قس متعصب.. في مواجهة مدينة غاضبة

جعل مدينتهم تسوء سمعتها وتتصدر التغطيات الإخبارية

TT

اعتادت ستيفاني جورج أن ترى أعضاء كنيسة «دوف ورلد أوتريتش سنتر» في متجر داخل مقاطعتها يرتدون تي شيرتات عليها عبارة «الإسلام من الشيطان». ولكن في يوم الجمعة، ذهبت مع صديقتها ليندا ديلون باركرا إلى «دراغوفلاس غرافيكس» لطلب العشرات من القمصان عليها عبارة مختلفة: «الحب، وليس دوف».

ويأتي التصميم في حد ذاته مضادا للقس تيري جونز وكنيسته وتهديده – المعلق حاليا – بأن يقوم بحرق نسخ من القرآن يوم السبت الموافق الحادي عشر من سبتمبر (أيلول).

لقد اشتهر جونز في مختلف أنحاء العالم. ولكن قاطنو هذه المدينة الواقعة في وسط ولاية فلوريدا يتعاملون مع تصرفاته بصورة شخصية وبغضب شديد، إذ ينظرون إليه كشخص من جيرانهم جعل مدينتهم تسوء سمعتها وتتصدر التغطيات الإخبارية.

فعلى كل، تعد غينسفيل مدينة تحتوي على جامعة كانت حتى أشهر قليلة ماضية معروفة ببطولات كرة القدم الجامعية ومغنيِ روك مثل توم بيتي.

وتعتبر غينسفيل مدينة تقدمية بها عمدة شاذ جنسيا وأعضاء لجنة المدينة من الحزب الديمقراطي، ويعيش فيها 115.000 شخصا، ويوجد فيها محلات أنيقة يبدو أنها تتجاوز في عددها محلات السلاح. ويقول سكان غينسفيل إنه من الممكن أن يأتي المتعصبون من أي مكان، ولكن لماذا جاء هذا الرجل من هنا؟

وقال لاري ويلكوكس (78 عاما) بينما كان يقرأ الصحيفة في مطعم «بانرا» المحلي: «إنه لا يمثل المجتمع (هنا)، ومن الواضح أن هذا الشخص يبغي الشهرة وهو غريب الأطوار».

ويوم الجمعة، حول جونز من جديد الحديقة داخل «دوف» إلى مكان عرض مسرحي، ظهر فيه عشرات المصورين ومناصرون وصلوا أخيرا ومن بينهم واحد كان في البحرية ارتدى زيا مموها ورفع العلم الأميركي وطلب من المسلمين الاعتذار للبحرية بسبب تفجير ثكنات البحرية في عام 1983، مما أدى إلى مقتل 241 فردا في الخدمة داخل بيروت.

ويقول لاري ريمر، راعي «يونايتد تيشيرش» داخل غينسفيل: «إنه شيء مثير للإحباط». وقبل الظهر، كان يقف على باب «دوف» مع 8048 توقيعا وتعليقا من 97 دولة، وجميعها يطلب من جونز إلغاء خطته لحرق نسخ من القرآن بصورة نهائية. ويقول ريمر إن أفرادا من مختلف أنحاء العالم اتصلوا به وأرسلوا إليه رسائل عبر البريد الإلكتروني يعرضون مساعدة غينسفيل على مواجهة جونز. وقال العمدة كرايغ لو إنه وصلته الكثير من المقترحات أيضا.

وقال أحد السكان إنه من المحتمل أن يقاضي المدينة أو جونز حتى يضطر المجتمع إلى الذهاب إلى المحكمة والحديث عما وقع. واقترح شخص من خارج المدينة استخدام الحرس الوطني من أجل وقف جونز وثنيه عن حرق نسخ القرآن.

وقال العمدة لو خلال مقابلة أجريت معه: «كمية الرسائل التي وصلتنا عبر البريد الإلكتروني مهولة، إنها تبلغ رسالة كل ثانية تقريبا».

ويفكر البعض في مواجهة مباشرة، ووقف جوز سوتو، وهو قيادي لدى جمعية طلاب من أجل مجتمع ديمقراطي، في جامعة فلوريدا أمام دوف ظهيرة يوم الجمعة مع مجموعة من الطلاب ورددوا هتافات ضد «دوف أوتريتش». وقال إن مجموعته كانت تفكر في تتبع قادة دوف عندما ارتدوا تي شيرتات عليها عبارة «الإسلام من الشيطان»، وأحاطتهم بلافتات يكتب عليها «مروجو الكراهية».

وعرض جون إسبوسيتو، وهو أكاديمي متخصص بالشؤون الدينية والدولية داخل جورج تاون عمل مستشارا لوزارة الخارجية الأميركية، حلا آخر. وقال إنه يجب أن يقف السياسيون ووسائل الإعلام وجميع من في غينسفيل عن الحديث ضد حرق نسخ من القرآن وتحويل جهدهم ضد جميع ما لا يتحلى به جونز. وقال: «يجلب علينا أن نوصل الجانب الإيجابي في رسالتنا التي تعرف بنا، وبعد ذلك سيضرب هذا مثالا للآخرين داخل مجتمعنا الذين ربما يقفون موقف المتفرج». وربما يكون هذا تحديدا هدف «دراغون فلاي». فعلى مدى 24 عاما، تقوم هذه الشركة الصغيرة المكونة من أربعة أفراد (بمساعدة من والدة المالكة) بطبع تي شيرتات لصالح شركات وطلاب وفعاليات وكنائس. وتقول جوي ريفلز، المالكة، إنه كانت تطبع أشياء على تي شيرتات لصالح «دوف» قبل العام الماضي، عندما وضع جونز لافتة خارج كنيسته كتب عليها «الإسلام من الشيطان».

وتقول: «اتصل بي من أجل تي شيرتات» عليها الشعار، وهي تي شيرتات ارتداها الأعضاء الصغار في الكنيسة العام الماضي خلال ذهابهم إلى المدارس وتطورت إلى زي رسمي العام الحالي. ولكنها رفضت ذلك. ويوم الجمعة، وبعد أن رأت العاصفة التي خلقها جونز، قررت القيام بشيء. وبدا بالنسبة إليها أن شعار «حب، وليس دوف» (Love Not Dove) شعار جيد. وجعل فنان الغرافيك الذي يعمل معها ويدعى جوش هوي (24 عاما) الشعار على شكل حمامة تعاني.

وبعد ذلك تحولت ريفلز إلى أغنية مفضلة لكوستلو (كتبها نيك لو) تضع السلام والحب والتفاهم في مقابل افتتاحية تقول: «بينما كنت أمشي في هذا العالم الشرير أبحث عن النور في ظلمة الجنون». رأت أن هذا شيئا جيدا، وقامت بطباعة ذلك على 200 تي شيرت لاختبار الطلب على ذلك، وطلبت تبرعات. وبداية من مساء يوم الجمعة، خرج من عندها أكثر من 1000 تي شيرت.

ومع حلول الليل يوم الجمعة، كانت ريفلز – التي تبدو أصغر من عمرها البالغ 50 عاما – تعمل مع هوي. وظهر غرباء وأصدقاء يطلبون تي شيرتات. ذهب واحد، وستة آخرون، وبعد ذلك اثنا عشر شخصا. وتقول ريفلز: «بغض النظر عما يقوم به جونز، يبقى الوضع على ما هو عليه داخل مجتمعنا».

* خدمة «نيويورك تايمز»