتعان بالمرونة اللازمة لإنجاحها.

وقال أحد قادة رجال الدين اليهود الذين تكلم أوباما معهم، إن الرئيس الأميركي، لفت نظرهم إلى أنه في الشهور القادمة سيسمعون تصريحات إسرائيلية وفلسطينية لا تتلاءم مع روح مفاوضات السلام الجارية بينهما. وطلب منهم أن لا يتأثروا من ذلك. وأضاف: «كل قائد من الطرفين، سيحاول إسماع التصريحات الاستفزازية التي تجعل الدماء تغلي في عروق الطرف الآخر، وذلك بهدف إرضاء جمهوره الانتخابي والتخفيف من المعارضة الداخلية للمفاوضات لديه. ولكن في الحقيقة، إن نتنياهو وأبو مازن جادان في التوجه إلى العملية السلمية ومعنيان بتقدمها وسيبديان على طاولة المفاوضات مرونة كبيرة، حتى يتوصلا إلى اتفاقية إطار. فهذا هو طابع المفاوضات حول قضايا مصيرية في عصرنا، ونحن مستعدون لمواجهة ذلك». وأضاف أن نتنياهو وأبو مازن «أكدا لي أنهما مستعدان، كل من طرفه، لتقديم تنازلات للطرف الآخر ومساعدته في مجابهته للمعارضة».

وكان أوباما قد صرح في مؤتمر صحافي في واشنطن، أول من أمس، بأن موضوع تجميد البناء الاستيطاني ما زال عقبة أمام التقدم على طريق المفاوضات. وأنه شخصيا نصح نتنياهو بأن يواصل تجميد البناء ما دامت هناك مفاوضات جادة من أجل السلام. وفي حديثه مع رجال الدين اليهود الأميركيين، قال إن «هناك تسوية معقولة ومنطقية جدا لهذا الموضوع، ألا وهي الاسراع في المفاوضات حول حدود الدولة الفلسطينية: فعندما تعرف الحدود بموافقة الطرفين، سيكون طبيعيا أن يبني الإسرائيليون في المستوطنات التي ستتبع دولتهم، وأن يمنع البناء في المستوطنات التي ستهدم لأنها تقع داخل تخوم الدولة الفلسطينية».

يذكر أن نتنياهو وأبو مازن سيلتقيان في نيويورك، قبل نهاية سبتمبر (أيلول) الحالي، على هامش جلسات الدورة الجديدة للجمعية العامة للأمم المتحدة. وسيلتقي بهما أوباما أيضا. وسيكون الموضوع الأبرز، موضوع تجميد البناء الاستيطاني. كما ستعقد اللجنة الرباعية الدولية (الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا)، اجتماعا بحضور إسرائيلي وفلسطيني بغية بحث السبل لإنجاح المفاوضات. ومن المحتمل أن يلتقي هذا الوفد مع ممثلين عن الدول العربية أيضا.

الى ذلك، ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، في موقعها الإلكتروني، أمس، أن عددا من كبار المسؤولين الأميركيين ذوي التجربة في إدارة مفاوضات إسرائيلية فلسطينية في الماضي، قدموا عدة نصائح وملاحظات للرئيس أوباما حول السبل الكفيلة لإنجاح المفاوضات، وذلك من خلال تجاربهم الماضية وضرورة الإفادة من الأخطاء السابقة. ومن بين هؤلاء، مارتن إنديك، السفير الأميركي الأسبق دى سورية وإسرائيل والمستشار الكبير في عهد الرئيس جورج بوش. فقد أشار إلى أن «المفاوضات ستكون مصحوبة بنشاطات إرهابية، فاحرص على تشجيع وإبراز التعاون الأمني بين قوات الأمن الفلسطينية والإسرائيلية». وأكد على ضرورة بدء المفاوضات بتحديد حدود الدولة الفلسطينية حتى يسهل تخطي عقبة تجميد أو استئناف البناء في المستوطنات. ودعاه إلى ضم أكبر عدد من الدول العربية إلى مسيرة المفاوضات والحذر من إيران وأذرعها. كما نصح إنديك أوباما أن يظل واعيا لاحتمال أن يكون الرد النهائي للفلسطينيين سلبيا.

أما روب مالي، الذي شغل منصب مساعد الرئيس الأسبق، بيل كلينتون، فلفت نظر أوباما إلى مشكلة أساسية تواجه هذه المفاوضات وهي أنه على الرغم من الخلافات الكبيرة في مواقف الإسرائيليين، فإن نتنياهو يتمتع بإجماع قومي في إسرائيل، بينما الفلسطينيون ممزقون إداريا وتنظيميا، على الرغم من أنهم جميعا يؤمنون بالتسوية على أساس دولتين للشعبين.