اجتماعات الوكالة الدولية تتأرجح بين إدانة إسرائيل واتهامات بأنشطة إيرانية وسورية

توقعات بمناقشات حادة وانقسامات بين الأعضاء

TT

ما بين سندان اتهامات بأنشطة نووية إيرانية وسورية غير معلن عنها ومطرقة اتهامات بغض الطرف عن ترسانات إسرائيلية نووية مسكوت عنها، يبدأ مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بمقر الوكالة بالعاصمة النمساوية فيينا هذا الصباح، جلسات اجتماع دوري يحظى باهتمام خاص لكونه سابقا لجلسات اجتماع سيعقده المؤتمر العام للوكالة ولما تتضمنه أجندته من قضايا تختلف حولها مواقف دوله الأعضاء (35 دولة) اختلافا حادا يهدد بشق صفوف إجماع قراراته التي تعتبر أهم قرارات تصدر عن الوكالة الدولية المسؤول الأول عن كل الأنشطة النووية في العالم ولها 151 دولة عضوا.

وتتصدر أجندة اجتماع المجلس الذي تتوقع مصادر«الشرق الأوسط» أن يشهد نقاشا حادا حتى نهاية الأسبوع بحث تقارير رفعها للمجلس، الأسبوع الماضي، مدير عام الوكالة وتتضمن آخر ما وصلت إليه الوكالة من معلومات عن قضية الملف النووي الإيراني وقضية الملف النووي السوري بجانب تقرير هو الأول من نوعه منذ عام 1990 بعنوان القدرات النووية الإسرائيلية اقتصر على 3 صفحات ولم يتضمن غير الإعلان عن فشل الوكالة في الحصول على أي معلومات عن الأنشطة النووية الإسرائيلية وذلك لكون إسرائيل غير موقعة على اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية وبذلك فإنها على الرغم من عضويتها في الوكالة الدولية غير ملزمة بفتح منشآتها للمفتشين الدوليين.

من جانب آخر ضمن مدير عام الوكالة، الياباني يوكيا أمانو، التقرير تفاصيل بأسماء من التقاهم من مسؤولين إسرائيليين خلال زيارة قصيرة قام بها لإسرائيل الشهر الماضي بغرض إقناع أولئك المسؤولين بضرورة توقيع إسرائيل على اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية لا سيما أنها الدولة الوحيدة بمنطقة الشرق الأوسط التي لم توقع على تلك الاتفاقية الملزمة بوضع كل المنشآت النووية للدول الموقعة تحت رقابة الوكالة.

ومعلوم أن مؤتمر عام الوكالة في دورته في سبتمبر (أيلول) العام الماضي كان قد أجاز قرارا بالتصويت يلزم المدير العام برفع تقرير عن القدرات النووية الإسرائيلية كما يلزم بإضافة بند تحت العنوان ذاته لاجتماعات مجلس المحافظين مما اعتبر انتصارا كبيرا للمجموعة العربية التي تؤكد أن إسرائيل بتجاهلها للقرارات الدولية هي التي وضعت نفسها موضع العزلة والإدانة.

هذا وتشير متابعات «الشرق الأوسط» إلى أن المجموعة العربية بصدد تقوية ذلك القرار بقرار آخر جديد يتوقع أن تعرضه على مؤتمر عام الوكالة في دورته الأسبوع المقبل وذلك على الرغم من مساع أميركية وغربية لإفشال هذا المسعى بدعوى أن مواجهة إسرائيل وانتقاءها والاستمرار في توجيه الاتهامات إليها سيجعل من الصعب على الحكومة الإسرائيلية اتخاذ قرار بالمشاركة في المؤتمر الذي اتفق على عقده بالقاهرة 2012 لبحث إمكانات جعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من السلاح النووي.

وفي هذا الصدد كان السفير غلين ديفيز، مندوب الولايات المتحدة الأميركية لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قد كشف في حوار سابق مع «الشرق الأوسط» عما يقوم به من محاولات لإقناع سفراء المجموعة العربية بالوكالة ودعوتهم لسحب ذلك القرار وعدم المضي قدما في اتجاه البيانات والإدانات التي في رأيه قد تنفع كمانشيتات وخطوط عريضة للصحف وقد تتصدر نشرات الأخبار لكنها حتما لن تؤدي لاتفاق مع إسرائيل بموجبه يحقق العرب هدفهم من أجل شرق أوسط غير نووي. فيما أكدت مصادر غربية لـ«الشرق الأوسط» أن المجموعة الغربية لن تسمح أن تتزحزح أولويات المجلس عن التركيز على قضيتي إيران وسورية لتصبح الأولوية لهجوم انتقائي ضد إسرائيل.

من جانبه كرر المندوب الإيراني لدى الوكالة الدولية، السفير علي أصغر سلطانية، في حديث أخير مع «الشرق الأوسط» تنديده بمحاولات غربية يرى أنها تهدف لتسييس الوكالة الدولية مما يسيء لدورها كمحفل تقني فني متخصص غرضه تحقيق أمان نووي. مطالبا بضرورة تركيز جهد الوكالة وإمكاناتها للتحقق والتحري حول الأنشطة النووية الإسرائيلية بدلا عن غض البصر عن الترسانة النووية الإسرائيلية التي تمثل في رأيه مصدر التهديد الوحيد بمنطقة الشرق الأوسط. مناديا ليس فقط بإغلاق قضية الملف النووي الإيراني وشطبها باعتبار أن إيران قدمت للوكالة الدولية كل ما لديها من معلومات وتعاون وفق اتفاقات الضمان المعقودة بينهما بل مضى مطالبا الوكالة بترك سورية وشأنها. مشيرا إلى ضرورة أن تركز الوكالة على التحقق والتفتيش على قضية الصواريخ الإسرائيلية التي دكت موقع دير الزور السوري، مؤكدا أن تلك الصواريخ التي تعدت على حرمة دولة عضو في الوكالة هي مصدر التلوث النووي الذي اكتشفه مفتشو الوكالة في زيارتهم اليتيمة في أغسطس (آب) 2008 لموقع دير الزور. ونفى أن يكون ذلك التلوث نتيجة أنشطة نووية سورية خفية كما تشك الوكالة وتدعي إسرائيل وحلفاؤها الغربيون.

في المقابل يواصل المسؤولون السوريون سياسة الصمت المطبق وعدم التعليق بدعوى أن لا جديد. متمسكين بإعلانهم الأولي أن سورية قدمت للوكالة كل ما بحوزتها من معلومات وأن منطقة دير الزور أمست منطقة عسكرية يمنع الاقتراب منها على الجميع بما في ذلك المفتشون الدوليون التابعون للوكالة مما يعني أن سورية لن تمنحهم تصريحا بزيارة ثانية للموقع كما لن تسمح لهم بأخذ عينات من ركامه حتى ولو تكررت الدعاوى والاتهامات التي تشير أن التحقيقات التي تقوم بها الوكالة الدولية لم تكتمل بعد وأن ما كان يدور في موقع دير الزور قبل تدميره بواسطة هجوم صاروخي إسرائيلي عام 2007 لا يزال مجهولا مما يستدعي مزيدا من التعاون والشفافية السورية لتتضح الحقائق بجلاء.